«محور الشر» .. هكذا وصف الرئيس الأمريكي السابق جورج بوش، كل من العراق وإيران وكوريا الشمالية بعد امتلاكهم أسلحة نووية، كانت مبررا لأمريكا لغزو العراق عام 2003، ودافعا لها لإبرام اتفاقا وصف بـ «التاريخي» مع إيران والذي دخل حير التنفيذ في يناير من العام الماضي، بتخلي إيران عن أجزاء من خطتها النووية مقابل رفع العقوبات المفروضة عليها، إلا أن كوريا الشمالية بقيت الوحيدة ضمن هذا المحور، مستمرة في تجاربها النووية وسط تنديدات أمريكا التي أبرمت معها اتفاقا في عام 1994 لم يكن كافيا لإنهاء البرامج النووية هناك.
وأعلنت كوريا الشمالية، اليوم الجمعة، أنها أجرت «بنجاح» خامس تجربة نووية، في تفجير كان الأكبر من نوعه، وفق ما وصفته كوريا الجنوبية، بينما أكدت الشمالية أن نجاح التجربة يمكنها من إنتاج أي عدد ترغب به من الرؤوس الحربية النووية المتنوعة والصغيرة والأخف وزنا ذات القوة التدميرية الكبيرة.
فهل يمكن أن تخضع الولايات المتحدة الأمريكية للجلوس على طاولة المفاوضات مع كوريا الشمالية بعد تجربتها الخامسة؟
وقالت صحيفة الجارديان أن الاختبار الصاروخي الخامسي أبرز مخاوف العالم الذي كان يعتقد، قبل عامين فقط، أن التجارب النووية لهذا البلد هي مجرد دلالة سياسية لنفوذه، وورقة ضغط للمساومة لكسف المنافع الاقتصادية والدبلوماسية.
ونقلت الصحيفة البريطانية عن خبراء بأن كوريا الشمالية طورت بالفعل رؤسا نووية يمكنها أن تصل إلى كوريا الجنوبية، واليابان والقواعد العسكرية الأمريكية في المنطقة، إلا أنهم أكدوا أنه لا زالت في حاجة إلى عشرات السنوات لتطوير مفاعلاتها لاستهداف الولايات المتحدة الأمريكية، فيما تتصدر التهديدات النووية لكوريا الشمالية أولويات الإدارة المنتظرة.
وقال جيفري لويس، مدير برامج منع الانتشار النووي في آسيا بمعهد ميلدلبوري، أن استراتيجية كوريا الشمالية غير واضحة، وقد تكون لصد أي غزو، مؤكدا أن الرئيس كيم جونج أون لن يكون كالرئيس العراقي صدام حسين، أو الليبي معمر القذافي، ولا يبدو أن سيقف ليشاهد غزو الولايات المتحدة.
على الجانب الآخر، أظهرت التجارب النووية في كوريا الشمالية، استعدادات جارتها الجنوبية لاتخاذ التدابير المضادة، بما في ذلك نشر نظام الدفاع الصاروخي «ثاد» بمساعدة الولايات المتحدة.
ونقلت الصحيفة عن الخبراء في المجال النووي أن التقدمات العسكرية لكوريا الشمالية ستدفع الإدارة الأمريكية المقبلة للجوء لخيار العودة لطاولة المفاوضات، لافتين إلى أن ثمنا مرتفعا سيدفع مقابل إقناعها بالعدول عن تجاربها النووية.
ولفتت شبكة CBS نيوز الأمريكية أن الدبلوماسية فشلت في وقف البرنامج النووي لكوريا الشمالية، حيث أن الاتفاق الناجم عن مجموعة الست دول والذي يقضي بإنهاء البرنامج النووي في مقابل المساعدة في بناء مفاعلات لها القدرة على توليد الكهرباء، استمرت حتى عام 2008، وسقط الاتفاق في 2009 بخلافة كيم جونج أون لوالده الذي واغته المنية في عام 2011.
وكانت كوريا الشمالية قد وجهت لوما للولايات المتحدة وكوريا الجنوبية لبرنامجها النووي، كما طالما طالبت بيونج يانج واشنطن بسحب قواتها من المنطقة، وتوقيع اتفاق سلام ينهي الحرب الكورية.
