البغدادي.. مصير مجهول ومستقبل غامض لخليفة داعش
مصير مجهول، وأنباء متضاربة، عن أبي بكر البغدادي، زعيم تنظيم داعش، فبعد أن أعلنت الحكومة الروسية مقتله، عادت اليوم لتنفي الخبر وتعلن عدم تأكد من مصيره.
قبل أيام، رجحت وزارة الدفاع الروسية، مقتل زعيم تنظيم داعش أبوبكر البغدادي بغارة روسية، بينما قال وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف إنه ليس لدى موسكو تأكيد بنسبة 100% بشأن مقتل البغدادي.
وقالت وزارة الإعلام الروسية “تاس” إن الوزارة تدقق بالتقارير التي تشير إلى أن البغدادي قتل في غارة روسية جنوبي الرقة أواخر مايو/آيار الماضي، ونقلت الوكالة عن الوزارة قولها إن الغارة التي ربما قد قتلت البغدادي، استهدفت تجمعا لقيادات داعش في الرقة، ليل 28 مايو .
ونقل التلفزيون الرسمي الروسي عن الكرملين قوله إن وزير الدفاع سيرجي شويجو أبلغ المجلس الأمني الروسي الذي يرأسه فلاديمير بوتين، الجمعة الماضية، أن زعيم تنظيم داعش المتطرف، أبو بكر البغدادي “ربما قتل .
من جديد عادت روسيا لتنفي الخبر، ونقلت وكالة إنترفاكس للأنباء عن جينادي جاتيلوف نائب وزير الخارجية الروسي، قوله اليوم الثلاثاء، إن روسيا لا يمكنها تأكيد مقتل زعيم تنظيم داعش أبو بكر البغدادي في ضربة جوية بسوريا الشهر الماضي.
وقال مسؤول في وزارة الخارجية الروسية، إن موسكو غير قادرة في الوقت الراهن على تأكيد مقتل أبوبكر البغدادي، وذلك بعد أيام على إعلان ترجيح وزارة الدفاع مصرع زعيم داعش بغارة روسية.
وتعددت التقارير التي تؤكد او تنفي مقتل زعيم التنظيم، ففي وقت سابق تحدثت تقارير أمريكية عن مقتل زعيم داعش قبل أن يتم نفيها، وقبل أسبوعين تحدث مصدر من النظام السوري عن مقتل البغدادي في غارة جوية، دون أن يتم تأكيد هذه المعلومة.
وبينما ظهرت تقارير تفيد هروب البغدادي إلي جبال تورا بورا في أفغانستان، عقب سيطرة التنظيم عليها، إلا ان إعلان الحكومة الأفغانية أمس الأول الأحد عودة السيطرة علي تورا بورا وطرد التنظيم منها ، يستبعد تواجده هناك، كما ذكرت تقارير استخباراتية أن البغدادي فر من مدينة الموصل، معقل داعش في العراق، إلى مدينة الرقة بسوريا، بعد تضييق الخناق على التنظيم في العراق.
وذكر تقرير صادر عن صحيفة الجارديان البريطانية بأن البغدادي تمت إصابته في العمود الفقري إثر غارة أمريكية مما أدى إلى شلله، وفي 11 أكتوبر/تشرين الأول 2015، وجهت طائرة تابعة للقوة الجوية العراقية ضربة لمكان في منطقة الكرابلة اجتمع فيه أبو بكر البغدادي مع قياداته، ويعتقد مقتل الكثير من الحراسة الشخصية لأبي بكر البغدادي وبعض من القيادات الكبار، وقيل حينذٍ أن أبا بكر البغدادي لا يُعرَف مصيره، لكن خرج له تسجيل صوتي بعد ذلك في 27 ديسمبر 2015 .
فيما تشير بعض التقارير إلى أن البغدادي ما زال على قيد الحياة وأنه كان مختبئاً في الصحراء بين الرقة والموصل مع اثنين فقط من حراسه الشخصيين في شاحنة نقل صغيرة “بيك آب”.
تلك الملابسات تزيد من غموض مصير زعيم التنظيم الأشهر، ويضع الكثير من علامات الاستفهام حول شخص البغدادي الذي تحاربه الدول العظمى وتسعى لاقتناصه. وبعد سلسلة من العمليات أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية في 4 أكتوبر/تشرين الأول 2011 أن أبا بكر البغدادي يعتبر إرهابيًا عالميًا، ورصدت مكافأة قدرها 10 ملايين دولار لمن يُدلي بمعلومات تؤدي إلى القبض عليه أو قتله، فمن هو أبو بكر البغدادي- وماهي قصته؟
اسمه إبراهيم عواد إبراهيم علي البدري السامرائي وكنيته أبو بكر البغدادي، ولد عام 1971 لأسرة سنية متوسطة ، شغل منصب أمير تنظيم القاعدة في العراق ولقب بأمير دولة العراق الإسلامية، قام بإعلان الوحدة بين دولة العراق الإسلامية وجبهة نصرة أهل الشام في سوريا تحت مُسمى تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام (داعش)، لكن أمير جبهة النصرة أبو محمد الجولاني خالفه في ذلك ورفض تأييد هذا الإعلان.
وكانت النقطة الفاصلة في تاريخ البغدادي، في 29 يونيو 2014، حيث أعلن تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والشام قيام “دولة الخلافة الإسلامية”، ونُصب أبو بكر البغدادي خليفة لها،
وتكشف وثائق عراقية أن البغدادي حين كان تلميذًا في المدرسة اضطر إلى إعادة دراسة إحدى السنوات المدرسية لمرة واحدة، وتمكن بعد ذلك من تخطي الثانوية العامة عام 1991 بنتيجة 481 من أصل 600 نقطة، وقد حصل في شهادة الثانوية العامة على درجات إضافية كونه “شقيقاً لأحد الشهداء”، فقد توفي شقيقه الأصغر حين كان جنديًا في الجيش العراقي في عهد صدام حسين، أما البغدادي نفسه فلم يتم قبوله لتأدية الخدمة العسكرية، لأن شهادة صحية صادرة عن جامعته أظهرت أنه يعاني من قصر النظر في العينين.
وبعد إنهائه التعليم الثانوي تقدم البغدادي بطلب الدراسة في جامعة بغداد، وأراد بحسب وثائق إدارة الجامعة دراسة القانون، وكانت رغبته الثانية والثالثة هما علم اللغات وعلم التربية، ولكن درجاته في شهادة الثانوية العامة لم تكن كافية لدخول أحد هذه الفروع الدراسية، فالتحق في نهاية المطاف بكلية الشريعة الإسلامية في جامعة بغداد .
حصل البغدادي على بكالوريوس في الدراسات القرآنية، وبعدها على الماجستير 2002 ، وتمحورت رسالته حول موضوع تلاوات القرآن الكريم، وبعد ذلك على شهادة الدكتوراه 2006 في الاختصاص ذاته، وفي عام 2003 تزوج من زوجته الأولى في محافظة الأنبار العراقية، وقد عمل إماما وخطيباً لأحد المساجد في بغداد قبل الغزو الأمريكي للعراق .
وخلال فترة دراساته العليا، أقنعه عمه بالإنضمام لجماعة الإخوان المسلمين، لكن البغدادي انجذب سريعا إلى المجموعات التي تتبني فكراً متشدداً، وبحلول عام 2000، تبنى البغدادي نهج السلفية الجهادية .
بعد مرور أشهر على الغزو الأمريكي للعراق عام 2003، ساعد البغدادي في تأسيس جماعة “جيش أهل السنة والجماعة” المسلحة، وألقت القوات الأمريكية القبض على البغدادي في فبراير/شباط عام 2004، في مدينة الفلوجة، وأرسلته إلى معسكر الاعتقال في سجن “بوكا” حيث ظل هناك عشرة أشهر .
وخلال فترة اعتقاله، كرس البغدادي نفسه للأمور الدينية، إذ أنه كان يؤم المعتقلين في الصلاة، ويلقي خطبة الجمعة، ويُنظم دروسا دينية للسجناء، وبحسب رواية أحد رفاقه في المعتقل، كان البغدادي قليل الكلام، لكنه كان ماهرا جدا في التنقل بين الفصائل المتنافسة داخل مركز الاعتقال، الذي كان يضم مزيجا من عناصر سابقة مقربة من الرئيس السابق صدام حسين وجهاديين، وشكّل البغدادي تحالفات مع العديد من المعتقلين، وظل على اتصال بهم بعد الإفراج عنه في ديسمبر/كانون الأول عام 2004.
وبعد إطلاق سراحه، اتصل البغدادي بأحد المتحدثين باسم تنظيم القاعدة في العراق الذي كان يقوده الأردني أبومصعب الزرقاوي، وانبهر المتحدث بالعلوم الدينية الواسعة للبغدادي، وأقنعه بالتوجه إلى دمشق للتأكد من أن النشاط الدعائي لتنظيم القاعدة في العراق ملتزم بالمنهج الخاص بالتنظيم .
برز اسمه في تنظيم القاعدة في العراق، وكان جزءًا من شبكة القاعدة في بلدات صغيرة بالقرب من الحدود السورية، وكانت مهمة البغدادي في ذلك الوقت هي تسهيل وترتيب قدوم النشطاء والراغبين في الانضمام إلى صفوف القاعدة من سوريا والسعودية، وأيضا كان مسؤولًا عن ما يسميه تنظيم القاعدة بالمحكمة الإسلامية .
تولى البغدادي مسؤلية النشاطات العسكرية لتنظيم القاعدة في العراق ووجه وأدار مجموعة كبيرة من الهجمات والعمليات كهجوم 28 أغسطس/ آب 2011 على جامع أم القرى الذي أدى لمقتل 6 أشخاص من بينهم النائب في البرلمان العراقي خالد الفهداوي.
بعد مقتل زعيم تنظيم القاعدة أسامة بن لادن، هدد أبو بكر بالانتقام العنيف بسبب وفاته، وأعلن في 5 مايو/ أيار عن مسؤولية تنظيمه في الهجوم الذي وقع في مدينة الحلة والذي نتج عنه مقتل 24 عسكري وإصابة 72 آخرين .
في 26 أكتوبر/ تشرين الأول 2006 ضربت طائرة حربية أمريكية مخبأ مشتبه للمسلحين بالقرب من الحدود السورية في محاولة لقتل البغدادي، وعلى الرغم من تقرير الاستخبارات بأن أبي بكر كان موجودًا في ذلك المخبأ وقت تنفيذ الهجوم إلّا أنه لم يتم العثور على جثته.
عقب مقتل أبو مصعب الزرقاي زعيم التنظيم في يونيو/حزيران عام 2006، في غارة جوية أمريكية، خلفه أبو أيوب المصري الذي قرر في أكتوبر/تشرين الأول من نفس العام ، حل تنظيم القاعدة في العراق، وأسس تنظيم الدولة الإسلامية في العراق، واستمرت هذه الجماعة الجديدة في الولاء سراً لتنظيم القاعدة.
ومع قدرة البغدادي على تضييق الهوة بين الأجانب الذين أسسوا تنظيم الدولة الإسلامية في العراق والعراقيين الذين انضموا إلى التنظيم لاحقا، صعد نجم البغدادي بشكل مطرد في صفوف التنظيم، عُين رئيسا للجنة الشريعة، واختير عضواً في مجلس الشورى للتنظيم، الذي يضم 11 عضوا ويقدم المشورة لأمير التنظيم آنذاك أبوعمر البغدادي.
وبعد مقتل أبو عمر البغدادي في أبريل/نيسان عام 2010، اختار مجلس الشورى أبوبكر البغدادي أميراً جديداً للتنظيم، حيث بدأ البغدادي إعادة بناء التنظيم، بعد أن تمكنت القوات الأمريكية الخاصة من القضاء عليه.
في 2 ديسمبر/ كانون الأول 2012 إدعى مسؤولون عراقيون أنهم قد ألقوا القبض على البغدادي بعد عملية تجسس وتتبع استمرت لشهرين وقالوا أنهم حصلوا على أسماء وأماكن متعلقة بتنظيم القاعدة، لكن التنظيم نفى صحة هذا البيان.
