صوّت البرلمان البرازيلي أمس، الاثنين، للبدء في إجراءات عزل الرئيسة ديلما روسيف على خلفية اتهامها بالتلاعب في حسابات مالية حكومية في مارس/آذار 2015، وأحال الأمر لمجلس الشيوخ لاتخاذ القرار المتوقع بإقالتها، الشهر المقبل.
وفي مجلس النواب الذي صوّت على إحالة القضية لمجلس الشيوخ تمهيدا لوقفها عن عملها، شكّل معارضو الرئيسة الأغلبية بـ367 صوتا، وهو ما يفوق الرقم المطلوب للإحالة وهو 342، مقابل 167 صوتا معارضا، فيما امتنع 7 عن التصويت، وتغيب نائبان عن الجلسة.
اتهامات الفساد
اتهمت روسيف منذ 2015، بالتلاعب بحسابات مالية حكومية في موازنة عامي 2014 و2015، في الوقت الذي تعاني فيه البلاد من حالة انكماش اقتصادي فُرضت إثره حزمة من إجراءات التقشف.
بدأت القصة في 12 أبريل/نيسان الجاري، عندما صوّت 38 عضوا في لجنة خاصة بالكونجرس البرازيلي للموافقة على اتهام روسيف بالفساد، مقابل 27 صوتا رافضا، مما أحال القضية للتصويت العام في مجلس النواب.
وعقد النواب الـ513 جلسات «ماراثونية» لعرض كلمات في 3 ثلاث دقائق لكل منهم، استمرت منذ الجمعة حتى الأحد الماضي، وأعلنت نتائجها أمس، الاثنين، بموافقة 367 عضوا على إحالة الاتهام إلى مجلس الشيوخ الذي يتخذ القرار الفيصل في الأمر أوائل مايو/آذار المقبل.
خارج البرلمان أثناء عملية التصويت كان عشرات الآلاف من المحتجين يحتشدون حول المبنى وسط تشديدات أمنية، وما أن أُعلنت النتيجة بالتصويت للبدء بعزلها حتى بدأوا بالاحتفال وإطلاق الألعاب النارية والموسيقى الصاخبة.
وأقامت السلطات حاجزا في العاصمة ارتفاعه متران تقريبا وطوله كيلومتر واحد، للفصل بين مؤيدي عزلها ومعارضيه، خشية إندلاع أحداث العنف.
وتشغل منصبها كأول رئيسة امرأة للبرازيل، منذ انتخابات عام 2010، ثم أُعيد انتخابها عام 2014، لتكون الرئيس الـ36 لبلادها، وعلى الرغم من ذلك فإنها لا تحظى بشعبية كبيرة في الشارع البرازيلي.
وفي مارس/آذار الماضي، قال أحد المتورطين في قضية التلاعب إن «روسيف تواطأت مع شبكة الفساد الواسعة في مجموعة بتروبراس النفطية».
وأضاف الزعيم السابق لكتلة حزب العمال الحاكم في مجلس الشيوخ دلسيديو أمارال، المتهم في هذا الملف، أنها «استفادت مباشرة من بتروبراس التي كانت تمّول حملاتها الانتخابية في 2010 و2014».
وأشار إلى أن الرئيس السابق لويس أيناسيو لو دا سيلفا استفاد معها في القضية، وهو «المشتبه به في تهم فساد وتبييض أموال، ويقود منظومة الرشى»، متابعا: «روسيف كانت على علم بكل هذا».
وحكم دا سيلفا البرازيل في الفترة بين 2003-2010، وتم تعيينه سرا في منصب حكومي مما يحول دون محاكمته، وتم تسريب وثيقة تعيينه كبيرا لموظفي الرئاسة الشهر الماضي مما أسفر عن إندلاع احتجاجات واسعة وأعمال عنف في أنحاء العاصمة برازيليا.
وحال موافقة مجلس الشيوخ على بدء إجراءات اتهام روسيف، فإنها ستمثل أمامه لعزلها من منصبها حال أدينت.
وقبيل إحالة الاتهام إلى مجلس الشيوخ، كانت روسيف تملك فرصتان قانونيتان لوقف إجراءات عزلها، إلا أنها فشلت في ذلك، فقد رفض قضاة المحكمة البرازيلية العليا طعنا قدمته الحكومة لإلغاء الإجراءات، ولم يتمكن حزبها الحاكم من السيطرة على غالبية نواب البرلمان.
من جانبها، نفت روسيف في خطاب لها مساء أمس، الاثنين، الاتهامات الموجهة لها بالتلاعب في حسابات الحكومة المالية، قائلة: «إنني أشعر بغضب شديد إزاء محاولات عزلي، إلا أن ضميري مرتاح لأنني لم أرتكب أي مخالفة».
الرئيس المرتقب
وحال عزل روسيف فإن نائبها ميشيل تامر سيتولى مهام منصب رئيس الجمهورية حتى انتهاء فترة ولايتها الدستورية، المقررة في 2018، تمهيدا لإجراءات انتخابات رئاسية عادية.
وسيكون لدى تامر صلاحيات دستورية كاملة كرئيس للبلاد، ما يتيح له إعادة تشكيل حكومة انتقالية، إلا أن روسيف تتهمه بـ «التآمر لعزلها والقفز على منصبها».
وتامر لبناني الأصل، وهو محامٍ وبحلوله مكان روسيف سيكون أول «برازيلي من أصل عربي» يشغل هذا المنصب في خامس أكبر دولة في العالم من حيث تعداد السكان.
ووالده من قضاء الكورة بشمال لبنان، هاجر إلى البرازيل أواخر عام 1925.
ويبلغ تعداد البرازيل نحو 200 مليون نسمة، بينهم أكثر من 6 ملايين مغترب ومتحدر من أصول عربية وأفريقية وآسيوية.
ويشغل تامر منصب نائب روسيف منذ 6 سنوات، وبحسب استطلاعات رأي أجنبية فإن مجلس الشيوخ سيصوت لصالح عزلها الشهر المقبل.
وروسيف التي ظلت «معارضة ومناضلة» شهيرة في بلادها، تبلغ من العمر 68 عاما، وكانت قد اعتقلت وتعرضت للتعذيب في عهد الحكم العسكري.
وتامر وُلد عام 1940 في ساو باولو، وحاصل على دكتوراه في الحقوق من الجامعة الكاثوليكية في المدينة، وهو متزوج من فتاة تصغره بـ42 عاما.
وشغل تامر مناصب عدة، بينها رئيس مجلس النواب لثلاث فترات، ورئيس حزب «الحركة الديمقراطية البرازيلية» على مدار أكثر من 15 عاما مضت.
