مع وصول طائرة الرئيس الصيني «شي جين بينغ» إلى موسكو، في زيارة رسمية تستمر يومين، وفي أول محطة خارجية له منذ إعادة انتخابه، تفجرت هواجس القلق لدى دول الغرب، بينما ترصد الدوائر السياسية «رسائل» القمة بين الرئيس الروسي، فلاديمير بوتين ونظيره الصيني، شي جين بينغ»
-
الدوائر السياسية في موسكو، تؤكد أن «القمة تاريخية» في ظل المناخ العالمي الذي ينبىء بتغيرات دولية لتأسيس نظام عالمي جديد على أنقاض مرحلة «ظام القطب الأوحد» بزعامة أمريكية غربية..ومن المتوقع أن تكون مبادرة السلام الصينية بشان أوكرانيا.. ومسائل تطوير العلاقات الثنائية والتعاون بين البلدين.. والوضع العالمي الراهن على رأس جدول أعمال الزعيمين.
رسائل من وراء عقد لقاءات «غير رسمية» بين بوتين وشي
الدوائر الغربية، ترصد وتترقب نتائج القمة الصينية ـ الروسية، وتبني توقعاتها على مراسم «غير رسمية» وفي صورة «سرية» للقاء الزعيمين الروسي والصيني، حيث يجريان محادثة ثنائية، خلال مأدبة غداء غير رسمية، وتعقد غد الثلاثاء لقاءات غير رسمية بين الرئيسين.. مما يؤشر لـ«سرية وأهمية وخطورة» النقاط التي يبحثها «بوتين ـ شي»، بحسب تعبير المخللين السياسيين في لندن وواشنطن.
- النتائج المرتقبة، لن تخرج عن نطاق «مواقف وتصريحات» روسيا والصين في أكثر من مناسبة سابقة، بأنهما تعارضان بقوة الهيمنة والحرب والدفع نحو حرب باردة جديدة.. وأنهما تلتزمان بشدة بتعزيز عالم متعدد الأقطاب وعلاقات دولية أكثر ديمقراطية.. وذلك في الوقت الذي تسعى فيه بعض الدول الغربية وعلى رأسها الولايات المتحدة، إلى إحياء عقلية الحرب الباردة وفرض نظام وتوجه سياسي على الدول الأخرى.
زبارة في «وقت مناسب»
وتأتي زيارة الرئيس الصينية «شي» لموسكو، في وقت مناسب للرئيس الروسي فلاديمير بوتين، حيث تخضع روسيا لعقوبات شديدة تفرضها الدول الغربية ردا على هجوم أوكرانيا. وتعتبر الصين إحدى الدول القليلة التي لم تدين «العملية العسكرية الروسية» في أوكرانيا، وتحاول التوسط لإنهاء الحرب، وبالتالي تقدم نفسها كشريك مفيد لروسيا.
- وتعتبر هذه الزيارة الأولى لزعيم أجنبي إلى روسيا منذ أن أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرة توقيف ضد الرئيس بوتين بتهمة ارتكاب جرائم حرب في أوكرانيا. وهو متهم بترحيل الأطفال بشكل غير قانوني من أوكرانيا إلى روسيا..وتقول روسيا إنه جرى نقل الأطفال من منطقة حرب إلى مكان آمن.
تعزيز العلاقة بين موسكو وبكين
وتتوافق الدوائر السياسية في بكين وموسكو، على أن المباحثات «التاريخية» التي تشهدها موسكو اليوم وغدا، سوف تركز على تعزيز العلاقة بين موسكو وبكين، مما تسبب في «القلق» لدى واشنطن والدول الغربية بصفة عامة..ويرى الباحث الروسي، يفغيني أوميرنيكوف، أن واشنطن وبروكسل، متأكدون من التالي:
- موسكو وبكين تمثلان تهديدًا لموقع الغرب المهيمن في العالم..وفي وثائق الناتو وجميع أنواع الاستراتيجيات المكتوبة، فإن روسيا عدو مباشر، والصين هي العدو الرئيس المستقبلي..وعندما يعلن كلا عدويك أنهما يريدان أن يعززا صداقتهما أكثر مع بعضهما البعض، فهذا أمر مقلق للغاية.
روسيا والصين يشكلان «سبيكة» قادرة على تغيير العالم
ودواعي القلق، بحسب «أوميرنيكوف»، من زاوية المفارقة التاريخية بالنسبة للولايات المتحدة، تكمن في حقيقة أنها بعد أن حققت نجاحًا لا يرقى إلى الشك في ضرب الهيمنة التي كانت ستتولد عن وحدة روسيا وأوروبا اقتصاديا وسياسيا، خلقت لنفسها تهديدًا جديدًا أكثر خطورة استراتيجيا، هو الشراكة بين موسكو وبكين. فرغم نجاحها في شق الصف بين روسيا وأوروبا، تجد الولايات المتحدة نفسها عاجزة عن دق إسفين بين روسيا والصين.
- وهذه «سبيكة» واضحة من الإمكانات العسكرية والقوة الاقتصادية، قادرة على تغيير العالم المريح لواشنطن بشكل حاسم ليصبح غير ذلك.
تدشين علاقات دولية خارج الحظيرة الغربية
سياسيون ومحللون في بريطانيا، كشفوا عن «هواجس القلق» لدى الغرب، وهم يشككون في طرح الرئيس الصيني «وثيقة السلام بشان أوكرانيا» خلال مباحثاته في موسكو، وترى الباحثة البريطانية، المتخصصة في الشؤون الصينية، كيتي ستالارد، أن الرئيس الصيني لم يذهب إلى موسكو ليصنع سلاما، مؤكدة أن شي يريد ضمان ألا تخسر روسيا الحرب.
- ولفتت الباحثة البريطانية، إلى تدهور العلاقات بوتيرة متسارعة بين الصين والولايات المتحدة، راصدة حديثا أدلى به الرئيس الصيني « شي» أمام برلمان بلاده في وقت سابق من الشهر الجاري عن حملة بقيادة واشنطن وحلفائها الغربيين «لاحتواء وتطويق وقمع الصين»، وأن الرئيس الصيني يرى في نظيره الروسي شريكا مصيريا في هذا الصراع؛ وكلا الرجلين ماضٍ في تدشين علاقات دولية خارج الحظيرة الغربية.
مبادرة السلام الصينية بشأن أوكرانيا
ويؤكد دبلوماسيون روس، أنالزعيمين سيتطرقان إلى مبادرة السلام الصينية بشأن أوكرانيا، وأن الرئيس بوتين سيحيط الرئيس الصيني بموقف روسيا من التسوية للأزمة الأوكرانية..وبينما يشكك الغرب في مبادرة السلام الأخيرة التي أطلقتها بكين، والتي دعت إلى وقف إطلاق النار، لكنها لم تقدم مطالب ملموسة لسحب القوات الروسية من أوكرانيا،.
- كانت الصين أصدرت وثيقة من 12 بندا بعنوان «موقف الصين من التسوية السياسية للأزمة الأوكرانية» في أواخر شهر فبراير/ شباط الماضي، تدعم من بين أمور أخرى احترام سيادة جميع البلدان، ووقف الأعمال العدائية واستئناف محادثات السلام بين موسكو وكييف.
