دفع فرناندو الآتي من هندوراس 7 آلاف دولار إلى مهرّب ليدخله سرّا إلى الولايات المتحدة الأمريكية مع ابنته البالغة 3 أعوام، لكنّه سرعان ما أعيد إلى المكسيك.
فقد صارت الحدود بين الولايات المتحدة والمكسيك أشبه بباب دوّار لا يتوقف.
وعلى غرار فرناندو، الذي دخل من المكسيك عبر مدينة سيوداد خواريز الحدودية، يعاد مهاجرون آخرون باستمرار بموجب “الفصل 42” من قانون أمريكي سنّ العام 1944 يخوّل إغلاق الحدود للحيلولة دون تسرّب الأمراض.
ولجأ الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب/ لهذا القانون مرات عدة بحجة كبح تفشي فيروس كورونا، ويواصل خلفه جو بايدن تطبيقه.
لكن فرناندو (38 سنة) لا ينوي البقاء في المكسيك.
ويقول المهاجر لوكالة فرانس برس، “أعلم أن ذلك ممكن، أعلم أن جو بايدن رئيسنا، يمكن أن يفتح لنا الباب ويقول تعالوا إلي يا جميع المتعبين”.
ورفض الرجل كشف هويته خوفا من مشاكل محتملة مع السلطات الأمريكية إذا تمكن من الاستقرار في الولايات المتحدة.
مثله، أعيد عشرات المهاجرين قبل أيام قليلة، وقد وجدوا ملاذا في مركز استقبال في سيوداد خواريز.
هؤلاء ليسوا حالات معزولة، ففي فبراير/ شباط فقط أوقف أكثر من 100 ألف مهاجر غير شرعي عند الحدود الجنوبية للولايات المتحدة، بينهم نحو 9500 قاصر لا يرافقهم بالغون، وفق السلطات الأمريكية.
وفرّ غالبية المهاجرين من الفقر وعنف العصابات في هندوراس وجواتيمالا وسلفادور.
باب دوّار
على مسافة بضعة كيلومترات من مركز الاستقبال في سيوداد خواريز تقع الحدود التي صارت أشبه بباب دوّار تمر عبره يوميا دفعات من المهاجرين نحو الولايات المتحدة حيث يمكثون لأيام أو ساعات قبل أن يرحّلوا.
وعلى أمل الحصول على حق اللجوء بسهولة أكبر، يعبر البعض نهر ريو جراندي مع أطفال صغار بين أذرعهم ثم يتجهون مباشرة إلى دوريات الحدود الأمريكية.
وشاهد فريق من صحافيي وكالة فرانس برس فتاة في التاسعة أو العاشرة من عمرها تسرع عبر النهر، ثم جلست تحت عمود في انتظار وصول الدورية الحدودية.
وأعلنت السلطات الأمريكية الجمعة وفاة طفل مكسيكي يبلغ 9 أعوام أثناء عبوره النهر في 20 مارس/ آذار.
ويعبر مهاجرون كثر الحدود بشكل غير قانوني، على أمل حصو تغيير في سياسة الهجرة في الولايات المتحدة التي سبق أن أعلنت تسوية وضع 11 مليون مقيم بشكل غير شرعي.
ويقول القسّ فرانسيسكو خافيير كالفيو، المسؤول في أحد مراكز استقبال المهاجرين الرئيسية في سيوداد خواريز، إن “الناس يقدّرون بايدن جدا. المزيد والمزيد منهم يريد المجيء”.
ويأسف لأن “المهربين بدأوا مرافقة من يظنّ أن الحدود صارت مفتوحة، لكن ذلك غير صحيح”.
وأفادت الحكومة المكسيكية في الفترة الأخيرة بوجود 31492 مقيما على أراضيها بشكل غير قانوني بين يناير/ كانون الثاني ومارس/آذار 2021، أي بزيادة 18% مقارنة بالفترة نفسها من العام الماضي.
وفي جسر باسو ديل نورتي الرابط بين سيوداد خواريز ومدينة إل باسو الأميركية، يجري ترحيل المهاجرين بشكل مستمر.
ويعاد يوميا عشرات المهاجرين إلى الجهة المكسيكية، الحزن والقلق باديين على وجوههم في ظلّ غموض المصير الذي ينتظرهم. يقول أحدهم بلوعة “هذه هي الحياة”.
لكن هناك من هو أكثر حظا.
تقول امرأة متحمسة تنتظر المرور عبر الجسر حاملة أوراق قانونية، “نعم، لقد نجحنا”.
ولكن هؤلاء ليسوا الغالبية، بل العكس. فمنذ 19 شباط/فبراير، عبر 3600 شخص فقط الحدود لعيش “الحلم الأمريكي”.
وصارت قضيّة الحدود مع المكسيك معضلة لجو بايدن الذي كلّف بها مؤخرا نائبته كامالا هاريس.
وطلبت الإدارة الأمربكية من المهاجرين التوقف عن المجيء للولايات المتحدة، وأكدت أن الحدود مغلقة وأن الرحلة محفوفة بالمخاطر.
في الوقت ذاته، عزّزت الحكومة المكسيكية الرقابة عند الحدود الجنوبية مع غواتيمالا لكبح تدفق المهاجرين.
