كشف وزير المالية الجزائري، عبد الرحمان راوية، على هامش الاجتماع بين وزراء المالية العرب وصندوق النقد الدولي بدبي، عن توجه الحكومة للتخلي عن سياستها الاجتماعية التي طالما نادت بها، وبالتالي عدم التعامل مع شريحة واسعة من المواطنين بمنطق التحويلات الاجتماعية (الدعم) ، تحت ذريعة أنها تكلف الخزينة العمومية حوالي 30 في المائة من الميزانية.
وأكد الوزير الجزائري، أن الدولة سترفع الدعم عن أسعار الوقود ابتداء من العام المقبل 2019، ثم ترفع الدعم عن المواد الأخرى المدعمة من الخزينة العمومية في السنة التي تليها أي سنة 2020، وهو التصريح الأول من نوعه الذي يدلي به عضو في الحكومة، رغم الأصداء والمساعي التي كانت تتجه نحو هذا الأمر منذ بداية أزمة أسعار المحروقات في منتصف 2014.
وتكمن خطورة رفع الدعم عن الوقود، بحسب تقرير صحيفة الخبر الجزائرية، في الأعباء التي سيترتب عليها رفع الدعم، ما سيعني ارتفاعا جنونيا، لاسيما أن تقديرات السلطات العمومية كانت تقدر سعر اللتر الواحد بأكثر من 50 دينارا على أقل تقدير، مع برمجة رفع الأسعار مجددا في 2019. وفي حال تحرير الأسعار، فإن متوسط الأسعار سيصبح غير مطاق، خاصة مع فقدان البدائل في دولة تعاني من اختلالات كبيرة في مجال النقل، وغياب منظومة نقل متطورة لسنوات أخرى، كما أن مراجعة أسعار الوقود ستنتج عنه زيادة كبيرة في أسعار العديد من القطاعات والمجالات.
وأشار التقرير إلى أن رفع الدعم يتعلق أيضا بالمواد الغذائية، على غرار الخبز، والحليب، وغيرها كالزيت، والسكر، بينما ستعمل الحكومة على اتباع إستراتيجية جديدة تقوم على تحديد الفئات المعنية بالدعم من المجتمع، بدلا من تعميم الاستفادة منها على الجميع بمن فيهم الأغنياء والفقراء، وهي الآلية التي تعمل بها الكثير من دول العالم، التي تفرض إحصاء الأسر المحتاجة والتعامل مع هذه المسألة بمنطق العدل في توزيع أموال الدعم.
رفع الحكومة الجزائرية يدها عن الدعم، يرجع لتخفيف عبء ثقل مصاريف التحويلات الاجتماعية (الدعم) التي تمثل ما يقارب 30 في المائة من الميزانية الإجمالية، وهو الأمر الذي فرضته الظروف الحالية كنتيجة حتمية للتراجع المستمر للمداخيل الوطنية جراء تهاوي أسعار النفط، نحو مستويات متدنية جدا، ما ألزم الجهات المسؤولة في نهاية المطاف بفرض حزمة من الضرائب والرسوم الجديدة جاء بها قانون المالية لسنة 2017، وبعده قانون المالية للسنة الجارية.ولتبلغ الحكومة حد التخلي عن جزء هام من برامجها الاقتصادية، بدعوى أنها لا تحظى بالأولوية والطابع الاستعجالي، وأن تطبيق رفع الدعم يقلص مصاريف الموازنة بحوالي 30 في المائة على أقل تقدير.
ومع سياسات رفع الدعم، فإن الحكومة الجزائرية توحي بأن الوضع المالي سيكون صعبا إلى درجة عدم استبعاد الاستدانة بعد سنة 2019، وبرزت مؤشرات ذلك مع تسجيل ارتفاع محسوس للمديونية العمومية الداخلية وحتى الخارجية، فقد أشارت آخر تقديرات الحكومة إلى تجاوز المديونية الداخلية السنة الماضية عتبة 4000 مليار دينار أي ما يعادل 34.8 مليار دولار، وأن عجز الخزينة العمومية تجاوز سقف 1000 مليار دينار أو ما يعادل 8.8 مليار دولار.
