كعادته دائما في اتخاذ القرارات، أصدر طارق عامر، محافظ البنك المركزي، بشكل مفاجئ قرارا بإعادة طباعة الورقة المالية فئة واحد جنيه مصري، مع تغيير طفيف في الشكل، يتمثل في وضع شريط تأميني جديد، فضلا عن طرح 500 مليون جنيه ورقي من فئة «الجنيه» مطلع رمضان المقبل، لافتا إلى أن «المركزي» لم يوقف التداول على الجنيه الورقي، لكنه أوقف طباعته، بخاصة مع وجود الجنيه المعدني كبديل في الأسواق.
جاء ذلك وسط انهيار الجنيه المصري أمام الدولار، وما استتبعه ذلك من زيادة أسعار أغلب السلع والخدمات، واستغاثة المواطنين، لاسيما محدودي الدخل، من ارتفاع الأسعار في مقابل ثبات الأجور وارتفاع معدل البطالة، فإذا بمحافظ المركزي يطل علينا بقرار جديد ترك المصريين على مواقع التواصل الاجتماعي بين السخرية والاستنكار والدهشة.
فالبعض استقبل القرار بكتابة التدوينات الساخرة، وعبارات الترحيب على شبكات التواصل الاجتماعي، مثل «حمدا لله على السلامة يا كبير من بعدك والدولار بيلعب بالجنيه الفضة ملك وكتابة»، «ورق ولا معدن يعني هي هتفرق»، «الجنيه الورق رجع ومرسي لسه مرجعش.. رايحة بينا على فين يامصر»، مستخدمين هشتاج #الجنيه_الورق.
في حين بدأ البعض الآخر في التفكير في السبب الحقيقي وراء اتخاذ المركزي المصري قرار إعادة طباعة الجنيه الورق، والتبعات المتوقع انعكاسها على الاقتصاد المصري جراء اتخاذ هذا القرار.
حول تبعات عودة الجنيه الورق على الاقتصاد المصري، ترى الدكتورة سلوى العنتري، الخبيرة المصرفية، في تصريحات لموقع «الغد»، أن «إعادة طباعة الجنيه الورقي سيزيد من قيمته لدى المصريين، وسيعمل على تعزيز القوة الاقتصادية لتداول أوراق العمله المصرية، كما أن استخدامه وسكه سيكون أفضل بكثير من الجنيه المعدني».
وأرجعت العنتري القرار إلى ارتفاع تكلفة سك العملات المعدنية في ظل الأزمة الاقتصادية الحالية، وارتفاع سعر صرف الدولار مقابل الجنيه المصري ليسجل 8.88 جنيه للدولار بالبنوك، ونحو 10.95 جنيه بالسوق السوداء.
وأضافت أن «عملية إنتاج الجنيه المعدني شهدت بعض الصعوبات خلال الفترة الماضية، خاصة فيما يتعلق بارتفاع تكلفة المعدن، ما دفع المركزي لاتخاذ قرار إعادة طباعة الجنيه الورقي من جديد».
فيما صرح فخري الفقي، مستشار صندوق النقد الدولي سابقا، بأن «أصحاب ورش المفاتيح يقومون بصهر الجنيه والاعتماد على معدنه لتصنيع المفاتيح، التي تباع بأسعار تتراوح ما بين 5 إلى 10 جنيهات».
وأضاف الفقي، أن «أصحاب ورش المفاتيح يقومون بجمع الجنيه وصهره، ما يؤدي لشحه في السوق»، لافتا إلى أن «مثل هذه الممارسات من شأنها إحداث تأثيرات اقتصادية، وإن كانت محدودة على المدى القريب، في ظل ارتفاع تكلفة إنتاج الجنيه المعدني».
في مقابل ذلك، صرح الدكتور وائل النحاس، الخبير الاقتصادي، بأن «عودة الجنيه الورقي المصري مرة أخرى إلى السوق المصري، بمثابة إهانة للعملة المصرية، كما أنه سيزيد من التضخم الاقتصادي»، لافتا إلى أن «محافظ البنك المركزي لم يحل أزمة الجنيه أمام الدولار، كما أن الجنيه المصري الورقي لن يؤثر على القوة الشرائية للجنيه».
كما طالب النحاس البنك المركزي بالتراجع عن هذا القرار، نظرا لأنه بذلك سيتم سحب مبلغ نصف مليار كل 6 أشهر لتجديد طباعة 500 مليون جنيه ورقي للسوق.
وعن أسباب إعادة طبع الجنيه الورقي، صرح محافظ البنك المركزي أنه قد تم اتخاذ هذا القرار عقب اختيار صحيفة «التليجراف» البريطانية، الجنيه الورقي المصري كأفضل تصميم للعملة على مستوى العالم، حيث تصدر قائمة أفضل تصميم للعملات على مستوى العالم.
وأضاف عامر، أن البنك لم يوقف التداول على الجنيه الورقي، لكنه أوقف طباعته مرة أخرى، بخاصة مع وجود المعدني كبديل في الأسواق، لكنه يدرس حاليا إعادة طرحه، خاصة بعد حصول تصميم الجنيه المصري على جوائز دولية في جمال التصميم.
كذلك أشار محافظ المركزي إلى أن تكلفة طباعة الجنيه الورقي تصل تقريبا إلى نصف تكلفة سك العملة المعدنية من الجنيه، على الرغم أن المعدني فترة صلاحتيه أطول من الورقي.
من جهته، نفى محمد السبكي، رئيس مصلحة سك العملة التابعة لوزارة المالية، وجود نقص في المعروض من العملات المعدنية فئتي الجنيه والخمسين قرشا، لاسيما أنه تم إنتاج 15 مليون قرص معدني فئة جنيه، بالإضافة إلى 5 ملايين فئة خمسين قرشا منذ أغسطس الماضى، التي تحمل شعار قناة السويس الجديدة.
وأوضح السبكي، أن «المصلحة مستمرة في سك الجنيه المعدني بالتنسيق مع البنك المركزي، لحين إخطارها باستئناف طرح وطباعة الجنيه الورقي لاتخاذ الإجراءات اللازمة حيال ذلك».