«الحوار الوطني الكبير».. يفتح «دفاتر الشكاوى» الفرنسية

التساؤل القائم الآن داخل الدوائر السياسية والإعلامية في فرنسا: هل يحقق «الحوار الوطني الكبير» المصالحة بين المواطنين والسلطة ؟! وهل ينجح في حل أزمة «السترات الصفراء»؟! وتشير تقارير مراكز بحثية في باريس إلى أن الحوار الوطني الذي انطلق قبل اسبوع (15 يناير/ كانون الثاني الجاري) من منطقة النورماندي غرب فرنسا، ويستمر على مدى شهرين (حتى 15 مارس / آذار المقبل)، ليشمل كل التراب الفرنسي، يستند إلى الحوار بين المواطنين والسلطة حيث يتنقل الرئيس ماكرون لسماع الشعب، بهدف «تحول الغضب إلى حلول» و«العنف إلى حوار».

 

 الحوار يتجنب قضايا خلافية

ويعول قصر الإليزيه على الحوار الوطني «الكبير»، رغم هواجس القلق من فشل الحوار، بعد استقالة «شانتال جوانو» الوزيرة السابقة التي كانت مكلفة بتنظيم الحوار، ما أربك الحكومة، وجعل رئيس الحكومة إدوارد فيليب يخرج ليشرح الموقف قائلا: «المهم هو الحوار وليس الأشخاص».. موضحا أن الحوار يرتكز على أربع نقاط أساسية هي: القدرة الشرائية..سياسة الضرائب.. وآليات جهاز الدولة، وحماية البيئة، إضافة إلى موضوع الهوية الفرنسية والتمثيل في السلطة التشريعية..وهذا ما يشكل دلالة على أن السلطة التنفيذية استوعبت بأن المطالب تعدت ما هو اجتماعي وترغب أيضا في إحداث تغييرات سياسية.. بينما يتجنب الحوار ـ بحسب تأكيد الناطق باسم الحكومة، بنيمين غريفو ـ بعض النقاط الحساسة مثل الهجرة، الإجهاض وحكم الإعدام، وزواج المثليين، لما يمكن أن تسببه هذه النقاط من اختلافات تعيق حل المشاكل الأساسية.

 

  • ومن المسائل الـ35 التي اقترح الرئيس الفرنسي،إيمانويل ماكرون، مناقشتها: هيكل نفقات الدولة؛ توازن الصلاحيات بين الأقاليم والسلطة المركزية؛ الانتقال إلى مصادر طاقة جديدة، وإمكانية اللجوء بصورة أوسع إلى استفتاءات شعبية لمعالجة مشكلات كبرى..وأعرب ماكرون، عن ثقته بأن يتيح «الحوار الوطني» فرصة للمواطنين للتعبير عما لا يناسبهم في أداء السلطات، على أن تتمكن الأخيرة من وضع خطة عمل لحل المشكلات المتراكمة.

 

«لجنة ضامنين» لآليات تنفيذ الحوار

وترى الدوائر السياسية في باريس، أن آليات تنفيذ الحوار الوطني الكبير تبدو صعبة لأن أحد أهدافه هو الوصول إلى العمق الفرنسي، أي إنشاء لجان لجمع مقترحات المواطنين وتطلعاتهم في كل البلديات، وقد رصد له مبلغ 4 ملايين يورو لتنظيمه، قابلة للزيادة. طول العملية، وكونها سابقة في فرنسا يجعل الضبابية التي تلفها عائقا كبيرا، كما تحدثت الحكومة عن إنشاء «لجنة ضامنين» تمثلها شخصيات تحظى بمصداقية شعبية، على غرار الوزير السابق والمدافع عن الحقوق «جاك توبون»، والمفوض الأعلى لإصلاح نظام التقاعد «جان بول ديليفوي»

 

المعارضة: الحوار الوطني «جدار من الدخان يضلل الشعب»

وتباينت المواقف تجاه الحوار الوطني الكبير داخل المشهد السياسي الفرنسا، فينما رحبت بعض الأحزاب بالحوار مع بعض التحفظات، إلا أن الأحزاب المعارضة الكبرى من أقصى اليمين وأقصى اليسار عارضته جملة وتفصيلا واعتبرته مراوغة و«جدارا من الدخان لحجب الحقائق وتضليل الشعب»، ومن جهة أخرى أعلنت غالبية «السترات الصفراء» رفضها للحوار، وترى أنه «كان يمكن للحوار أن يكون فكرة جيدة لولا أن الرئيس قال ثمة نقاط لا رجعة فيها، ما يجعلنا نرى أنه لا جدوى منه»، بحسب تعبير أحد الوجوه البارزة في حركة السترات الصفراء، إيريك دروي، وجان جاك، وأن الحوار سيكون في الشارع وليس في القاعات وعبر الإنترنت، في إشارة إلى المنصة الإلكترونية التي أعلنت الحكومة عن وضعها لجمع آراء المواطنين.

 

  • ووفقا لنتائج استطلاع للرأي، أبدى 47% من المواطنين رغبتهم بالمشاركة في المشاورات، مقابل 57% قالوا إنهم سيتجاهلونها، فيما رأى 31% فقط أن الإجراء سيمكّن السلطات من تجاوز أزمة الاحتجاجات الراهنة.

 

صورة من «دفاتر الشكاوى» في القرن الـ 18

ويؤكد الباحث في قسم الدراسات الفرنسية بجامعة نوتنغهام في بريطانيا، بول سميث، أن ماكرون يحاول بهذا الحوار الوطني الكبير، فتح باب الحوار بين السلطات والجناح المعتدل من حركة «السترات الصفراء»، لكنه لن يستطيع، في أي حال من الأحوال، السيطرة على الجناح المتشدد منها المتمثل بتياراته المختلفة (الفوضويون، أقصى اليسار، أقصى اليمين).. بينما يعتبر الباحث في معهد أوروبا التابع لأكاديمية العلوم الروسية، سيرغي فيودوروف، أن ماكرون يحاول، من خلال لعبه على وتر بعض خواص الطابع القومي الفرنسي، كالإحساس بالعدالة والتطلع إلى المساواة، أن يعيد تأهيل رئاسته و«تنفيس الضغط لدى الشارع»، دون أن يلجأ إلى إجراءات قوية مثل حل مجلس الوزراء أو تنظيم انتخابات مبكرة للجمعية الوطنية.. وأن المشاورات التي اقترحها ماكرون لا سابقة لها في تاريخ البلاد منذ نشوء الجمهورية الفرنسية الخامسة في العام 1958، لكنها تشبه «دفاتر الشكاوى» من أواخر القرن الثامن عشر، التي دونتها مجالس البلديات المحلية، تلبية لطلب من الملك الفرنسي، للكشف عن المشكلات التي تهم المجتمع.

 

  • ووفقا لنظام «الحوار الوطني»، سيكون بإمكان كل مواطن أن يزور البلدية في مدينته ليقدم لها اقتراحاته حول تحسين أداء الحكومة، إضافة إلى إمكانية مشاركة 100 موفد من كل إقليم في مؤتمرات خاصة يزمع تنظيمها لمناقشة البنود المحورية من الأجندة السياسية.. ويشكك خبراء في أن يثمر الإجراء عن مصالحة بين السلطة والرعية.

 

وإذا كان الحوار الوطني الكبير سوف  يشكل مفصلا هاما لرئاسة ماكرون وحكومته، وتأهلة لولاية جديدة، إلا أنه  يمثل أيضا تحديا كبيرا أمام الرئيس ماكرون لتجاوز الاستحقاق الأوروبي القادم (انتخابات البرلمان الأوروبي)، في شهر مايو/آيار المقبل، والذي يتوقع الكثيرون أن أصوات الغضب ضد ماكرون ستصب في صناديق حزب اليمين المتطرف في صورة نمطية للتغيير الحاصل في أوروبا، حيث تلقى أحزاب اليمين المتطرفة تأييدا شعبيا غير مسبوق.

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]