لا يزال التوتر الدبلوماسي بين السعودية وإيران، يثير موجات من التوقعات والاحتمالات داخل الدوائر السياسية الغربية والعربية، والتي تستبعد وقوع حرب مباشرة بين الرياض وطهران، مقابل تحشيد جبهات الحرب بالوكالة في المنطقة، ويؤكد السياسي الأردني، محمد دوادية، وزير التنمية السياسية السابق، لـ«الغد العربي»، أنّ التصعيد لن يصل إلى مستوى حرب بين جيشي البلدين، بل سيبقى عند حدود حروب النيابة.
وأوضح السياسي الأردني، في تحليله لـ«الغد العربي»، أنه لا يتوقع أن يتفاقم النزاع السعودي الإيراني الدبلوماسي، إلى أي احتكاكات عسكرية، ولو من أدنى الدرجات، خاصة أن الدولتين تتقاتلان بالوكالة منذ سنوات، في أكثر من ساحة «لبنان، وسوريا، واليمن»، ولا فرصة لحرب بالأصالة بينهما، لأنها ستكون حربا لا تبقي ولا تذر، ستحرق الخليج وآبار نفطه ومقدراته.
وقال “داودية” إن المرجح هو أن يدفع الاتفاق الروسي الأمريكي الى تطبيع العلاقات السعودية الإيرانية، لا إلى دفعها نحو هاوية الحرب، التي لا تستطيع الدولتان تحمل كلفتها، حتى لو رغبتا فيها، كما أن أمريكا وروسيا، اللتين تمسكان دفة الحرب والسلم في سوريا والاقليم، والتي تشكل الرياض وطهران أداتين فاعلتين من أدواتها، قد حسمتا أمريهما كليا باتجاه وقف الحرب السورية وقفا كاملا، تحت ضغط 3 عوامل أكبر من طاقة الغرب على تحملها، وهي : حريق الإرهاب الذي يمسك بثوب الغرب ويمكن أن يتطور .. والخوف من تدفق اللاجئين غير المضبوط واللامحدود إلى أوروبا .. وعدم الرغبة في الإطاحة بالرئيس الأسد بسبب مخاطر بدائله وغموضها وتعددها.
تقارير الدوائر السياسية في الغرب، تشير إلى أن التوتر بين طهران والرياض قد ينتقل من مجرد القطيعة الدبلوماسية المتبادلة ومن الحرب الكلامية إلى حرب فعلية بالوكالة بين القوتين الاقليميتين، ورجحت أن يكون العراق ساحة حرب محتملة، حيث من المتوقع أن تعود السعودية الداعمة للسنّة هناك بقوة، بينما تدعم إيران الميليشيات والأحزاب الشيعية، وكذلك ساحات الحرب المحتملة بالوكالة في كل من لبنان وسوريا، لكن قراءات أخرى استبعدت تماما فرضية الحرب بين البلدين سواء المباشرة أو بالوكالة، حسب تحليل مركز الدراسات الأمنية والعسكرية الألماني، الصادر اليوم السبت، مستندا إلى أن حكومة حسن روحاني والمؤسسة الدبلوماسية الإيرانية، تسعى بشكل مثابر للسيطرة على الوضع وخفض مستوى التوترات بين البلدين، وأن الأجنحة والقوى المختلفة في المشهد السياسي الإيراني الرسمي، تعارض سياسة تصعيد التوتر مع دول الجوار، وتدرك تماما مخاطر هذا الموقف.
ويؤكد تقرير المركز البحثي الألماني، أن طرح التوقعات والإحتمالات سيظل قائما على هامش التوتر بين السعودية وإيران، وسوف يشغل الدوائر السياسية الغربية لفترة طويلة، ولكن هذا لا يعني بالضرورة حدوث صدام عسكري ، فهذا خيار مستبعد في المرحلة الحالية على الاقل، فهناك خيارات اخرى كثيرة يمكن للدول السنية العمل بها، كما انه من المتوقع أن التركيز الإيراني في المرحلة القادمة سيكون على المليشيات التابعة لها في المنطقة، والتي تطوق دول الخليج جغرافيا، سواء في العراق او لبنان وسوريا وحتى في اليمن، ويشكل تهديدا حقيقيا لها.
وكشف التقرير العسكري الصادر اليوم عن مركز الدراسات الألماني، أن إيران تعيش اليوم فترة ضعف شامل لم تمر بها منذ حربها مع العراق ثمانينيات القرن الماضي، فقد انهكت في حروب اقليمية استنزفت اقتصادها بشكل كامل، ومع الحصار الاقتصادي الغربي المفروض عليها. لذلك فهي الآن ليست بالموقف الذي يسمح لها الدخول في صراع جديد مفتوح على كل الاحتمالات، كما أن توقيت الأزمة الحالية ليس من صالحها بكافة المقاييس. ولذلك فهي تحاول تجاوز هذه الأزمة وابقاء موازين القوى في المنطقة على وضعها الحالي، بغية التقاط أنفاسها قبل الدخول في أي صراع مستقبلي محتمل يحدث بينها وبين هذه الدول.