على مدار معظم سنوات عمره حاول جهاد أبو جاموس، (30 عاما) آخر شهداء مسيرة يوم العودة الكبرى، توفير لقمة عيشٍ كريمٍ لعائلته الكبيرة الفقيرة، ولأنه لاجئٌ سلب الاحتلال أرضه ومقومات حياته الأساسية يحلم بالعودة على مدينة بئر السبع المحتلة، شارك كبقية اللاجئين في مسيرة العودة الكبرى على طول الحدود الشرقية لقطاع غزة على أمل أن يتحول حلم العودة إلى حقيقة.
أوضاع معيشية صعبة:
تعيش أسرة أبو جاموس ظروفاً إنسانية وصحية ومعيشية بالغة التعقيد والبؤس حيث يعاني والده وشقيقاته الأربع فقدان البصر، إضافة إلى إصابة أمه بمرضي السكر واضطراب ضغط الدم، ليضطر جهاد لتحمل المسؤولية مبكراً، وتصبح حياته رحلة شقاء وعمل لتوفير احتياجات عائلته، حتى انتهت حين سقط شهيدا على أرض غزة.
حياته الخاصة:
آلام جهاد لم تقتصر على معاناة والديه وشقيقاته‘ إذ أنه كان أبا لخمسة أطفالٍ، يعيش في غرفةٍ متواضعة تفتقر للكهرباء والمياه. وظل يعمل بجد رغم أنه لا يجني من عمله في جمع الزلط (الحصى) سوى 30 شيكل يوميا يحيا عليها بيتٍ فيه أب و4 شقيقات فاقدون للبصر، وأم مريضة وزوجة و5 أطفال صغار .
المعيل والابن البار :
وعبرت والدة الشهيد جهاد عن حزنها لفقدان ابنها، وقالت إنه كان المعيل الوحيد لأسرته التي تعيش ظروفاً صعبة، وأضافت: إن جهاد كان باراً بها وبأبيه الكفيف، وشقيقاته الكفيفات، وكان يبذل كل ما بوسعه من أجل تأمين قوتهم واحتياجاتهم.
ورغم الحزن الذي أصابها نتيجة فراقه إلا أنها تشعر بالفخر كون ابنها سقط شهيداً دفاعا عن تراب بلاده في وجه احتلال ظالم لا يرحم.
قتل بدم بارد:
ويقول حسن أبو جاموس، عم الشهيد: “إن العالم ينظر إلى معاناة الشعب الفلسطيني وأبنائه الذين يقتلون بدم بارد دون ذنب اقترفوه سوى مطالبتهم بحقهم بشكل سلمي بالعودة إلى مدنهم وقراهم لكن الاحتلال واجههم بالقتل والاستهداف بشكل مباشر”.
ويضيف أن المجتمع الدولي ومجلس الأمن لم يستطيعا إدانة إسرائيل على جرائمها بحق المدنيين العزل، وطالب الفصائل الفلسطينية بضرورة التوحد من أجل التفرغ لمواجهة الاحتلال الذي يقتل ويحرق ويدمر كل ما هو فلسطيني.
فيما يقول محمد النجار خال الشهيد: “جهاد كما عهده كل من عرفه رجل يحظى بحب واحترام من حوله، وهو دمث الأخلاق وحسن السيرة، لم يتوان يوما عن تقديم المساعدة لجيرانه وأقاربه”.
ويضيف: قبل أيام من استشهاده طالب ابن عمه بتعجيل زواجه لكى يفرح له؛ لكنه لم يكن يعلم أن عرس استشهاده سيكون قبل عرس ابن عمه، ليغادر من حوله تاركًا إياهم غارقين في دموعهم وحسرتهم على فقدانه.
رصاصة واحدة من بندقية قناص اسرائيلي قاتل كانت كفيلة بإعدام الأمل لعائلة الشهيد جهاد النجار التي كانت تعتمد عليه خاصة أنه الوحيد المبصر بين إخوته. شيع جهاد إلى مثواه الأخير في مقبرة الشهداء وظلت عشرات الأسئلة تتردد حول مصير العائلة المكلومة وحول أبناء جهاد وكيف سيتدبرون أمرهم بعد رحيل الأب والاخ والمعيل الوحيد.
