الرئيس التونسي ينسف دستور الأزمات ويدشن عقدا اجتماعيا جديدا

كما كان متوقعا، كشف الرئيس التونسي، قيس سعيد، عن التوجه لتعديل  الدستور (دستور 2014) والذي وصفه بأنه «وراء الأزمات» التي تلاحق تونس، وهو ما يتفق مع رؤية خبراء الشئون السياسية والدستورية، بأن أحد أسباب الأزمة السياسية التونسية يكمن فى دستورها الذى وُلد بعيوب مرحلة «ما بعد الثورة»، التى اعتبرت أن مواجهة الاستبداد تكون بتقليص صلاحيات رئيس الجمهورية وتحصين البرلمان، حتى وضعت صلاحيات الرئيس فى منازعة مع رئيس الحكومة وأصابت النظام السياسى بالشلل.

 

لا مشروعية للدستور التونسي

تونس كانت على موعد جديد من الترقب لقرارات الرئيس قيس سعيد بمناسبة ذكرى الثورة التونسية، يوم الجمعة المقبل ( 17 ديسمبر/ كانون الأول)، إلا أن الرئيس التونسي بادر بالكشف عن أولى تلك القرارات المرتقبة، بتعديل الدستور بعد استشارة خبراء القانون الدستوري في تونس، الخميس الماضي، موضحا أن «المشكل في تونس اليوم دستوري نتيجة دستور سنة 2014 الذي ثبت أنه لم يعد صالحا ولا يمكن أن يتواصل العمل به لأنه لا مشروعية له».

جدل حول «نسف» دستور البلاد

ورغم تشديد الرئيس التونسي، على أن المستقبل يحدده الشعب التونسي، وأن الطريق صارت واضحة وهي العودة إلى الشعب بطريقة جديدة ومختلفة تماما، ولا بدّ من حلّ قانوني يستند إلى إرادة الشعب وسيادته..إلا أن هناك من ينتقد التوجه لتعديل الدستور، خشية ترسيخ «نظام سلطوي» باتخاذ خطوة غير دستورية وغير مشروعة بـ «نسف دستور 2014».

  • والحقيقة أن تجربة تونس عرفت دستورًا قلص صلاحيات رئيس الجمهورية خوفًا من الاستبداد، وأسست لنظام سلطته التنفيذية منقسمة بين رئيس وزراء ورئيس جمهورية، ما أصاب النظام برمته بالشلل وعدم الفاعلية والقدرة على الإنجاز.

الرئيس منزوع الصلاحيات

ويرى خبراء ومحللون، أن فى تونس سيظل مخرجها (أو أحد مخارجها الرئيسية) هو الاستفتاء على تعديل الدستور فى اتجاه نظام رئاسي ديمقراطي قادر على الإنجاز، ويُنهى الوضعية البائسة لسلطة تنفيذية برأسين (رئيس حكومة ورئيس جمهورية) دون السقوط فى الشمولية، خاصة فى ظل وجود برلمان قوى، ومعه اتحاد تونسي للشغل حاضر وقوى، ومجتمع مدني مؤثر ولكنه يحتاج اليوم قبل غدٍ إلى ربط الديمقراطية بالإنجاز، وهو ما يمكن أن يحققه بصورة أكبر النظام الرئاسي الديمقراطي، بحسب تعبير أستاذ العلوم السياسية، د. عمرو الشوبكي، موضحا أن ما جرى فى تونس مؤشر على أن رئيسًا منتخبًا من الشعب «منزوع الصلاحيات» كارثة على النظام السياسى.

 

خلط بين النظام الرئاسي والبرلماني

واللافت  أن الصلاحيات التى أُعطيت للرئيس التونسى فى الفصول من 77 إلى 82 ومن 87 إلى 89 أقل بكثير من صلاحيات رئيس الوزراء، فى حين أن ما هو مستقر فى مجال النظم السياسية أنه طالما انتُخب الرئيس مباشرة من الشعب، فهذا يعنى أننا أمام نظام رئاسى، أما إذا انتُخب من البرلمان فيعنى أننا أمام نظام برلمانى يقوده رئيس الحكومة ويصبح دور رئيس الجمهورية رمزيًا.

  • واللافت أيضًا أن الرئيس فى تونس ليس له حق اختيار الوزراء، بمن فيهم وزراء السيادة، حيث يختار رئيس الوزراء كل الوزراء بمن فيهم وزير الدفاع الذى يكتفى فيه بالتشاور مع رئيس الجمهورية.

ويرى أستاذ العلوم السياسية «الشوبكي»، أن الفصل 71 من الدستور التونسي نادر الوجود فى كل دساتير العالم، فقد نص على أن «يمارس السلطة التنفيذية رئيس الجمهورية وحكومة يرأسها رئيس الحكومة»، أى أنه وزع صلاحيات السلطة التنفيذية بين رئيسين، وهو خلط غير حميد فى مجال النظم السياسية حين تختار من كل نظام زهرة وتُنشئ نظامًا خليطًا بين الرئاسي والبرلماني، كانت نتائجه كارثية فى التطبيق العملى.

يقينًا أن موافقة الشعب على التعديلات الدستورية ستفتح الباب أمام بناء نظام سياسى قادر على الإنجاز والعمل، فيه رئيس منتخب مباشرة من الشعب يُعين حكومته التي يعطيها الثقة ويراقبها برلمان منتخب.

 

وبحسب تقديرات الدوائر السياسية في تونس، فإن رئيس الجمهورية سوف يتجه إلى مسارين:

  • أولا : إجراء استفتاء شعبيا على تعديل الدستور..يعقبه في حال الموافقة تشكيل لجنة خبراء لتعديل المواد المقترحة.
  • وثانيا: تأسيس عقد اجتماعي جديد يرسخ لثوابت العيش المشترك ويقوم على مبادئ الاحترام المتبادل والمساواة والكرامة، وأنّ هذا العقد من شأنه أن يؤمّن الحفاظ على الاستقرار وتسيير مؤسسات الدولة وضمان ديمومتها في ظل ما فرضه الوضع الاقتصادي والصحي والاجتماعي من تحديات غير مسبوقة.

النظام الرئاسي الديمقراطي يحقق خروج تونس من أزمتها

المطلوب الآن ـ بحسب  خبراء الشئون السياسية ـ  أن يطرح الرئيس التونسي، تصوراته حول تعديل الدستور لنقاش عام بين النخب السياسية والقانونية، بجانب النقابات، وعلى رأسها الاتحاد التونسي للشغل، تمهيدًا لعرضها على الشعب فى استفتاء عام، وإن التحول نحو النظام الرئاسي الديمقراطي يمثل أحد أهم شروط خروج تونس من أزمتها ودعم مسار الإصلاح السياسي.

  • والمفارقة الصادمة أن حركة النهضة «الإخوانية» وحلفائها ترفض هذا التحول نحو النظام الرئاسى، فى حين أنها دعمت تحويل أردوغان النظام السياسى التركى من البرلماني إلى الرئاسي!!

 

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]