وصفت الدوائر المالية والاقتصادية في الجزائر الوضع الاقتصادي بأنه أصبح في «الخانة الحمراء» بعد أن كشفت الأرقام والمؤشرات الرسمية، المنشورة من قبل الديوان الوطني للإحصاءات أن كل معطيات الاقتصاد الوطني في منتصف العام الثاني منذ بداية أزمة انهيار أسعار النفط تتجه نحو الأسفل بشكل متسارع، في وقت لم تتمكن التدابير الحكومية المتخذة ضمن قانون المالية 2016، ولا الإجراءات التي تلتها، من السيطرة على هذه الوتيرة أو التقليل من سرعتها. إذ تبقى أرقام النمو متراجعة ونسب التضخم في ارتفاع مستمر.
وتشير أرقام الديوان الوطني للإحصاءات، إلى أن معدل النمو الاقتصادي العام تراجع إلى 3.6 في المائة، وانخفضت نسبة النمو خارج قطاع النفط والمحروقات إلى 3.8 مقابل نسبة 5.1 في المائة في نفس الفترة من 2015. كما تراجعت القيمة المضافة في قطاع الزراعة، بنسبة 4.8 في المائة مقابل 6.3 بالمائة خلال الثلاثي الأول لسنة 2015. وبالمقابل، سجل الناتج المحلي الخام الصناعي تراجعا في معدل نموه، حيث بلغ 5 بالمائة، مقابل نسبة 6.1 في المائة العام الماضي.
ووفقا لتقرير صحيفة الخبر الجزائرية، واصل الدينار الجزائري منحاه التنازلي نحو أدنى مستوياته منذ استقلال الدولة سنة 1962 وفقدان قيمته أمام باقي العملات الأجنبية خصوصا الدولار الأمريكي والعملة الأوروبية الموحدة، حيث سجل انخفاضه ، رقما قياسيا جديدا، بلغ نحو 110.93 دينارا مقابل 1 دولار، و121.67 لليورو الواحد، حسب أسعار الصرف الجديدة للأوراق النقدية التي أصدرها البنك المركزي للتعاملات الاقتصادية في التجارة الخارجية، وبهذا الرقم القياسي التاريخي الجديد، يكون الدينار الجزائري قد فقد أكثر من 40 في المائة من قيمته مقارنة بسنة 2014.
وفي السوق الموازية، سجل الدينار الجزائري، انخفاضا قياسيا غير مسبوق، أمام ارتفاع قيمة العملات الأجنبية الأخرى بما فيها العربية وعملات الدول المغاربية، فقد بلغ سعر صرف الدينار أمام نظيره التونسي 70.56 دينار جزائري ، بينما لا يزال سعر صرف اليورو فوق سقف 180.10 دينار ، والدولار يباع بـ 160.20 دينار.
وأكد التقرير أنه بغض النظر عن ارتفاع نسبة العجز في الميزانية، توجد تداعيات سلبية أخرى ترمي بظلالها على الاقتصاد الوطني جراء تراجع القدرة الشرائية للعملة الوطنية “الدينار”، ولعل أهم هذه الانعكاسات السلبية والمباشرة هي ارتفاع نسبة التضخم.
وأوضح الخبير الاقتصادي الجزائري كمال رزيق أن الجزائر حاليا في “قلب الإعصار”، من منطلق أن إسقاطات الأزمة بدأت تظهر فعليا خلال السنة الحالية.، كما أن الإجراءات الرامية لإعادة تنظيم الوضع الاقتصادي والاستثماري تحتاج إلى الوقت، وشدد الخبير الاقتصادي، في تصريحاته لصحيفة الخبر الجزائرية، على أن تجسيد التدابير الحكومية وترجمتها على أرض الواقع مرهون بتحقيق السلطات العمومية جملة من النقاط، في مقدمتها تطهير الإدارة، ومحاربة البيروقراطية في التعامل مع ملفات الاستثمار، ومحاصرة التعاملات بمنطق الرشوة والمحسوبية، فضلا على محاسبة المسؤولين المباشرين عن تنفيذ هذه القرارات على مستوى الولايات والدوائر والمصالح الحكومية، إلى جانب إعادة النظر في جملة المبادئ المعرقلة للاستثمارات الأجنبية.
وكشف التقرير الاقتصادي للصحيفة الجزائرية، أن الإحصائيات الاقتصادية الرسمية، تتوافق إلى حد كبير مع تلك التي تتبناها الهيئات الدولية، لاسيما صندوق النقد الدولي، وضمن التقارير الدورية الصادرة عنه، إذ عادة ما تشير إلى “اللون الأحمر”، لتبني عليها توقعات مالية واقتصادية تنبئ بأن الجزائر بصدد اللجوء مضطرة في آخر المطاف للعودة إلى الاستدانة الخارجية، في ظل تواصل أزمة شح الموارد واستنزاف الصناديق والاحتياطات المالية.
