الحرب على الإرهاب لم تنته.. و«داعش» لم يُهزم عندما خسر أراضيه
بات واضحا، أن الحرب على الإرهاب لم تنته، وأن تنظيم «داعش» الإرهابي، لم يُهزم عندما خسر أراضيه في سوريا والعراق، وأن هجوم «داعش» على سجن الصناعة في مدينة الحسكة، شمال شرق سوريا، يؤكد أيضاً اتجاهاً مقلقاً للغاية كان واضحاً لبعض الوقت: لقد أعاد التنظيم بناء نفسه ببطء وبهدوء ومنهجية في سوريا والعراق منذ هزيمته على الأرض في عام 2019، بحسب خبير الإرهاب، شالرز ليستر، مدير قسم مكافحة الإرهاب بمعهد الشرق الأوسط.
هجوم داعش على سجن الصناعة
أضاف ليستر: قبل أسبوعين، شن تنظيم «داعش» أكبر هجوم له في سوريا والعراق منذ هزيمته الإقليمية قبل ما يقرب من ثلاث سنوات، تحديداً في مارس/آذار 2019، وبحسب «قوات سوريا الديمقراطية»، فقد شن ما يصل إلى 300 مقاتل من «داعش» هجوماً على سجن الصناعة في مدينة الحسكة. في وقت متأخر من 20 يناير/كانون الثاني، فجر انتحاريان شاحنة مفخخة خارج الجدران الشمالية للسجن، ليمهدا الطريق لهجوم بري داخل المنشأة فسيطر سجناء مسلحون على الجناح الشمالي، وأطلقوا سراح المئات من المتطرفين المتشددين في الشوارع.
- بعد أسبوعين من هجوم «داعش» على السجن في شمال شرقي سوريا، هبط فريق النخبة من عناصر «قوة دلتا» الأمريكية بطائرة مروحية خارج منزل في شمال غربي سوريا، وقتل زعيم «داعش» الحاج عبد الله. استغرقت العملية التي استندت إلى أشهر من التخطيط والاعتراضات الاستخباراتية أكثر من ساعتين، وشهدت تفجير زعيم التنظيم الإرهابي عبوات ناسفة في الطابق الثالث من البناية، ما أدى إلى مقتله هو وأسرته بأكملها.
ضربة قوية لمعنويات التنظيم
من المرجح أن يوجه مقتل الحاج عبد الله، الذي قال مسؤولون أمريكيون إنه ظل على اتصال دائم مع عناصر «داعش» في سوريا والعراق وكذلك في جميع أنحاء العالم، ضربة كبيرة لمعنويات التنظيم، ولا سيما بعد وقت قصير من الهجوم على السجن، ولكن من غير المحتمل أن يكون له تأثير كبير على القدرات العملياتية اليومية لـ«داعش».
حملة «تحطيم الجدران»
لتنظيم «داعش» سجل حافل من الهجمات على السجون. فقبل عقد من الزمان، أدت حملة «تحطيم الجدران» في العراق إلى خروج مئات السجناء من المعتقلات، وحفزت على ظهور التنظيم الإرهابي مجدداً بشكل دراماتيكي.. لهذه العمليات غرض عملي في تحرير الأعضاء من الاعتقال، لكنها أيضاً أداة دعائية قوية، إذ إنها تُظهر للأعضاء والمؤيدين أن «داعش» يقف إلى جانب أولئك الذين أقسموا على الولاء له. لا يمكن أن يكون هناك شك في أن الهجوم على سجن الصناعة كان بمثابة دفعة معنوية هائلة لقاعدة دعم «داعش» في الشرق الأوسط وخارجه.
«داعش» لم يُهزم عندما خسر أراضيه
عند تحليل الهجوم ومصرع الحاج عبد الله ونتائجه، يجب أولاً لفت النظر إلى أمر مهم: «داعش» لم يعاود الظهور بشكل كبير ولا يزال بعيداً جداً عن تكرار مكاسبه في عام 2014، ومع ذلك، يجب أن يكون الهجوم بمثابة تنبيه. «داعش» لم يُهزم عندما خسر أراضيه قبل ثلاث سنوات، بل تحول إلى شكل مختلف. في الواقع، تواجد «داعش» وأسلافه منذ عام 2003 وازدهر لفترة أطول بدون أرض أكثر ما ازدهر خلال وجوده عليها، فهو على دراية جيدة بطريقة العمل كمتمرد سري في حرب عصابات ويعلم أن الوقت لصالحه، لا سيما في سوريا.
- في الأسابيع المقبلة، ينتظر المجتمع الدولي نتائج البحث الجاد عن أسباب الخلل. فقد كان اعتقال الآلاف من مسلحي «داعش» من دون محاكمة في منشآت مؤقتة ضعيفة الموارد تحت حراسة جهة فاعلة غير حكومية تفتقر إلى أي خبرة في مجال الاعتقال الجماعي، بمثابة قنبلة موقوتة على الدوام.
أعاد التنظيم بناء نفسه ببطء وبهدوء
وبعد تدخله في 2014 لوضع حد لمكاسب «داعش» على الأرض، يتحمل التحالف الدولي مسؤولية جدية عما سيأتي بعد ذلك. لم يتم فعل شيء يذكر منذ ذلك الحين لحل قضية المعتقلين، ناهيك عن الأزمة التي يمثلها أكثر من 70 ألف امرأة وطفل مرتبطين بهم في معسكرات الاعتقال مثل «الهول» و«الروج». لم يعد بإمكان العالم إرجاء النظر في الأمر، فقد حان الوقت للتعامل بعزم أكبر مع هذه التحديات وجهاً لوجه قبل فوات الأوان.
- ورغم ذلك، في نهاية الأمر، فإن هجوم «داعش» على سجن الصناعة يؤكد أيضاً اتجاهاً مقلقاً للغاية كان واضحاً لبعض الوقت: لقد أعاد التنظيم بناء نفسه ببطء وبهدوء ومنهجية في سوريا والعراق منذ هزيمته على الأرض في عام 2019.
«داعش» تعافى إلى حد أكبر مما كان يعتقد سابقاً
فقد أكدت تعليقات المسؤولين الأميركيين التي جاءت عقب مقتل الحاج عبد الله أنه كان على اتصال وتنسيق مع عناصره في سوريا والعراق وأماكن أخرى، وهو ما يعكس حقيقة أن التنظيم أكثر انسجاماً وتنظيماً، ولم يكن مجرد شبكة ضعيفة لا مركزية من المتمردين كما أخبرونا قبل. وإذا كان هذا التوصيف الحديث دقيقاً، فهذا يعني أن «داعش» تعافى إلى حد أكبر مما كان يعتقد سابقاً.
«داعش» لا يزال كما كان دائماً !
وتابع شالرز ليسترـ مدير قسم مكافحة الإرهاب بمعهد الشرق الأوسط ـ في مقال نشرته صحيفة الشرق الأوسط اللندنية: أخيراً، يتعين على المجتمع الدولي أيضاً أن يعترف بأن «داعش» لا يزال كما كان دائماً: أحد أعراض أزمات أكبر وأعمق جذوراً. في سوريا، تبدو هذه الأزمات مختلفة عما كانت عليه في 2014، لكن الدوافع التي تغذي نشاط «داعش» وتوفر فراغات يمكن التدخل فيها، وشقوقاً لاستغلالها ما زالت موجودة.