أثار إعلان الرئيس التونسي، قيس سعيّد، اعتزامه تنظيم استفتاء إلكتروني حول الإصلاحات السياسية، في إطار ضبط جدول زمني لإدخال تعديلات على النظام السياسي، تساؤلات عدة حول ماهية النظام القائم في البلاد وماهية الإصلاحات المطلوبة.
دستور 2014
والنظام السياسي في دستور تونس الذي تم إقراره عام 2014 هو نظام شبه رئاسي يعطي صلاحيات للحكومة التي تمثل السلطة التنفيذية، والذي اتُهم مؤخرا بأنه فشل في توحيد المواقف السياسية وخلق مشهدا منقسما.
اختيار رئيس الوزراء
والفصل 89 من الدستور يشرع اختيار رئيس الحكومة خلال الأسبوع الأول التالي لنتائج الانتخابات النيابية النهائية، حيث يكلف الرئيس مرشح الحزب أو الائتلاف الانتخابي الحاصل على أكبر عدد مقاعد بالبرلمان بتشكيل الحكومة خلال شهر يجدد مرة واحدة.
التشاور مع الأحزاب
وفي حال الفشل في تشكيل الحكومة أو غياب الحصول على ثقة مجلس النواب، يقوم الرئيس خلال عشرة أيام بالتشاور مع الأحزاب والائتلافات لتكليف شخصية أخرى من أجل تكوين حكومة في أجل أقصاه شهر.
حل البرلمان
وإذا انقضت أربعة أشهر على التكليف الأول دون منح البرلمان الثقة للحكومة، فلرئيس الجمهورية الحق في حلّ مجلس نواب الشعب والدعوة إلى انتخابات تشريعية جديدة خلال 45 يوما، على ألا تزيد عن 90 يوما.
التصديق على المعاهدات
ولرئيس الحكومة العديد من الصلاحيات أبرزها إحداث تعديل وحذف الوزارات وضبط صلاحياتها، وإقالة عضو أو أكثر من أعضاء الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية إذا تعلق الأمر بوزير الخارجية أو وزير الدفاع، إضافة إلى التصديق على المعاهدات وإبرام الاتفاقيات الدولية.
وفي 25 يوليو الماضي، أقال سعيد رئيس الحكومة وعلق عمل البرلمان، ثم دعا لإصلاح النظام السياسي وتعديل الدستور دون الإعلان عن فحوى التعديل والإصلاح السياسي.
ويرى مراقبون أن التعديل سيشمل السلطتين التنفيذية والتشريعية، والانتقال من نظام شبه رئاسي إلى نظام رئاسي، فضلا عن إدخال تعديلات على القانون الانتخابي، ومشروع قانون متعلق بالصلح الجزائي من أجل إعادة أموال تونس من جيوب الفاسدين.
أبرز الأحداث السياسية بتونس
25 يوليو
الرئيس يعلق البرلمان 30 يوما ويجدده 3 مرات ويقيل حكومة هشام المشيشي.
27 يوليو
حركة النهضة تصف قرار الرئيس بالانقلاب وتطالبه بالتراجع.
28 يوليو
قيس سعيّد يطلق حملة لمكافحة من نهبوا المال العام.
8 أغسطس
اتحاد الشغل يعلن ثقته في قرارات سعيد، ويدعو إلى الإسراع بتشكيل حكومة جديدة.
22 سبتمبر
صدور أمر يعزز صلاحيات سعيد التشريعية والتنفيذية على حساب الحكومة والبرلمان.
29 سبتمبر
الرئيس التونسي يعين نجلاء بودن رمضان رئيسا للحكومة التونسية.
غياب السلطة التشريعية
وقالت شهر زاد عكاشة الكاتبة الصحفية، عبر برنامج مدار الغد، إن إدخال تعديلات على النظام السياسي التونسي، أمر غاية في الصعوبة في الوقت الحالي، خاصة في ظل غياب تام للسلطة التشريعية.
واعتبرت “عكاشة” أن الرئيس قيس سعيد، لديه خبرة دستورية كبيرة، حيث كان من بين الخبراء في القانون الدستوري، الذين وضعوا دستور 2014، ما يؤكد عدم مخالفته أي نصوص دستورية وتشريعية.
وقالت إن حركة النهضة وقادة الإخوان، يتحملون مسؤولية الوضع الراهن، وما آلت إليه البلاد من انقسام وتفكك حتى الآن.
حالة من الغموض
وقال الدكتور خالد عبيد الأكاديمي والباحث في العلوم السياسية، عبر برنامج مدار الغد، إن الغموض ما زال يسيطر على المشهد السياسي، في ظل إعلان الرئيس عن استفتاء إلكتروني لإدخال تعديلات على النظام السياسي، حيث لم يوضح الرئيس حتى الآن، ما الإصلاحات التي ينوي إدخالها، وحجم التعديلات في النظام السياسي.
وأشار عبيد إلى أن الرئيس التونسي يدرك جيدا، أن النظام السياسي لدستور 2014 انتهى، ولم يعد له وجود، ولم يعد قابلا للتطبيق، مشيرا إلى أن استمرار دستور 2014، سيؤدي إلى تفكيك الدولة المركزية، ولا بد من تعديله.
لا ديمقراطية من دون أحزاب
وقال النائب فؤاد ثامر، عضو سابق في مجلس النواب التونسي وقيادي في حزب قلب تونس، عبر برنامج مدار الغد، إن الأحزاب السياسية تعيش حالة من التهميش، مشيرا إلى أن إجراءات الرئيس التونسي الأخيرة، جعلتها بمعزل عما يجري في الشأن السياسي.
وأشار ثامر إلى أن الأحزاب السياسية لم تجار الأحداث السياسية ولم تمارس أي إجراءات لزيادة انتشارها في الشارع، وعمل قاعدة جماهيرية لها، حتى فقد المواطن التونسي الثقة في قدرة هذه الأحزاب على إحداث تغيير.
وأوضح القيادي في قلب تونس أنه لا بد من اتخاذ إجراءت من شأنها إعادة التواجد الفعلي للأحزاب في الشارع، قائلا: «لا ديمقراطية من دون أحزاب».
فقدان الثقة
ويرى الدكتور محمد بوشنيبة عضو المكتب السياسي لحركة الشعب بتونس، أن كثرة عدد الأحزاب السياسية في البلاد، أدت إلى حالة من الارتباك لدى المواطن التونسي، في اختيار الحزب المعبر عن أفكاره واتجاهاته.
وقال بوشنيبه، عبر برنامج مدار الغد،إن ممارسات الأحزاب التي توالت على البلاد عقب الثورة التونسية، لم تصل إلى طموح المواطن التونسي، وأدت إلى إحباطه، ما دفعه إلى فقد الثقة في القدرة على تلبية احتياجاته.
وأشار القيادي بحركة الشعب إلى أن حركة النهضة، كانت أحد أهم الأحزاب التي أدت إلى فقد ثقة المواطن، فضلا عن الأحزاب صنيعة المال الفاسد والإعلام الموجه، والتي عملت لصالح أجندات بعينها.