لم يعد أمام اللبنانيين سوى الدفاع عن «آخر نفس للبقاء على قيد الحياة»، وتحرروا من أوهام تشكيل الحكومة الجديدة المحاصرة داخل لعبة السياسيين، وهكذا «خرج الشارع اللبناني باللحم الحي»، بحسب تعبير الدوائر السياسية في بيروت، ليواجه الجنون الهستيري لارتفاع سعر صرف الدولار، بعدما تخطى سقف العشرة آلاف ليرة.
لا رجعة عن الشارع
المسألة باتت تطرح مصير السلطات القائمة، التي تمثل الطبقة السياسية القابضة على السلطات في البلد، سواء في السياسة، أو التنفيذ، أو التشريع، وصولاً إلى السلطات النقدية.. بعد أن هبّ النّاس من الشمال صباحاً إلى الجنوب بعد ظهر أمس، إلى البقاع والجبل وبيروت، ونزلوا إلى الشارع، لإيصال الرسائل لمن يعنيه الأمر، أن المسألة تخطت الانتظار، وأن لا رجعة من الشارع، قبل قرارات توقف الانهيار.
طرح مصير الرئاسة
وتشير وسائل الإعلام اللبنانية، إلى أن الوضع المنهار في لبنان، تجاوز مأزق تشكيل الحكومة الجديدة، إلى طرح مصير الرئاسة الأولى، التي باتت تشكّل عقبة أمام التفاهمات الداخلية، ومع تسجيل سعر صرف الدولار ظهر أمس سعراً تراوح بين 9950 و10.000 ليرة لبنانية، حتى بدأ المواطنون بالخروج إلى الشارع، وتقطعت أوصال العاصمة مع قطع شوارع وطرقات وإعادة فتحها، واشعال الاطارات ومستوعبات النفايات ثم اطفائها، ونام المحتجون على أمل اللقاء في يوم احتجاجي آخر.
واعتبرت مصادر مطلعة، أن التحركات والاحتجاجات التي تحصل على الأرض يتوقع لها ألا تقتصر على ما جرى بالأمس.
تحذير من «ثورة الجياع»
وذكرت مصادر لصحيفة اللواء اللبنانية، أن الدوائر الرئاسية تلقت تقريرا من مرجع أمني بارز، يحذر فيه من حصول حراك وتظاهرات شعبية حاشدة جراء تفاعل الأزمة المالية الضاغطة على الناس الى احتجاجات واسعة النطاق تطال مختلف المناطق اللبنانية، «ثورة جياع»، وهناك مخاوف وتحسبات متوقعة من اختراقات محتملة لهذه التحركات وتحويلها عن غاياتها المعيشية والاجتماعية للرد بلغة طائفية ومذهبية على مبادرة البطريرك الراعي، لـ«الحل الدولي»، لتاجيج الأجواء العامة بالبلد وتسعير الخلافات بين اللبنانيين على خلفيات الانقسامات الطائفية.
ولقطع الطريق على أي محاولات ممكنة لوضع مبادرة البطريرك بعقد مؤتمر دولي لبحث الوضع اللبناني، موضع التنفيذ الفعلي ودفنها في بدايتها وتحويل الانظار الى اتجاهات اكثر سخونة.
التدهور نحو الأسوأ
وتضمن التقرير ابداء القلق من تدهور الاوضاع على هذا النحو والخشية الجدية من استفحاله نحو الأسوأ وعدم قدرة القوى الأمنية والعسكرية على ضبطه واستيعابه كما حصل منذ تظاهرات العام الماضي، نظرا لما تحملته هذه القوى من تبعات الانتفاضة الشعبية لاكثر من عام والضرر الذي لحق بتدني قيمة رواتبها، بفعل تدهور سعر العملة الوطنية.
ونصح التقرير بضرورة الاسراع بالمعالجة السياسية من خلال تشكيل الحكومة الجديدة لتنفيس الاحتقان الحاصل والمباشرة بخطوات سريعة لحل الازمة المالية والاقتصادية.