في ظل مناخ شتوي قارس البرودة وتساقط الثلوج، ارتفعت حرارة احتقان الشارع الأردني، من ارتفاع الأسعار وإلغاء الدعم، بعد أن لجأت الحكومة إلى إلغاء دعم الخبز وزيادة أسعاره بنسبة تتراوح بين 60 و100 بالمئة، في أول خطوة من نوعها منذ أكثر من عقدين، لتخفيف الضغوط على الموازنة العامة للدولة.
إلغاء الدعم ورفع الأسعار، تزامن مع إعلان مجلس الوزراء الأردن عن حزمة إصلاحات تشمل زيادات في الضرائب، أوصى بها صندوق النقد الدولي، باعتبارها ضرورة حتمية لخفض تدريجي لدين عام قياسي، من أجل إعادة الاقتصاد الأردني إلى النمو، لأن الحفاظ على نظام للدعم باهظ التكلفة، يؤدي بشكل متزايد لتآكل الموارد في غياب تدفقات كبيرة لرؤوس أموال أجنبية أو ضخ مساعدات خارجية.
ومع تصاعد حدة الاحتقان و«الغضب الشعبي» من أزمات الحياة المعيشية، تتحسب الحكومة، لتصاعد موجات الاحتجاجات والوقفات الاعتصامية، خشية امتدادها إلى باقي مناطفق المملكة، وسط أجواء مشحونة بالغضب، والتي لم يحدها الطقس البارد والثلوج، عندما يتصل الأمر برغيف الخبز.. وبعد أن شهد لواء ذيبان في محافظة مادبا ـ 70 كم جنوب العاصمة عمّان ـ وقفة احتجاجية، نظمها «حراك ذيبان» عقب صلاة الجمعة، وسط المدينة، تنديدا بالقرارات الحكومية المتعلقة برفع الأسعار وزيادة الضرائب. ودعا المحتجون الحكومة إلى التراجع الفوري عن القرارات الاقتصادية، مؤكدين بأنها فاقمت المعاناة المعيشية للمواطنين.
الشارع الأردني، يتهم الحكومة بعدم مراعاة الفقراء ومحدودي الدخل، وعدم مراعاة البعد الاجتماعي لارتفاع الأسعار.. ويتهم مجلس النواب، بالتخلي عن القاعدة الشعبية إرضاء للحكومة، في مواجهة الأسعار المرتفعة بصورة غير مسبوقة، التي قررتها الحكومة على نحو مباغت بعد إقرار البرلمان الميزانية المالية.
وفي أجواء مشحونة بالاحتقان الشعبي، تلقف الشارع الأردني، تعبير وصف بأنه «زلة لسان» من عضو مجلس الأعيان رئيس الديوان الملكي الأسبق، يوسف الدلابيح، في لقاء تليفزيوني، محاولا التعبير عن العلاقة بين السلطة والشعب، بين الراعي والرعية، مستخدما العلاقة بين راعي الأغنام والأغنام نفسها، وحرص الراعي على أغنامه وتأمينها بالطعام والشراب، وكأنه يصف ـ دون قصد ـ الشعب الأردني بأنه قطيع من الأغنام.. وتعرض «الدلابيح» لهجوم قاس من الشارع الأردني، باعتباره من النخب القريبة من صنع القرار.
وتشهد وسائط التواصل الاجتماعي، تعبيرات حادة واحتجاجات واسعة، تعبر عن الغضب الشعبي من انفلات الأسعار، وما وصف بـ «حمى رغيف الخبز».. وأمام موجات الاحتقان والاحتجاج الشعبي، وتحميل المسؤولية لنواب الشعب، قرر رئيس مجلس النواب، عاطف الطراونة، عقد جلسة مناقشة عامة لملف الأسعار بضغط من الرأي العام وبعض النواب، أمس الأحد، والتي شهدت مناقشات ساخنة، دفعت الحكومة لإعادة النظر في قرارات رفع الأسعار والضرائب.