مشاركة مليشيات «الحشد الشعبي» في حرب «داعش» توتر العلاقات بين العراق والسعودية
تشهد العلاقات الدبلوماسية بين العراق والسعودية أزمة ممتدة بسبب مشاركة قوات الحشد الشعبي الشيعية في العمليات العسكرية المشتركة ضد تنظيم «داعش» المتطرف في العراق، وهو ما أبدت السعودية اعتراضها عليه بسبب اعتقادها دعم إيران للحشد الشعبي، وانتقادها الدائم للتوسع الإيراني في المنطقة العربية، بينما عدت الحكومة العراقية اعتراض المملكة تهديدا للنسيج الوطني في البلاد.
والسؤال الذى يطرح نفسه هو كيف تحولت مشاركة الميليشيات الشيعية إلى سبب للتوتر الدبلوماسي بين البلدين؟
في صباح اليوم الخميس، أكد أحمد جمال الناطق الرسمي باسم وزارة الخارجية العراقية، أن «الحشد الشعبي هيئة رسمية تشكّلت من متطوعين يمثلون كافة مكونات الشعب العراقي وهو جزء من منظومة الدفاع الوطني، يأتمر بإمرة القائد العام للقوات المسلحة، ويحصل على تمويله من ميزانية الدولة، ويتصدى مع جيشنا الباسل وباقي تشكيلاتنا المسلحة للفكر التكفيري المتطرف الذي تمت تغذيته واحتضانه في حواضن باتت معروفة».
وجدد رفض بلاده لما وصفه بالـ«تدخل المتكرر من قبل الخارجية السعودية في شؤون العراق الداخلية»، وأنها «تنصح بعدم تناول قضايا العراق بخطاب ينقل خلافات المملكة مع بعض الدول أو يصدر لأزماتها الداخلية».
وكان عادل الجبير، وزير الخارجية السعودي، طالب أمس الأربعاء، بتفكيك الميليشيات الشيعية، متهما إياه بـ«تأجيج التوتر الطائفي»، وطالب بتشكيل حكومة عراقية تضم كل الفئات في البلاد.
وقال خلال لقاء مع صحفيين في باريس، «إن الحشد الشعبي طائفي وتقوده إيران»، وتابع «كانت هناك تجاوزات خلال معركة الفلوجة، ونعتقد أن هذه الميليشيات يجب تفكيكها وينبغي على الجيش العراقي محاربة تنظيم داعش».
من جانبها، اعتبرت هيئة الحشد الشعبي، في بيان لها، أن تصريحات الجبير «تجاوزت كل الحدود»، ودعت الهيئة الأمم المتحدة للرد عليها باعتبار أن «الحشد أهم قوة عسكرية في العالم تقاتل داعش»، كما أنها طلبت من الدبلوماسية العراقية «اتخاذ موقف حازم من تكرار الإساءات السعودية للحشد الشعبي».
وكان سفير المملكة في العراق ثامر السبهان، ذكر في مقابلة مع قناة السومرية السبت الماضي، أنه لمس «غضبا» من سنة العراق على بلاده بسبب تخلي المملكة عنهم.
وأثارت تصريحات السهبان، أصداء غاضبة في أوساط برلمانيين وقوات الحشد الشعبي التي تقاتل ضد تنظيم داعش في العراق، متهمين إياه بالتدخل في الشؤون الداخلية العراقية ومطالبين بـ«طرده» من البلاد.
بينما أكد السبهان، في وقت سابق، أن هناك حملة إعلامية تستهدف سفارة المملكة لدى العراق، وقال على حسابه الرسمي على موقع تويتر «نثق بإدراك الإخوة في العراق لذلك، والمملكة لن تتخلى أبدا عنهم، وهذا مؤشر واضح على أننا نسير في الطريق الصحيح».
وجاءت تصريحات السهبان السابقة، عقب ما نشر على صفحة الناطق الرسمي باسم الخارجية العراقية، والتي قال فيها «سبق وأن قامت وزارة الخارجية باستدعاء سفير المملكة العربية السعودية الشقيقة لدى بغداد، وأبلغته بأهمية أن يكون السفير خاضعاً للأعراف والمواثيق الدولية الخاصة بتعامل السفراء مع وسائل الاعلام وإطلاق التصريحات للرأي العام، من خلال عدم تدخله بالشؤون الداخلية للبلد بالدرجة الأساس، والعمل على تطوير العلاقات الثنائية بين البلدين، خاصة أن العراق يمر بمرحلة استثنائية في حربه ضد الإرهاب».
وذكرت الوكالة الروسية الناطقة بالعربية، بشأن الاتهامات القائلة بمشاركة إيرانيين في تحرير الفلوجة، أن المتحدث الرسمي باسم الخارجية العراقية، أكد أن عمليات التحرير تتم وفق الخطط المرسومة لها من قبل الحكومة العراقية، وهي وحدها من تقرر الاستعانة بجهود أي مستشارين عسكريين من الدول المتحالفة مع العراق في هذه المعارك.
وكان مجلس الوزراء العراقي، طالب جميع الدول، خلال جلسة الثلاثاء 31 مايو/آيار 2016، باحترام سيادة العراق وعدم التدخل بشؤونه الداخلية، مبينا أن الفلوجة مدينة عراقية والحكومة أحرص عليها وعلى أهلها.
وكان سفير المملكة العربية السعودية بالعراق ثامر السبهان نشر تغريدة على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»، أول يونيو أكد فيها وجود شخصيات إيرانية في التخطيط لمعركة الفلوجة بالعراق، وأشار إلى أن إيران تسعى لنشر الطائفية وتغيير التركيبة السكانية، وأن وجود شخصيات إرهابية إيرانية قرب الفلوجة، دليل واضح على أنهم يريدون حرق العراقيين العرب بنيران الطائفية المقيتة، وتأكيد توجههم بتغيير ديموغرافي».
وأثارت تصريحات أدلى بها السفير السعودي لقناة السومرية العراقية، في يناير/كانون الثاني الماضي، غضب الخارجية العراقية، بعد أن قال «مشاركة مقاتلين مدعومين من إيران في قتال داعش يفاقم الطائفية في العراق»، وهو دفع الخارجية العراقية إلى استدعائه وإصدار بيان ضد تصريحاته.
وقد أعيد افتتاح السفارة السعودية في العراق في ديسمبر/كانون الأول الماضي، بعدما أغلقت في عام 1990 إثر الغزو العراقي للكويت، وتسبب التنافس بين القوتين الإقليميتين، إيران والسعودية، في تأجيج التوترات الطائفية بين الشيعة والسنة في المنطقة، وانعكس ذلك على دعم أطراف متصارعة في الحروب الدائرة في سوريا واليمن، والجماعات الطائفية المتنافسة في العراق.
