بعد أكثر من 3 أشهر على الحرب الروسية الأوكرانية، فوجئت الصين بحجم الضرر الذي أصاب علاقتها مع أوروبا نتيجة الدعم المعلن لموقف روسيا، وهو ما دفعها لمحاولة السيطرة على هذا الضرر الذي لحق بهذه العلاقة خاصة مع دول وشرق أوروبا.
الدعم الصيني لروسيا
ففي محاولة دبلوماسية يائسة أرسلت بكين مبعوثيها في جولة مكوكية بين بودابست وبراج ووارسو على أمل استمالتها إليها من جديد ولكن هذه المحاولة قوبلت بفتور أحيانا وبتوبيخ في بعض الأحيان بسبب الدعم الصيني غير المشروط لروسيا.
ومع بداية الحرب، أعلنت بكين تأييد دعوة موسكو لقوات حلف الناتو العودة إلى حدود عام 1997 وإخراج دول مثل التشيك وبولندا وسلوفاكيا من تحت مظلة الحلف رغم أنهم حلفاء للصين في مجموعة (16+1) وهو تحالف تجاري يضم 16 دولة من دول شرق ووسط أوروبا إلى جانب الصين.
الإحباط الأوروبي من بكين تزايد مع تبريرها العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا بسبب ما وصفه بتوسع حلف الناتو في الجناح الشرقي من القارة الأوروبية.
وألمانيا التي تعتبر أحد أكبر وأهم شركاء الصين في القارة عبرت عن امتعاضها من الموقف الصيني خلال الحرب الروسية على لسان وزيرة خارجيتها أنالينا بيربوك التي قالت إن الحرب أظهرت أن التحالفات الاقتصادية من جانب واحد تجعل برلين عرضة للخطر.
والحرب الروسية الأوكرانية ليست السبب الوحيد في تردي العلاقات الصينية الأوروبية حيث أدى تشدد بكين في معاقبة أي دولة أوروبية تعترف بتايوان إلى ضيق أوروبي وصل إلى حد خروج ليتوانيا من تحالف (16+1).
ورغم مرور نحو عقد كامل على تأسيس تحالف (16+1) بين بكين ودول وسط وشرق أوروبا إلا أن الوعود الصينية بضخ استثمارات ضخمة في هذه الدول قد ذهبت أدراج الرياح ولم يتبق منها سوى مشروعات غير مكتملة فاحت منها رائحة الفساد الإداري والمالي.
ووسط أزمة دبلوماسية هي الأضخم بين بكين وأوروبا تحاول الأولى أن تثبت قواعدها على الأقل في دول وسط وشرق أوروبا التي لطالما استخدمتها الصين كورقة سياسية ضد الغرب والولايات المتحدة في مواجهة الحرب التجارية تارة وملف حقوق الإنسان وتايوان تارة أخرى.
علاقات جيدة مع أوروبا
ويرى إلهام لي، الكاتب والباحث السياسي الصيني، إنه لا يوجد ما يؤكد أن هناك تأثير بشكل واضح على العلاقات الصينية الأوروبية بسبب دعم موسكو في حربها ضد أوكرانيا.
وأضاف لي خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد” أن الموقف الصيني إزاء الأزمة الأوكرانية حياديا، وأن التعاون التجاري مع الدول الأوروبية يتنامى بشكل كبير وذلك وفقا لإحصاءات لعام 2021.
كما أكد أن الصين زادت من استثمارتها في دول أوروبية بشكل عام، وفي دول بشرق أوروبا بشكل خاص، لذلك فإن التقارير الغربية تبالغ كثيرا في حق الصين خاصة فيما يخص النظام العالمي.
مشاكل مع الصين
من جانبه، قال إيفالد كونيج، الخبير في الشئون الأوروبية، إن الاتحاد الأوروبي لا يزال يرصد تطور العلاقات التجارية مع الصين قبل اتخاذ أي إجراءات، مؤكدا أن الاتحاد الأوروبي يسعى لخلق حالة من التوازن مع بكين.
وأضاف كونيج أن الاتحاد الأوروبي قد يكون لديه مشاكل مع الصين بسبب دعم روسيا في حربها ضد أوكرانيا، لا سيما وأن بكين تدعم على نحو رسمي الاعتداء الروسي على جارتها الأوكرانية.
وأكد كونيج أن الصين لا تتبنى فلسفة النزاهة وسلامة الأراضي الأوروبية، ومن ثم فإن هناك اختلافات كبيرة بين موقف روسيا وأوكرانيا من ناحية وبين الصين وتايوان من ناحية أخرى.
موقف الصين من الحرب
بينما يرى، رولاند فرود نشتاين، نائب رئيس معهد جلوبسك للسياسات، أن الاتحاد الأوروبي غير سعيد بشأن موقف الصين من الحرب في أوكرانيا.
كما أكد نشتاين أن الصين تدعم الاعتداءات الروسية على أوكرانيا منذ بداية الحرب التي بدأتها في 24 من فبراير المنصرم.
كما أوضح أن الصين لم تقل كلمة واحدة فيما يتعلق بالحرب الأوكرانية، وهذا ربما يكون تهديدا بالنسبة للاتحاد الأوروبي، ومن ثم فإن تدهور العلاقات بين الصين وأوروبا لم يبدأ بعد ولكنه سيكون مشوار طويل.
