الباروميتر السياسي في تونس: مستوى غير مسبوق للتشاؤم.. والرئيس التونسي دون منافسة
كشف استطلاع الرأي الشهري في تونس (الباروميتر السياسي) عن مستوى تشاؤم بلغ رقما قياسيا لم يسبق لهذا الباروميتر أن سجله منذ انطلاقته،في يناير/ كانون الثاني 2015 ولا كل الدراسات السابقة التي قامت بها مؤسسة «سيغما كونساي» لسبر الآراء ، حيث يرى حوالي 93% من التونسيين أن البلاد تسير في الطريق الخطإ .وهذا التشاؤم ينعكس على تقييم التونسي لوضع أسرته الحالي وتوقعاته للسنة القادمة ولمستقبل الجيل القادم، بحسب المحلل السياسي التونسي، زياد كريشان، والملاحظ أن فئة الشباب(18-25 سنة) هي الأكثر تشاؤما بــ 95،3%، وأن النساء أكثر تشاؤما نسبيا من الرجال.
حالة من الغضب الإجماعي
وقال «كريشان»: عندما يصل مستوى التشاؤم إلى 92،8% فنحن أمام حالة من الغضب الإجماعي في كل الجهات والفئات والأعمار ،ولكن هنالك استثناء سياسي لافت : 6،4% من التونسيين يعتقدون أن البلاد تسير في الطريق الصحيح.
- كما بلغ عدم الرضا المطلق في زعيم حركة النهضة «الإخوانية»، ورئيس البرلمان،راشد الغنوشي، رقما قياسيا جديدا بلغ 89 % وفي مؤشر للانعدام الكلي للثقة.
تقييم سلبي للوضع الاجتماعي والاقتصادي
واللافت للرصد والنحليل، أنه في كل الاستطلاعات السابقة للباروميتر السياسي، كان التونسيون يرجحون أن وضعية الأجيال القادمة ستكون أفضل من الوضعية الحالية،ولكن التشاؤم شمل أيضا هذا المستوى وإن كان بشكل أقل كثافة إذ يعتبر نصف المستجوبين ( 47،2% ) أن وضعية الأجيال القادمة ستكون أسوأ مقابل الربع ( 27،8% ) الذين مازالوا يصرّون على تفاؤل نسبي.
وشمل هذا التشاؤم العام، الوضع الاجتماعي فهو سلبي بالنسبة لـ 92،3% وبلغ شبه الإجماع (97،1% ) في التقييم السلبي للوضع الاقتصادي.
- و منذ انتخابه رئيسا للجمهورية، تصدر الرئيس قيس سعيد مؤشر الثقة الكبرى في الشخصيات السياسية دون منازعة تذكر، ولكنه لم يعد محلقا لوحده في فضاء الثقة الكبيرة وها هو يخسر في شهر واحد 10 نقاط كاملة منذ انتخابه
ومرة أخرى يحظى الجيش الوطني بنسبة ثقة اجماعية بلغت 97% منها 88% من الثقة الكبيرة، وتليه دوما المؤسسة الأمنية .ولكن بمنسوب ثقة اقل (81%).
موجة عدم الرضا على أهل الحكم لا تستثني أحدا
أصبح واضحا أن موجة عدم الرضا على أهل الحكم لم تعد تستثني أحدا لا في الحكومة ولا في الحزام السياسي المساند لها ولا في رئاسة الجمهورية، بحسب قراءة زياد كريشان لمؤشرات الباروميتر السياسي، الذي كشف أن عدة مؤسسات قد خسرت نقاطا هامة فرئاسة الجمهورية خسرت 7 نقاط (من 75% إلى 68%) والنقابات المهنية فقدت 8 نقاط (من 45% إلى 37%)، ووضع الحكومة من سيىء إلى أسوأ، إذ فقدت أيضا 8 نقاط (من 36% إلى 28% ) ونسبة الثقة الكبيرة فيها نزلت إلى 8%، وبقيت الأحزاب السياسية والبرلمان في ذيل القائمة دوما بـ 18% و 17% من إجمالي الثقة منها.
- نحن أمام أرقام صادمة لكل مكونات المنظومة الحالية، بحسب تعبير زياد كريشان، ونحن أمام موجة ارتياب عامة لا يكاد ينجو منها أحد بنسب مختلفة..
وهكذا .. بات واضحا أن الانتقال الديمقراطي في لحظة حرجة ، والشكوك والريبة في الطبقة السياسية وخاصة الحاكمة منها قد بلغت مداها
.
هذا هو المزاج النفسي للتونسيين اليوم.. مما يفرض القراءة الموضوعية للمؤشرات ودلالاتها.
