الانتخابات التشريعية في المغرب تفتح أبواب تغيرات نوعية.. و«طيّ صفحة الإسلاميين»
تشهد المملكة المغربية الأربعاء المقبل ـ 8 سبتمبر/أيلول الجاري ـ إجراء انتخابات برلمانية وبلدية ستحدد الحكومة المغربية في السنوات الخمس المقبلة.. ويتوقع المراقبون في المغرب، أن تفرز الانتخابات «تغيرات نوعية» في المملكة، وأن تتولى السلطة التنفيذية «حكومة وسط»، مع تراجع حظوظ حزب العدالة والتنمية الإسلامي (إخوان المغرب).. وتفيد الكثير من التكهنات أن حزب العدالة والتنمية ـ حزب الحكومة الحالية المنتهية ولايتها ـ قد يمنى بالهزيمة في هذه الانتخابات بعد ولايتين على التوالي، لم ترق حصيلتهما لتطلعات المغاربة، فيما يعتقد مراقبون أن حظوظه في الفوز تبقى قائمة، وإن كان النظام الانتخابي الجديد لا يصب في مصلحته، حسبما عبر عنه هذا الحزب نفسه في وقت سابق.
- ويبلغ عدد الناخبين في المغرب 17 مليونا و983 ألفا و490 ناخبا (من أصل نحو 36 مليون نسمة)، وفق البيانات الرسمية..ويشارك 31 حزبا سياسيا في هذه الانتخابات، ولأول مرة في تاريخ المغرب، يترأس حزب العدالة والتنمية الائتلاف الحكومي لولاية ثانية بعد فوزه في انتخابات 2011 و 2016.
تغيرات نوعية مرتقبة
وتغيب لأول مرة التجمعات الانتخابية، وهي سابقة في تاريخ هكذا استحقاقات، بسبب حالة الطوارئ الصحية التي تمنع تجمع أكثر من 25 شخصا، ما دعا الأحزاب إلى اعتماد وسائل التواصل الاجتماعي في إقناع الناخبين بالتصويت لفائدتها.
والتغيرات النوعية المرتقبة، تتواءم مع توجه الملك محمد السادس للتنمية، حيث يعتبر أستاذ العلوم السياسية محمد شقير، أن النموذج التنموي الجديد «حسم الاختيارات الكبرى»، ويجعل من الانتخابات المقبلة مجرد «آلية لإفراز نخب سياسية جديدة قادرة على تفعيله».. وقال المحلل السياسي مصطفى السحيمي، لوكالة الأنباء الفرنسية، «إنه تحول نوعي..لكنه يفرض على الأحزاب تبني برامج متشابهة ما يفاقم التباعد بين الناخبين والمؤسسات».
«مشاريع تنموية ملكية» وليست «إخوانية»
ورغم الصلاحيات الموسعة لرئيس الحكومة، إلا أن الملك محمد السادس قد تدخل بإقرار خطط تنموية كبرى ي القطاعات الأساسية مثل الزراعة والطاقة والصناعة وتدبير المياه، إذ أعلن العاهل المغربي خطة للإنعاش الاقتصادي صيف 2020 بما يقارب 12 مليار دولار، كما أعلن مشروعا غير مسبوق لتعميم التغطية الطبية والاجتماعية في أفق العام 2025.
وكلها مشاريع حاول الحزب الإسلامي استغلالها في الحملة الانتخابية، إلا أن معارضيه يردون بأنها «مشاريع ملكية»، مشككين في حصيلته الحكومية.
أغلب المواطنين فقدوا ثقتهم في الحزب الإسلامي الحاكم
ويرى المراقبون والمحللون في المغرب، أن شعبية حزب رئيس الحكومة المنتهية ولايتها سعد الدين العثماني، تضررت كثيرا، بفعل الإحباط الذي أصيب العديد من أنصاره والمتعاطفين معه، جراء حصيلته الحكومية المتواضعة التي تواجه بالعديد من الانتقادات. ولربما انعكس هذا على أجواء الحملة الانتخابية، وبحسب رئيس المركز المغربي للتفكير والتطوير، رشيد طريبق، فإن أغلب المواطنين فقدوا ثقتهم في الأحزاب بعد الولايتين التي قضاها حزب العدالة والتنمية على رأس الحكومة. خاصة وأنه وصل إلى الحكومة في خضم الربيع العربي في 2011 وبعد دستور جديد، يعني في سياق كان فيه المغاربة متحفزين ومتطلعين إلى تدبير شفاف نزيه ويحمل الكثير من الحقوق للمواطنين.
«طيّ صفحة الإسلاميين».
ومع التوقعات القائمة بعدم فوز حزب «العدالة والتنمية» في هذه الانتخابات، فغنه قد يضطر إلى الانتقال لصفوف المعارضة، لأنه ربما سيجد نفسه وحيدا لا يتم إشراكه في الائتلاف الحكومي المقبل من قبل الحزب المنتصر طالما هناك شبه إجماع حزبي على «طي صفحة الإسلاميين». فإضافة إلى خصومه، حتى الفرقاء الذين شاركوه تسيير الحكومة خلال السنوات الماضية، يريدون ذلك.
تاريخ الإخوان في المغرب
ويحاول حزب العدالة والتنمية، التبرؤ من الانتماء للتنظيم الدولي للإخوان، إلا أن تاريخ الحزب يؤكد انهم «إخوان المغرب»..وقد مرت شعبة الإخوان المسلمين في المغرب بعدد من التحولات المهمة، وتأسس حزب العدالة والتنمية على غرار الحزب الحاكم التركي ليكون الذراع السياسي للجماعة بالمغرب، متخذا الاسم والشعار، ومع بزوغ ثورات الربيع العربي، حصل الحزب على الأغلبية في 2012 وكلف الملك محمد السادس أمين الحزب ليكون رئيسا للحكومة، والتي تتعرض لعدد من الاتهامات حاليا.
البداية من جماعة التوحيد والإصلاح الإسلامية
ونشأت جماعة الإخوان المسلمين في المغرب من خلال جماعة التوحيد والإصلاح الإسلامية المنبثقة من اتحاد عدة حركات إسلامية في المغرب، وذراعها السياسي هي حزب العدالة والتنمية المغربي الذي أسسه عبد الكريم الخطيب..والبداية كانت من خلال محاولة جماعة الإخوان في إنشاء شعب لها في المغرب العربي، واعتمد الإخوان المسلمون في يونيو/ حزيران 1937 ضمن شُعبهم في العالم الإسلامي شُعْبَتين في المغرب الأقصى، إحداهما كانت في فاس وكان مندوبها محمد بن علال الفاسي، والأخرى كانت في طنجة وكان مندوبها أحمد بن الصديق، إلا أنه تم اعتقال محمد بن علال الفاسي، ونفته خارج البلاد في عام 1937؛ مما أدى إلى انكماش دعوة الإخوان في المغرب وعدم انتشارها.
ونشطت حركة الإخوان في الستينييات على يد الدكتور عبد الكريم الخطيب والذي يعتبر مؤسس حركة العدالة والتنمية في المغرب، حيث تأسست الحركة عام 1967م، وكان الخطيب وقتها رئيس البرلمان المغربي.
يذكر أن المملكة المغربية مرت بأربع مراحل دستورية:
- أولا: دستور 1962 الذي شهد نوعاً من تقسيم السلطة التنفيذية بين المؤسسة الملكية والحكومة.
- ثم دستور 1970 الذي جعل الملك يستأثر بالسلطة، فمرحلة دساتير 1972 إلى 1995 التي نقلت السلطة التنظيمية إلى رئيس الحكومة ( الوزير الأول).
- ثم دستور 2011 الذي نقل السلطة التنفيذية بكاملها إلى رئيس الحكومة.
وتؤكد ديباجة الدستور المغربي الأخير على أن المملكة المغربية دولة إسلامية ذات سيادة كاملة، متشبثة بوحدتها الوطنية والترابية، وبصيانة تلاحم وتنوع مقومات هويتها الوطنية..وتنص المادة الأولى من الدستور على أن الحكم بالمغرب نظام «ملكية دستورية، ديمقراطية برلمانية واجتماعية»، ويقوم النظام الدستوري للمملكة على أساس فصل السلطات، وتوازنها وتعاونها.