التأثير السياسي لكورونا.. كيف تغيرت التحالفات الاستراتيجية
في ظل التحولات الطبية للفيروس.. هل سيشهد الشرق الأوسط تحولات استراتيجية في تحالفاته الإقليمية؟
أحمد إبراهيم
يواصل العالم جهوده المضنية للتغلب على فيروس كورونا، وهي الجهود التي لم تتوقف منذ الإعلان عن انتشار هذا الوباء حتى الآن.
وبات من الواضح أن هناك الكثير من التأثيرات سواء على الصعيد السياسي أو الاستراتيجي التي يمكن أن يشهدها العالم خلال الفترة المقبلة مع تصاعد التأثير السياسي لهذا الفيروس على صورة العلاقات الدولية أو الإقليمية بين مختلف دول العالم.
واهتمت الصحف الغربية بهذه التحولات، مشيرة إلى تصاعد أزمة واضحة تطرقت إليها بعض من الصحف ووسائل الإعلام الغربية، تتعلق بحديث دوائر سياسية عن توقعاتها لشكل العلاقات بين أكثر من دولة وحركة تحرر سياسي أو جماعة مسلحة، مشيرة إلى دقة المشهد السياسي الآن بالنسبة لهذه العلاقات تحديدا، خاصة وإن وضعنا في الاعتبار أيضا أن التأثيرات في العلاقات بين الدول وبعضها البعض باتت واضحة مع التطور اللحظي وشبه اليومي للفيروس.
وأبرز منتدى الشرق الأوسط الدولي للعلاقات السياسية في تقرير تحليلي له تداعيات هذه النقطة تحديدا بين حركة حماس من جهة وتركيا من جهة أخرى، وهو ما يأتي في إطار تداعيات تفشي وباء كورونا في العالم ورسم هذا الوباء لخريطة إقليمية وسياسية جديدة يمكن أن يشهدها العالم.
وأشار التقرير إلى وجود مطالب تركية بضرورة مراجعة وفحص هذه العلاقة، خاصة مع اكتشاف حالات إصابة بين بعض من العناصر التابعة لحركة حماس في تركيا، الأمر الذي يأتي بسبب عدم اتخاذ هذه العناصر لإجراءات العزل والوقاية الطبية المطلوبة، الأمر الذي أدى لإصابة بعض من النشطاء بفيروس كورونا.
وأوضح إنه ومع تزايد الجدال المتعلق بهذه القضية يرى الكثير من الأتراك إن الحاجة باتت ملحة إلى فرض العزل الطبي والإغلاق وعدم الاختلاط على الكثير من نشطاء الحركة المتواجدون في مختلف المدن التركية، الأمر الذي يزيد من دقة هذه القضية وخطورتها الآن وفي هذا الوقت.
صحف بريطانية
اللافت أن بعض من الصحف البريطانية اهتمت وأبرزت هذه النقطة ، مشيرة في ذات الوقت إلى دقتها السياسية، وتشير صحيفة مترو البريطانية إلى تزايد احاديث عبر منصات التواصل الاجتماعي إلى وجود إصابات بين بعض من النشطاء التابعين للحركة ، إلا أن هذه الإصابات تم تداركها بسبب تخوف المواطنين الأتراك من أن يؤدي الإبلاغ عن إصابة النشطاء رسميا إلى اشتعال حالة من الجدال تسيء لموقف الأجهزة الأمنية والحكومة التركية بالنهاية ، وهو ما أدى لفرض ما يمكن وصفه بطوق من السرية على هذه الإصابات.
اللافت أن تفشي وباء كورونا في تركيا والعالم أثر بالفعل على الحركة ، وبسبب هذا الفيروس لم يتلق الكثير من النشطاء في الحركة من الحصول على رواتبهم أو نفقاتهم التي يحصلوا عليها بصورة دورية ، وتصاعدت حدة الأزمة مع فرض الحكومة التركية لقيود صارمة على عمليات التنقل بين المدن المختلفة ، وهو ما زاد من حدة الأزمة التي تعاني منها حماس الآن في تركيا.
خطورة
ويشير الكاتب والمحلل السياسي الفلسطيني مراد سامي فلسطين في مقال تحليلي له نشرته صحيفة النهار اللبنانية إلى دقة وأهمية هذه الخطوة.
وقال سامي ” بعد تتالي الإعلان عن اكتشاف مصابين بفيروس كورونا، تنامت مخاوف الفلسطينيّين المقيمين في تركيا، وتحديداً في اسطنبول. هذه المخاوف لها مشروعيّتها لدى الأوساط الفلسطينية في تركيا نظراً لطبيعة علاقة حركة حماس بإيران.”.
وأضاف الكاتب ” من المعروف أنّ قيادات حماس على صلة متواترة وتنسيق منظم مع طهران، ما يجعل حركة التنقل لأعضاء حماس بين البلدين كثيفة من هذا الجانب؛ إيران التي سجّلت إلى حدّ اللحظة أكبر عدد من الإصابات بفيروس كورونا في الشرق الأوسط دون أن ينازعها في نِسَب الإصابة أحد من دول الجوار”.
من ناحية أخرى تشير تقارير صحيفة إلى إن وقف حركة الطيران وضعفها في تركيا أيضا أنعكس بصورة سلبية على الحركة ، خاصة وأن تركيا كانت بمثابة محطة عبور ونقطة انطلاق بين قطاع غزة ولبنان ، الأمر الذي كان يساعد في نقل أفراد الحركة ومسؤوليهم بين أنقرة وبيروت.
وتقول مصادر سياسية أن هناك انتقادات واسعة ضد تركيا في أوساط حركة حماس الآن ، وهي الانتقادات النابعة من قلة دعم أنقرة أو تقديمها للمساعدات المطلوبة أو اللازمة سواء للحركة أو لقطاع غزة ، إلا أن دوائر تركيا أشارت إلى أن الأزمة الحقيقة تنبع وفي الأساس من تفشي وباء كورونا في تركيا، الأمر الذي يؤثر وبقوة حجم المساعدات التي اعتادت تركيا منحها لقطاع غزة وحركة حماس، وهو ما بات واضحا خلال الآونة الأخيرة.