يبدو أن اتفاق “جوبا للسلام” في السودان صعب المنال تنفيذه على الأرض، ولعل أبرز ما يعرقله شح التمويل، الذي بات يهدد مصير المرحلة الانتقالية برمتها، فحكومة السودان بحاجة لأكثر من سبعة مليارات ونصف المليار دولار خلال السنوات العشر المقبلة للوفاء بالتزاماتها نحو الاتفاق.
لكن الأزمة الاقتصادية السودانية بشكل عام، أعمق من ذلك بكثير، لا سيما مع ارتفاع التضخم إلى أكثر من 400%، و هو ما جعل الحكومة تطلب تخفيف الديون الدولية، وبالفعل وافق المانحون الدوليون، كصندوق النقد والبنك الدولي، على إعفاء الخرطوم من 50 مليار دولار.
غياب الإرادة السياسية
وفي السياق ذاته، قال فايز السليك، المستشار السابق لرئيس الوزراء السوداني، إن أزمة السلام في السودان ليست مالية فقط، بل تكمن في غياب الإرادة السياسية واتخاذ القرار.
وأضاف السليك، خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد”، أن حركات الكفاح المسلح يجب أن تؤمن بأنها جزء من الحكومة، مشيرا إلى أن هذه واحدة من الأشياء التي تعرقل عمليات السلام.
كما أوضح السليك، أنه يجب أن تكون هناك إرادة سياسية لدى جميع الأطراف وليست الحركات المسلحة، مشيرا إلى أنها مسؤولية تضامنية من الجميع”.
خلافات سياسية
ومن لندن، يرى الكاتب الصحفي خالد الأعيسر، أن اتفاقية السلام في السودان استنساخ لما حدث في مراحل سابقة، مؤكدا أن الخلافات السياسية عصفت باتفاقية السلام في جوبا.
وأضاف الأعيسر، أن هناك تسابقا كبيرا بين المكونات العسكرية والمدنية، وربما استطاعت الأولى أن تحدث اختراقا كبير باستدارة بعض العناصر المدنية لخدمة المشروع العسكري.
كما أوضح الأعيسر، أن اتفاقية جوبا للسلام خطوة للأمام، ولا سيما وأن الدولة السودانية في خضم التأسيس، ولا تزال تتشكل ملامحها وفقا لما أفرزته ثورة ديسمبر المجيدة، لافتا إلى أن غياب العنصر الدولي الضامن للاتفاقية أضعفت النتائج.
تعددية الجيوش
وقال نور الدائم طه، مساعد رئيس جيش تحرير السودان، إن الأجهزة الأمنية الموجودة حاليا في السودان هي نتاج طبيعي للصراعات السياسية وعدم الاسقرار السياسي، وهو ما أدى إلى تعددية الجيوش في البلاد.
وأضاف نور الدائم طه، أن أهم بروتوكول في اتفاق جوبا للسلام هو الترتيبات الأمنية، مؤكدا أنها ليست كلها دمج القوات في الجيش السوداني فحسب، بل هي معالجة الواقع المذري للأوضاع الأمنية المتردية في البلاد.
كما أوضح نور الدائم طه أن التأخير في تنفيذ الترتيبات الأمنية الحالية بسبب التعقيدات الموجود في الملف نفسه، مؤكدا أنه لم يتم تنفيذ أي شرط من شروط الترتيبات الأمنية.
جدير بالذكر أن رئيس وزراء السودان الدكتور عبد الله حمدوك، بحث في وقت سابق مع عدد من المسؤولين من جنوب السودان، اتفاق السلام.
وذكر مجلس الوزراء السوداني، أن حمدوك استقبل بمقر إقامته بمدينة جوبا، ربيكا قرنق نائبة رئيس جمهورية جنوب السودان، بحضور القائم بالأعمال في سفارة السودان بجوبا السفير جمال مالك.
ورحبت ربيكا قرنق، في بداية اللقاء، بالدكتور حمدوك، وعبرت عن سعادتها بالاهتمام المتعاظم له بجنوب السودان بصفته رئيس لـ(الإيجاد) وضامنا لاتفاق سلام جنوب السودان المنشط، وعبرت عن تقديرها للاهتمام والمتابعة للأوضاع في دولة جنوب السودان.
من جانبه، أكد رئيس الوزراء السوداني أن منظمة (الإيجاد) حريصة على متابعة تنفيذ اتفاق السلام، وأضاف: “نحن سعداء بأن توقعات عدم نجاح الاتفاق تخطئ، وعلينا أن نتناقش ونبني في ذات الوقت”.
