الرئيس التونسي لن يتراجع عن الإصلاحات.. والحوار الوطني «بمن حضر»
تتفق الدوائر السياسية والإعلامية في تونس، على أن الرئيس قيس سعيد، سوف يواصل الطريق إلى الاستحقاقات القادمة «بمن حضر»، ولا شيء في الأفق يوحي بأنه سيتراجع، خاصة وأنه قد سبق وأكد مرارا، أنه لا تراجع في الخطوات القادمة، باتجاه مشروع الجمهورية الثالثة، والذي يرى الرئيس أن الوقت قد حان لإنجازه على الأرض.
لن يتراجع خطوة واحدة
ويعرف الرئيس سعيد، بحسب تعبير المحلل السياسي التونسي، محمد بوعود، أنه لو تراجع خطوة واحدة إلى الوراء، فإن المطالب ستنهال عليه من كل جانب، وستُقرأ خطوته على أنها ضعف وعجز، وبالتالي ستؤلّب عليه الخصوم، وتفضّ من حوله الأصدقاء والحلفاء، وبالتالي لن يقدم على التراجع إلى الوراء، حتى وان قال عنه أمين الاتحاد العام التونسي للشغل، نور الدين الطبوبي، أن التراجع من شيم الكبار.
لماذا لا يتراجع الرئيس؟
ويرى المحلل السياسي «بوعود»، في صحيفة «الصحافة اليوم» التونسية، أن الرئيس قيس سعيد، يعرف أن الظرف لم يعد يسمح بمزيد من تضييع الوقت، ويعرف أن أنصاره لن يبقوا معه العمر كله، ويعرف بالخصوص أن الرأي العام العالمي لن يغيّر موقفه منه ولن يراجع رأيه في الوضع التونسي، سواء واصل طريقه أو تراجع خطوة الى الوراء، وبالتالي الفائدة إن حصلت فلن تحصل في التوقّف أو التراجع، وأن مواصلة الطريق بكل صعوباتها، أفضل ألف مرة من النكوص الذي قد تكون نتائجه كارثية أكثر من الحاضر بكثير.
- وبات واضحا، بحسب المراقبين في تونس، أنه لا شيء في المشهد يوحي أو يلمّح حتى مجرّد تلميح إلى أن رئيس الجمهورية ينوي التراجع، أو إبطاء سرعة اندفاعاته نحو مواعيد 25 يوليو/ تموز (موعد الاستفتاء على التعديلات الدستورية) و17 ديسمبر/ كانون الأول (الموعد المقرر للانتخابات التشريعية).
تباين مواقف القوى الوطنية حول صيغة إجراء الحوار
المعطيات المبدئية تفيد أن الرئيس سيواصل تقدمه، وأن اللجنة الاستشارية التي شكلها، انطلقت في العمل، بل تقول بعض التسريبات غير المؤكدة أن جزء كبيرا من الدستور الجديد قد أنجز، وأن لا تراجع عن المواصلة في طريق إنجاز الدستور أولا والاستفتاء ثانيا والانتخابات المبكرة ثالثا.
ويشير المحلل السياسي التونسي، صبرة الطرابلسي، إلى تباين مواقف القوى الوطنية حول صيغة إجراء الحوار التي وضع لها الرئيس شروطا لم تقبلها بعض أطراف معنية بالمشاركة في هذا الحوار، وعلى رأسها اتحاد الشغل، وعدة منظمات وطنية أخرى، ومن بين هذه المنظمات: منظمة النساء الديموقراطيات، والنقابة الوطنية للصحفيين التونسيين التي أصدرت بيانا أعربت من خلاله عن رفضها لأي محاولة احتكار لتصوّرات الحوار الوطني ومشروع الدستور الجديد وأحادية الخيارات المستقبلية داعية إلى ضرورة مشاركة كل القوى الوطنية المدنية في الحوار الوطني وتوسيع دائرة التشاور والقرار من أجل الخروج بالبلاد من الأزمة، وإلزامية تفعيل ضمانات الشفافية والوضوح والرقابة كآليات ضرورية لمراقبة كل عملية بناء أو إصلاح للمسار الديمقراطي.
خيار المرور بقوة وفرض الأمر الواقع على الجميع
ويبدو أن أحد لم يفاجأ بخيار الرئيس قيس سعيد، الذهاب إلى الأقصى والدفع بمساره إلى نهايته رغم ما قابله من رفض صريح ومباشر، وهو خيار عبر عنه الرئيس بإصدار مرسوم رئاسي وقرارين متعلقين باحكام الاستفتاء، وبدعوة الناخبين، وبتحديد تركيبة لجان الهيئة الاستشارية.
خيار المرور بقوة وفرض الأمر الواقع على الجميع وعدم البحث عن توافق او تنقية المناخ هو ما ينتهجه الرئيس من سياسات منذ 25 يوليو/ تموز الماضي، ويرى الباحث حسان العيادي بصحيفة المغرب التونسية، أن الرئيس قيس سعيد، الذي يتبنى مقولات البناء الجديد والجمهورية الجديدة من منطلق منح السلطة للشعب لتقرير مصيره بعد تحريرها من النخب والأجسام الوسطية، لايزال عند هذا المستوى من الفهم والفعل السياسي لم يتغير عنه قيد أنملة.
- فهو يعتبر الفعل السياسي فعلا شعبيا جوهره رسم الخيارات والسياسات العامة ويترك للنخبة مهمة تنزيل هذه الخيارات وتنفيذها باعتبارها جهازا إداريا وتنفيذيا لا غير.
الدستور الجديد بين المعارضين والمؤيدين
من الواضح، أن الدستور الذي سيعرض للتونسيين ابتداء من 30 يونيو/ حزيران، قبل أن يدلوا بأصواتهم، نعم أو لا في 25 يوليو/ تموز المقبل، سيكون هدف فصيلين: معارضي الرئيس بتنوع مشاربهم.. وداعميه الذين لم يلقوا غير الإبعاد والإقصاء من قبل الرئيس الذي اتضح بشكل صريح ان فكره يقوم على إلغاء دور الأجسام الوسطية أيا كان تموقعها منه او من سياساته، وهذا الوضع ـ بحسب تقدير حسان العيادي ـ ينتقل بالبلاد والتونسيين من صراع وخلافات مجزأة مشتتة الى صراع واضح وصريح فيه طرفان: من يدافعون عن «نعم»، ومن يعلنون الرفض بـ«لا».