ظهر المحقق الخاص روبرت مولر مجدداً، في ظل معلومات جديدة عن مخالفات قانونية ارتكبها دونالد ترامب الابن، والحليف القديم للرئيس الأمريكي روجيه ستون.
ويشير الكاتب ديفيد تايلور، في تقرير بصحيفة “غارديان” البريطانية، إلى أن جيمس كومي رئيس مكتب التحقيقات الفيدرالي كشف في مارس (آذار) 2017، علناً في الكونغرس، أنه في يوليو (تموز) 2016، فتح مكتب التحقيقات الفيدرالي تحقيقاً في التدخل الروسي في الانتخابات الأمريكية، والتواطؤ المحتمل لحملة ترامب.
وأثناء الانتخابات، تحدث كومي بصراحة عن تحقيق مكتب التحقيقات الفيدرالي في رسائل هيلاري كلينتون الإلكترونية، لكن التحقيق حول ترامب وروسيا، قي سرياً.
وبعد ثمانية أيام من تصريحات كومي، عين نائب المدعي العام رود روزنشتاين، روبرت مولر محققاً خاصاً، وبعد 18 شهراً، أفضى التحقيق إلى اتهام 32 شخصاً وثلاثة كيانات روسية بتهم تتراوح بين القرصنة الحاسوبية وإعاقة سير العدالة.
وأقر كل من رئيس حملة ترامب السابق بول مانافورت، ومستشار الأمن القومي السابق مايكل فلين، بالذنب في تهم جنائية وتعهد بالتعاون، إلا أن دونالد ترامب الابن، ومرشد ترامب روجيه ستون، بقيا “في خطر قانوني“.
“تحرك بسرعة لا تصدق“
ويقول تايلور إنه يمكن تقسيم التحقيق، الذي كلف أكثر من 16.6 مليون دولار في أول 11 شهراً، إلى أربعة أجزاء مختلفة أدت جميعها إلى إصدار لوائح اتهام، ومنها:
1– مانافورت وعلاقاته التجارية بروسيا، بعد سنوات من العمل في دعم الرئيس الأوكراني السابق فيكتور يانوكوفيتش.
2– الاستخدام الروسي لحسابات وسائل الإعلام الاجتماعية وهمية للتأثير على انتخابات في 2016.
3– القرصنة الروسية للحزب الديمقراطي وما تلاه من تسرب لآلاف الرسائل الإلكترونية من قبل ويكيليكس.
4– اتصالات حملة ترامب مع روسيا، بما فيها اجتماع “برج ترامب“.
وتقول آن ميلامغر، أستاذة القانون في جامعة نيويورك، والمدعي العام السابق، والمدعي العام في نيو جيرسي، إن “مولر ومحاميه السبعة عشر قاموا بعمل رائع“.
وتضيف “مولر تحرك بسرعة هائلة، وحصل على الكثير من اتفاقات التعاون والتهم، وقام بعمل غير عادي من خلال هدم القرصنة الروسية للانتخابات“.
وقالت المدعية الفيدرالية السابقة في مقاطعة كاليفورنيا الشمالية، إليزابيث دي لا فيغا، حسب “غارديان”، إن “التهم المعقدة ضد نحو 30 شخصاً ومنظمة، في أقل من عامين، إنجاز، حيث قد تستمر التحقيقات الفيدرالية لمدة ثلاث أو أربع سنوات قبل توجيه التهم إلى بعض المدعى عليهم. ورغم الهجمات اليومية الزائفة من الرئيس وحلفائه، بقي فريق مولر يعمل بشكل مستمر وفعال“.
ويضيف تايلور أن “هناك لائحة تتهم ثلاث شركات روسية و13 روسياً بتفاصيل مذهلة عن الشركات التي لديها ميزانيات تزيد عن 1.2 مليون دولار شهرياً ومئات الموظفين الذين يقومون بإنشاء محتوى زائف، يهدف إلى إثارة أصوات الناخبين الأمريكيين“.
واتهمت لائحة اتهام أخرى 12 عنصراً من الجيش الروسي بقرصنة الديمقراطيين وحملة كلينتون.
أدلة استثنائية
وتقول ميلامغر: “إنها حقاً أدلة استثنائية ومفصلة عن الطريقة التي اخترقت بها الحكومة الروسية الانتخابات الأمريكية، ولكن ما زال هناك عقد فيما يتعلق بذلك، هل سيتهم روجر ستون، هل سيكتب مولر تقريراً عن الرئيس، ماذا عن دونالد ترامب الابن؟“.
وتضيف الأستاذة في القانون “ما زالت هناك أسئلة عالية المستوى، مثل ما مدى قرب هذا من الحملة الانتخابية لترامب؟ هل كانوا متورطين في الإصدار المنسق لرسائل البريد الإلكتروني المخترقة في Podesta؟ ماذا عن جهود الرئيس للإطاحة كومي بدعوى عرقلة العدالة؟“.
ولفت الكاتب إلى أنه “لا يُعرف سوى القليل عن الأعمال الداخلية لتحقيقات مولر، والتي تعمل انطلاقاً من مكتب في جنوب غرب واشنطن“.
وتقول الصحيفة إن رجل الأعمال البريطاني روب غولدستون، الذي يعمل لصالح عائلة أغاراروف الروسية، هو من أعد “لقاء برج ترامب” بين دونالد ترامب الابن، ومجموعة من الروس.
والتقى غولدستون بفريق مولر طواعية. وقال للصحيفة إنه اقتيد في سيارة لا تحمل علامات لمدة ست أو سبع ساعات من المقابلات في فبراير(شباط) 2018.
وتابع “كنت في غرفة وفي المنتصف طاولة طويلة، جلست على جانب واحد وجلسوا على الجانب الآخر، وجلست محاميتي بجانبي. كان هناك شيء منطقي للغاية حول نهج الأسئلة”، مضيفاً “كان هناك حوالي 6 أشخاص، واثنين من موظفي مكتب التحقيقات الفيدرالي، واثنين من فريق مولر. وعلى مدار اليوم، سألوني عن بريدي الإلكتروني، واجتماع برج ترامب، وعن علاقتي مع أغاراروف“.
ويقول غولدستون: “سألني الكثير من الأصدقاء هل التقيت روبرت مولر؟ وقلت مراراً أنه حتى لو دخل لتغيير المصباح أو ضبط تكييف الهواء، فسأكون مرعوباً من فكرة أنه كان هناك، لذلك كنت شاكراً لأنني لم أر بوب مولر“.
في 9 مارس (آذار)، ظهر غولدستون طواعية أمام هيئة المحلفين الكبرى، وقال تعليقاً على ذلك للصحيفة: “كان هناك 22 أو 23 شخصاً، ليس لديك محامين، أنت وحدك، كان ذلك مرعباً جداً. مرعباً حتى لو كنت تعرف وتعتقد أنه ليس لديك ما تخشاه“.
أسئلة دون أجوبة
ويشير الكاتب ديفيد تايلور إلى أن كل العيون موجهة الآن نحو مانافورت الذي قرر أن يتعاون، نظراً لأنه محامٍ محكوم بتهم تشمل الاحتيال على البنوك والضرائب في 8 فبراير (شباط).
وطلب فريق مولر تأجيل الحكم ضد ريك غيتس، شريك مانافورت السابق، والشاهد الرئيسي ضده.
وفي وقت سابق من هذا الشهر، طالب الفريق أيضاً بتأجيل حديث القاضي عن تعاون مانافورت، وغداً الإثنين، سيقدمون تقريراً.
يفترض المراقبون، حسب “غارديان”، أن ذلك يعني أن الاتهام وشيك ضد شخص ما. وبالنسبة لمانافورت، إذا لم يكن يتعاون بشكل كامل، فقد يتم الحكم عليه بقسوة أكبر.
تقول آن ميلامغر: “لا أحد يعلم ما يفعله بول مانافورت، هل يتعاون ضد الرئيس، أم ضد دونالد الابن؟، لا أحد يعلم سوى مولر“.
مباراة شطرنج
وأضافت “أظن أن هناك الكثير من القضايا التي طرحت بالفعل في هيئة المحلفين الكبرى، وبعضها كان من الممكن أن يصوت عليها وتوضع تحت الختم، أعتقد أن مولر قام بأكبر قدر ممكن من العمل، ووصل إلى أقصى درجة ممكنة قبل منتصف المدة“.
وتعتقد المدعي العام في نيو جيرسي، أن التحقيق ربما يستغرق حوالي ستة أشهر، رغم أنه إذا رفض ترامب اجتماعاً وجهاً لوجه، فقد يسعى مولر للحصول على أمر استدعاء لوضعه أمام هيئة المحلفين الكبرى.
وقالت: “إنها مباراة شطرنج.. سنرى كيف ستنطلق في العام المقبل”.
