وسط مؤشرات عزوف كبير من المواطنين عن المشاركة في الانتخابات التشريعية «النيابية» في 12 مايو/ آيار المقبل، بعد أن أثبتت عدم جدواها في حل أزمات العراق ببقاء القوى والوجوه نفسها وتبادل الأدوار والمواقع.. إلا أن المشهد السياسي العراقي، يشهد صراعا وتنافسا مبكرا، بعقد التحالفات وترتيب الأوضاع للمعركة الفاصلة بين القوى السياسية للحفاظ على هيمنتها على السلطة للمرحلة المقبلة، حيث أقرت مفوضية الانتخابات 30 تحالفا من بين حوالي 204 أحزاب وكيانات سياسية ستخوض الانتخابات، مع ملاحظة أن التحالفات الجديدة تعكس تشظي القوى التي تدّعي تمثيل المكونات من الشيعة والسنة والكرد.
ويقود رئيس الوزراء العراقي، حيدر العبادي، رسمياً، تحالف «نصر العراق» العابر للطائفية، المكون من ائتلافي «الفتح» و«النصر»، كأكبر تحالف يشارك في الانتخابات البرلمانية المرتقبة .. وقد أبرزت التحالفات خلافا بين قطبي حزب الدعوة (رئيس الوزراء حيدر العبادي ونوري المالكي)، اللذين دخلا بقائمتين مختلفتين حيث استقطب «العبادي» في قائمته الشيعية معظم فصائل الحشد الشعبي، ولكن لم تمض ساعات على إعلان تحالف «نصر العراق» مع فصائل الحشد الشعبي، حتى أُعلن انسحاب كل مجموعات «الحشد» من التحالف صباح أمس..أما ائتلاف «دولة القانون» فيضم تيار الوسط ـ بزعامة النائب موفق الربيعي، إضافة إلى تجمعات وشخصيات سياسية..بينما شكّل رئيس ائتلاف الوطنية «إياد علاوي» تحالفا جمع معه معظم الأحزاب السنية..أما في إقليم كردستان يبدو أن أحزابه لم تتجاوز خلافاتها ودخلت بقائمتين وليس بقائمة واحدة كما حصل في الانتخابات السابقة.
وكان حزب «الدعوة الإسلامية» عقد اجتماعاً، مساء أمس الأول، جمع العبادي والمالكي وبقية قياداته، وخرج بثلاثة قرارات، أبرزها سحب مشاركة الحزب في الانتخابات المقبلة، وتشكيل ائتلافين؛ الأول «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي، والثاني؛ «النصر» بزعامة العبادي، ومنح الحرية الكاملة لأعضائه وقياداته في المشاركة والترشيح ضمن أي كتلة أو قائمة انتخابية يختارونها.
وانضم تيار الحكمة برئاسة «عمار الحكيم»، إلى ائتلاف «نصر العراق».. بينما سبق لزعيم التيار الصدر، «مقتدى الصدر»، تحالف العبادي مع فصائل في الحشد الشعبي لخوض الانتخابات المقبلة.. وقال في بيان: «أعزي شعبي المجاهد الصابر بما آلت اليه الاتفاقات السياسية البغيضة من تخندقات طائفية مقيتة لتمهد عودة الفاسدين مرة أخرى، وقد عرض علينا الالتحاق ورفضنا ذلك رفضا قاطعا، ولن ادعم سوى القوائم العابرة للمحاصصة والتي يكون أفرادها من التكنوقراط المستقل بعيدا عن التحزب والتخندق الطائفي لتقوية الدولة العراقية الجديدة».
ومع «تشظي» القوى السياسية والطائفية والعرقية، داخل مشهد سياسي «ساخن جدا»..انقسم المكون السني، في العراق، وفقا لخريطة الائتلافات الانتخابية، إلى تحالفين منفصلين، الأول؛ «تحالف الوطنية»، ويضم إياد علاوي، وسليم الجبوري، وصالح المطلك، وقيادات عشائرية في نينوى والأنبار وقوى وشخصيات أخرى.. ويضم التحالف الثاني «القرار العراقي»، كلا من أسامة النجيفي، ورجل الأعمال خميس الخنجر، ووزير التخطيط سلمان الجميلي، وسبعة احزاب أخرى، ومعهم شخصيات سياسية كظافر العاني وأخرى عشائرية.
وتعددت وتمددت التحالفات، في محافظات ديالي، والأنبار، وصلاح الدين، أما حصة محافظة كركوك من التحالفات تعدّ «الأكبر»، بتشكيل أربعة تحالفات انتخابية.
ويتفق العراقيون على أن تركيز القوى السياسية على الانتخابات واعتبارها مسألة مصيرية بالنسبة لها، سيكون على حساب الاهتمام بالمشاكل المزمنة والمستعصية في البلد وســـط اقتــصاد أنهكته الحروب ضد الإرهاب والفساد وسوء الإدارةز ومن جانب آخر، دعت عشائر عراقية سُنية شمالي البلاد، لتأجيل الانتخابات البرلمانية لحين عودة مئات آلاف النازحين إلى مناطقهم المحررة من تنظيم « داعش»، معتبرة أن انتخابات تجرى في الظروف الحالية «غير شرعية».
وتشترط بعض القوى السياسية السنية عودة النازحين لإجراء الانتخابات في موعدها المحدد، في ظل مخاوف من خسارة الكثير من تمثليها في الحكومة والبرلمان القادمين، في حال عدم مشاركة ملايين النازحين في التصويت.. لكن الحكومة العراقية تستبعد إمكانية تأجيل الانتخابات بأي شكل من الأشكال، وهو الأمر الذي أكد عليه رئيس الوزراء حيدر العبادي أكثر من مرة.
