«رجل الرئيس».. هكذا يعرف بن علي يلدريم، الذي يتقلد رسميا رئاسة الحكومة التركية خلال مؤتمر حزب العدالة والتنمية المنعقد اليوم الأحد.
هذا الوصف لا ينكره، يلدريم، بل يجاهر به، «أقولها بكل افتخار أنني رفيق الرئيس أردوغان وصديقه»، هكذا أعلن اليوم خلال مؤتمر الحزب، موجها رساله للرئيس التركي ومؤسس الحزب، رجب طيب أردوغان، «طريقنا هو طريقك ومنهجنا هو منهجك».
فمنذ أن أعلن أحمد داوود أوغلو، في الخامس من مايو/ أيار الجاري، عن استقالته من رئاسة الحكومة، والتكهنات أشارت بقوة لتولي يلدريم رئاسة الحزب والحكومة بدلا منه، خصوصا أنه لم تكن هذه المرة الأولى التي يطرح فيها اسمه لرئاسة الحزب والحكومة، فورد اسمه لخلافة أردوغان في رئاسة حزب العدالة والتنمية، وتولي رئاسة الوزراء أيضا، لكن مؤتمر الحزب آنذاك اختار أحمد داوود أوغلو.
ليعلن المتحدث باسم حزب العدالة والتنمية، الحاكم في تركيا، منذ أيام أن لجنة الإدارة المركزية بالحزب قررت ترشيح وزير المواصلات والنقل البحري والاتصالات، بن علي يلدريم، مرشحاً وحيدا لرئاسة الحزب، في الانتخابات التي ستجري في المؤتمر العام الاستثنائي الثاني للحزب، وبحسب القانون الداخلي لحزب العدالة والتنمية، فإن رئيس الحزب يصبح تلقائيا رئيسا للوزراء.
بداية الطريق
ولد يلدريم في قرية قايي التابعة لولاية أرزينجان شمال شرقي البلاد، في 20 ديسمبر/ كانون أول عام 1955، في أسرة مكونة من 6 إخوة.
انتقل إلى مدينة إسطنبول في طفولته، ودرس في كلية العلوم البحرية، وتزوج في العاصمة التركية عام 1975، ولديه 3 أولاد (بولنت، أرقم، بشرى)
وعام 1978، وخلال عمله في المديرية العامة لصناعة السفن، تعرف على أردوغان وقت أن كان رئيس بلدية إسطنبول، ليعيّنه مديراً لشركة الحافلات البحرية التابعة للبلديته منذ عام 1994.
ساهم مع أردوغان في تأسيس حزب العدالة والتنمية عام 2001، وأصبح بعد الانتخابات البرلمانية، التي أجريت في 3 نوفمبر/ تشرين الثاني 2002، نائبا في البرلمان عن إسطنبول، ووزيرا للمواصلات، كما عمل مستشاراً لرئيس الجمهورية.
تولى يلدريم وزارة النقل لأطول فترة في تاريخ الجمهورية التركية، حيث تولى المنصب لمدة 11 عاما، وفي عهده أتم عددا من المشروعات، أهمها مشروع القطار السريع، وخط مترو مرمراي، الذي يعبر أسفل مضيق البوسفور، ومطار إسطنبول الثالث، ونفق أوراسيا للسيارات، الذي يمر تحت مضيق البوسفور أيضا.
صدى صوت أردوغان
يعرف يلدريم نفسه بأنه شخص يتحدث قليلا، ويعمل بسرعة، مشيرا إلى أن ذلك يرجع إلى أن اسم عائلته «يلدريم» يعني الصاعقة باللغة التركية.
ربما أسرع ما يود تنفيذه هو ما أعلن عنه في مؤتمر اليوم من أن تأسيس نظام رئاسي هو أمر يشكل أولوية للحزب.
وقال إن تركيا تحتاج لدستور جديد وتحتاج لنظام رئاسي قوي ورئيس الجمهورية اليوم هو شخص منتخب من قبل الملايين.
يلدريم البالغ من العمر 60 عاما وأحد المقربين من الرئيس التركي تعهد بالعمل بـ«انسجام تام» مع الرئيس.
المهمة الرئيسية لرئيس الحكومة المقبل ستكون، كما أعلن، إتمام مشروع التغيير الدستوري، الذي يريده أردوغان لنقل البلاد من نظام برلماني إلى رئاسي يتسلم بموجبه رسميا صلاحيات رئيس الحكومة.
التحول الذي يريده أردوغان سيجعل من رئيس الحكومة الجديد مجرد سكرتير له بحسب، الدكتور محمد عبد القادر مدير برنامج تركيا والمشرق العربي بمركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية.
وأضاف عبد القادر، في تصريح خاص لـ«الغد»، أن تحول تركيا من النظام البرلماني للرئاسي سيجعل كل الصلاحيات في يد أردوغان، وسيصبح لا صوت يعلو فوق صوت أردوغان وكل الأصوات الباقية مجرد صدي لصوته.
ورغم ما قيل بأن السبب الرئيسي للإطاحة بأوغلو هو اعتراضه على تحويل نظام الحكم بتركيا، إلا أن عبد القادر يوضح أن ذلك سبب من ضمن أسباب متعددة، منها خلافات كثيرة داخل الحزب وداخل الهيئة المركزية للحزب التي لم تكن على توافق معه وكانت أقرب لأردوغان.
كما أن صعود نجم داود أوغلو عقب اتفاقية بروكسل واعتبار البعض أنه بديل محتمل، خصوصا أن داود أوغلو يمثل النموذج الأكثر اعتدالا، أسرع من خطوات الإطاحة به، كما يشير المتخصص في الشؤون التركية.
مهام قادمة
ورغم أن النظام الرئاسي سيطل رقم واحد على أجندة رئيس الحكومة الجديد، إلا أنه أفصح في مؤتمر اليوم عن مشاريعه المستقبلية، فأعلن في المؤتمر العام اليوم أنه خلال الأشهر المقبلة سيتم تدشين عدد من المشاريع الكبرى وسيتم بناء أكبر مطار في العالم، قائلا «لهذا يحيكون المكائد لتركيا والدسائس».
من ضمن المشاريع، التي أعنها بناء نفق تحت البحر يكون الأوسع من نوعه في العالم، وبناء جسر السلطان ياووز سليم وجسر خليج إزميت، الذي أطلق عليه اسم جسر السلطان عثمان غازي.
يلدريم، ذو الأصول الكردية، أعلن أن أحد مهامه، هو حل مشاكل الأكراد في تركيا، وبرهن على ذلك بأن أول زيارة قام بها عقب إعلان ترشحه لرئاسه الحزب الخميس كانت لولاية ديار بكر، جنوب شرقي البلاد، ذات الأغلبية الكردية.
لكن الدكتور عبد القادر يقول، إنه رغم أن أحد أبويه كردي، إلا أن ذلك ليس جديدا في تركيا، فعدد من كبار سياسي الحزب وقادة الجيش أصولهم كردية، لكن هذا لا يمنع أن رفعهم شعار المصالحة السياسية مع الأكراد حق يراد به باطل.
وأكد في تصريحات لـ«الغد»، أن يلدريم سيستمر في العمل ضد حزب العمال الكردستاني، لافتا إلى أنه بعيدا عن الشعارات السياسية فالصراع مع الأكراد سيصبح أكثر تأزما.
داود أوغلو بعد الإطاحة
«أترك مهمتي وجبيني ناصع البياض، وأعرف أنكم حزينون، ولكن وحدة العدالة والتنمية وقوته هي أهم شيء بالنسبة لي»، بهذه الكلمات اختتم داود أوغلو رئاسته للحزب خلال مؤتمر اليوم الأحد.
ترك داود أوغلو المنصب بعد أن نزعت صلاحياته منه، وبعد أن أطاح أردوغان به، بعد أن سبق وأطاح بصديقه المقرب ورفيق الدرب عبد الله جول.
ويوضح المتخصص في الشؤون التركية، أنه قد يعود داود أوغلو للأضواء مستقبلا، وقد تسعى التيارات المختلفة داخل الحزب بتأسيس حزب سياسي جديد يضم كل من تم تهميش أدوارهم كداود أوغلو وعبد الله جول.
