استولى تنظيم داعش على آلاف القطع الأثرية قبل طرده من العراق في عام 2017، معظم تلك الآثار لا يزال مفقودا، وشرع فريق دولي من الأثريين في عملية بحث بهدف استرداد ما يمكن استرداده.
وأغار التنظيم المتشدد، خلال احتلاله للبلاد في عامي 2014 و2015، على مواقع تاريخية وخربها، فيما وصفته منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة (يونسكو) بأنه هجوم على نطاق “واسع”، واستخدم النهب لتمويل عملياته من خلال شبكة تهريب امتدت عبر الشرق الأوسط وخارجه.
وقال برونو ديسلاندس، وهو مهندس صيانة في يونسكو، “نحاول استرداد كثير من القطع الأثرية ونحتاج إلى كل الموارد المحلية والدولية للعمل، لا يقدر العراق على القيام بهذا بمفرده”.
كان ديسلاندس يتحدث في ورشة عمل في المتحف الوطني في بغداد عقدت لتنسيق الجهود الدولية لاسترداد الآثار.
وأظهر تسجيل فيديو نشره تنظيم داعش في 2014 وانتشر على نطاق واسع أعضاء بالتنظيم يستخدمون الجرافات والحفارات لتدمير جداريات وتماثيل في مدينة نمرود الآشورية التي تعود إلى 3000 عام والقريبة من الموصل، وقاموا بتهريب ما لم يتمكنوا من تدميره والمتاجرة به.
كان ديسلاندس أول خبير دولي يصل إلى الموقع في مطلع عام 2017، بينما كانت عملية طرد التنظيم لا تزال جارية.
ونظرا لأن المعركة كانت لا تزال تدور على بعد بضعة كيلومترات فقط، كان عليه هو وفريقه أن يعملا سريعا لتقييم حجم الدمار في الموقع مستخدمين المسح الثلاثي الأبعاد والتصوير بالأقمار الصناعية، وجمعوا في غضون ساعة كنزا من البيانات يقول إنها ستكون مهمة للغاية في اقتفاء أثر القطع المفقودة.
وقال ديسلاندس، إنه عندما تؤخذ قطعة أثرية، من الممكن توثيق الأثر أو البصمات المتبقية مكانها.
وأضاف أنهم يوثقون هذا بدقة شديدة وبالتالي يمكن استعادة هذه الآثار، فعندما يتم العثور على قطعة في أوروبا أو مكان ما تضاهي هذه الخصائص فيمكن استعادتها.
وشارك في ورشة العمل أفراد من الشرطة العراقية ومن الخارج ومسؤولون بالجمارك وخبراء في الآثار، وكانت الثانية خلال عامين التي تنظمها بعثة الاتحاد الأوروبي الاستشارية في العراق.
وقال مسؤولون بسلطات إنفاذ القانون، إن بوسعهم مساعدة الشرطة العراقية على اقتفاء أثر القطع المفقودة بالاستعانة بقواعد بيانات عمليات الضبط ومعلومات أخرى بما في ذلك حول ممرات التهريب.
وقالت ماريا بولنر، المسؤولة بمنظمة الجمارك العالمية، إن تقارير مسؤولي الجمارك في أنحاء العالم بشأن عمليات الضبط المتعلقة بالتراث العالمي “ليست سوى قمة جبل جليدي” وإن تحسين التنسيق بين الدول أعضاء المنظمة البالغ عددهم 183 ساعد في زيادة عمليات الاسترداد.
وقالت منظمة الجمارك العالمية، إن ضباط الجمارك استردوا في 2017 أكثر من 14 ألف قطعة منهوبة في أنحاء العالم بينها آثار قديمة ولوحات وتماثيل، وذلك بزيادة 48 في المئة عن العام السابق.
وقال إيكهارد لوفير وهو ضابط شرطة ألماني شارك في ورشة العمل إن العديد من هواة جمع الآثار من القطاع الخاص وبعض المتاحف لا يسألون في العادة عن مصدر القطع الأثرية، وأضاف “هذه إحدى أكبر مشكلات الجريمة”.
وقال ديسلاندس، إن المواقع داخل العراق لا تزال في خطر، وقال “عندما يتم تحرير موقع، هذا لا يعني انتهاء أعمال النهب”.