طرحت الدوائر السياسية في الغرب، قضية “التكلفة السياسية” للسلام في اليمن، كأحد أبرز العقبات التي تعترض جهود الوساطة الدولية للحل السياسي للأزمة اليمنية، وأشارت إلى أن المواجهات العسكرية التي تشعل الحرب في اليمن، مجرد واجهة لأزمة الصراع السياسي بين أطراف الصراع، والتي تخشى من فقدان مكاسب سياسية تسعى إليها، سواء من جانب جماعة الحوثيين وأنصار الرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، أو من جانب الحكومة اليمنية الشرعية ممثلة في الرئيس عبدربه منصور هادي، ورئيس الحكومة خالد بحاح، وكذلك المملكة العربية السعودية.
و”عقدة” التكلفة السياسية، حسب تحليل الباحث البريطاني في شئون الشرق الأدنى، جيمس محبوب، الباكستاني الأصل، لصحيفة الجارديان البريطانية، هي تحسبات الخروج من المشهد السياسي اليمني، ولذلك فإن القتال في اليمن ينطلق من “عقيدة ” مكتسبات على الأرض تحقق مكاسب سياسية لكل طرف يريد أن يستأثر بالسلطة في اليمن .. ويقول “محبوب” أنه رغم الجهد الدولي لجمع الأطراف على طاولة المفاوضات في “جنيف 2 ” فإن المحرك الوحيد للأحداث يرتبط بالتكلفة السياسية للسلام، وحسابات كل طرف في المعادلة اليمنية، وهي أيضا حسابات الأطراف والقوى الخارجية التي تدعمهم.
ولعل هذا ما يفسر، في رأي المحلل السياسي البريطاني، اشتعال المواجهة في معركة تحرير محافظة “تعز” وأن انتصار أي من الطرفين المتصارعين في هذه المعركة، تضيف إليه مكاسب سياسية على الأرض، لتبدأ بعدها معركة فاصلة للسيطرة على العاصمة صنعاء، وهنا يدخل الطرفان الخاسر والمنتصر مفاوضات “جنيف 2 ” لفرض مكاسبه السياسية من جانب، أو البحث عن تنازلات والتفاوض حول مستقبل وجود سياسي آمن من جانب الطرف الاخر.
والرؤية السياسية التي تطرحها الدوائر السياسية في الغرب، يتفق معها الدبلوماسي اليمني وأستاذ العلوم السياسية السابق بجامعة صنعاء، والمقيم بالقاهرة، الدكتور عبدالقادر الجمعاني، بأن المكاسب السياسية هي هاجس أطراف الصراع في اليمن حاليا، ولا يمكن عزلها عن تداعيات الثورة الشعبية في اليمن 2011 والتي تم احتواؤها عربيا من الدول الخليجية، وبقيت المطامع المحلية قائمة خاصة بعد عودة الرئيس المخلوع علي عبد لله صالح لليمن .
وقال الدكتور الجمعاني، للغد العربي، أمس الجمعة، نحن أمام مشهد معقد، وبالتالي فإن التوقعات بنجاح جهود المبعوث الأممي لدى اليمن، لعقد جولة مفاوضات جديدة في سويسرا، سوف تبقى رهينة المشهد السياسي من حيث البحث عن مكاسب مبكرة سياسيا مترجمة على الأرض.
ويرى الدكتور الجمعاني، أن ما يقال في الغرب عن التكلفة السياسية للسلام في اليمن، لا يأخذ في الاعتبار تعقيدات أخرى وهي الخلافات داخل أطراف الصراع حول تلك المكاسب بل و”نصيب” أعضاء كل طرف، وهناك أيضا خلافات في الرؤية حول حدود تلك المكاسب، ولكن هناك اتفاقا بالضرورة بين كل طرف بأن أهم مكسب هو عدم الخروج من المشهد السياسي، وهنا تبدو “عقدة” الحل في اليمن ، أو عقدة التوجه إلى جنيف للمفاوضات الأسبوع المقبل تحت الضغط الدولي.
