مع الإعلان عن توقيع اتفاق التعاون بين الصين وإيران، أثيرت تساؤلات ومخاوف حول تبعات هذا الاتفاق، لا سيما على منطقة الشرق الأوسط في ظل سلوك إيران المزعزع لاستقرار الخليج.
فالصين تسعى لتعزيز نفوذها في المنطقة، ولكن هل تضحي بعلاقاتها مع القوى الخليجية الأخرى؟ أم ستنجح في تحقيق التوازن بين الجانبين؟
أما طهران فتسعى للاستقواء بالصين في مواجهة الولايات المتحدة، ولكن هل ستستغل هذا الاتفاق لتصعيد سياساتها العدائية تجاه جيرانها في الخليج العربي، وربما تريد تخفيف تداعيات الأزمة الاقتصادية وضخ استثمارات لإنعاش الاقتصاد الذي تأثر تأثرًا مزدوجًا بالعقوبات الأمريكية من جهة وتداعيات فيروس كورونا من جهة أخرى، ما يؤدي لتحسن صورة النظام الحاكم وتخفيف حدة المعارضة الداخلية.
وفي 2016 وافقت الصين، أكبر شريك تجاري لإيران، على زيادة التبادل التجاري بين البلدين إلى 600 مليار دولار خلال العقد المقبل، إضافة إلى نشر 5 آلاف من عناصر الأمن الصيني.
وكان الرئيس الإيراني السابق، محمود أحمدي نجاد، قد كشف في يونيو/ حزيران الماضي، جزءا من الاتفاقية التي وصفها بـ”السرية”، ولكنه قال إن القائمين لم يستشيروا الشعب الإيرني.
وناقش ذلك الملف ضيوف برنامج (مدار الغد) الذي يعرض عبر شاشتنا لمعرفة ما هو هذا الاتفاق أو خارطة الطريق مع إيران.
الوقود
ومن بكين، قال الدكتور تونج جاو الباحث بمركز كارنيجي للسياسة العالمية، إن هذه الاتفاقية قد تؤدي إلى تأمين ضخ الوقود إلى الصين في ظل زيادة الاقتصاد الصيني.
كما أكد تونج جاو أن الصين تريد أن تحسن وتزيد تواجدها في الشرق الأوسط، وذلك عن طريق إيران التي تمثل لها شريكا مهما جدا، لافتا إلى أن بكين تريد التعاون العسكري والأمني أيضا.
وأوضح تونج جاو، أن بكين تأمل في علاقات أكثر متانة مع طهران في مجال محاربة الإرهاب.
الأمن الصيني
ومن طهران، أكد الدكتور حسين ريوران، الأكاديمي والباحث في العلاقات الدولية، أن الصين وإيران تقومان بعمل مناورات عسكرية بين البلدين.
وأوضح ريوان أن 5 آلاف من عناصر الأمن الصيني سيتمركزون في مناطق استثمارات صناعية بالقرب من مدينة بندر جاسك.
الاتفاق النووي
وفيما يتعلق بعودة المباحثات الأمريكية الإيرانية حول الاتفاق النووي، قالت كيلي هيمان، الخبيرة الإستراتيجية، إنه يجب على الجميع الانتظار لمعرفة المزيد خلال الأيام المقلة.
وأضافت هيمان أن الرئيس الأمريكي جو بايدن يريد التفاوض مع إيران بالفعل، مؤكدة أن هذا الاتفاق إذا ما حدث سيكون خطوة نحو مزيد من الاستقرار في الشرق الأوسط.
أعداء إيران
وفي السياق ذاته، أكد الدكتور فواز العنزي، الباحث في الشئون السياسية والاستراتيجية، أن الصين استغلت السياسة الخارجية للولايات المتحدة، وكانت هناك فجوة بين دول الخليج وواشنطن.
وأضاف العنزي، أن الصين تربطها علاقات جيدة أيضا مع الدول العربية، مؤكدا أن إيران أصبحت أشبه بالسفينة الغارقة وعلاقات دول المنطقة مع الصين لن تتأثر بعد تعاونها مع طهران.
كما أوضح العنزي أن أعداء إيران كثيرون، وليس لها مصداقية في الإقليم وأصبحت تعيش في عزلة، خاصة أن الصين كبقية الدول تبحث عن مصالحها.
ومن عمان، قال الدكتور نبيل العتوم الخبير في الشؤون الإيرانية، إن الاتفاق يأتي في وقت صعب للغاية، حيث تتزايد الصراعات إقليميا، مشيرا إلى أن الصين تصب الزيت على النار، وتسعى إلى تأجيج الصراعات في المنطقة.
كما أكد العتوم، أن تقوية إيران يعني تقوية أذرعها الموجودة في المنطقة، كاشفا أن الحرس الثوري الإيراني هو الذي يدفع الأمور باتجاه ضرورة إبرام هذا الاتفاق حتى يمر بصيغته الدستورية عبر مجلس الشورى الإيراني.
وأشار العتوم إلى أن الإيرانيين يهدفون إلى تخفيف من حدة العقوبات المفروضة عليها من الولايات المتحدة الأمريكية، وتعزيز التعاون في مجال الصناعات العسكرية.
ووفقا لتسريبات بشأن هذه الاتفاقية، فإن الصين سوف تستثمر في قطاعات مختلفة داخل إيران مقابل الحصول على النفط بأسعار مخفضة وذلك خلال المدة التي تنص عليها الاتفاقية.
وستعمل الصين على تلك الاستثمارات الضخمة في الأراضي الإيرانية، بالإضافة إلى تطوير التعاون الاستخباراتي والعسكري، في وقت تشير التسريبات إلى أن بكين ستشيد قاعدة عسكرية في جزيرة كيش الإيرانية، وفقا لتقرير نشرته مجلة “بتروليوم إيكونيميست”، وهي معلومات كانت طهران تنفيها.
