الرهان على الفجر الجديد.. ولادة «اللوائح المقاتلة» في لبنان
يبدو أن لبنان أمام أهم الاستحقاقات الانتخابية منذ اتفاق الطائف.. وقد يكون هذا الاستحقاق الأخطر في التاريخ اللبناني، قياساً على التدخلات الخارجية المغلفة بعناوين برّاقة، عبر الاستثمار الرخيص لوجع الناس ومعيشتهم، بحسب تعبير رئيس مجلس النواب، نبيه بري.
وبينما تتوجس القوى السياسية من تدني نسبة الاقتراع في الانتخابات النيابية المقبلة، ما دفع بتلك القوى إلى دعوة الناخبين للإقبال بكثافة على صناديق الاقتراع في 15 مايو (أيار) المقبل، بموازاة استعدادات لوجستية وسياسية ومواكبة دولية لمسار الإشراف على الانتخابات.
- القوى السياسية تخاطب الشارع اللبناني، وتحثّه على المشاركة في الانتخابات، بغرض تحقيق تغيير يطمحون له، وذلك بعد دعوات متكررة وبارزة من رجال دين، مثل البطريرك الماروني بشارة الراعي، ومفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، وشخصيات سياسية بارزة.
انتخابات نيابية ناجحة.. ضمانة لانتخابات رئاسية ناجحة
واعتبر البطريرك الماروني، مار بشارة بطرس الراعي، أن «انتخابات نيابية ناجحة هي ضمانة لانتخابات رئاسية ناجحة، فيأتي رئيس يكون قادراً على النهوض».
وشدد الراعي، في عظة أمس الأحد، على أن «قيمة الانتخابات أنّها مناسَبة للشعوب لتغيير واقعها نحو الأفضل».. ودعا للإسراع في إجراء الإصلاحات لأنّ سرعة الانهيار تفوق بطء الإصلاحات.
«اللا صوت».. هو الصوت الأبرز!
والمخاوف من مقاطعة شعبية للانتخابات، ترتبط بتفاقم الأزمات المعيشية والاقتصادية، وعجز الدولة عن تلبية مطالب الناس، وأبرزها انقطاع الكهرباء وارتفاع سعر صرف الدولار.
وتشير نتائج الاستطلاعات، التي تنشرها مراكز الإحصاء، إلى أن مؤشرات الحماسة على الاقتراع ليست مرتفعة، وأن الصوت الأبرز هو «اللاصوت» في الانتخابات المقبلة.
«اصطفاف على الانقسام»
ومن الواضح أن صورة المشهد الانتخابي تكشف عن «اصطفاف على الانقسام» بحسب تفديرات الدوائر السياسية في بيرت، ومع ولادة «اللوائح المقاتلة»، ومن أبرزها لائحة «بيروت تواجه»، وهدفها مواجهة الذين «يريدون الحصول على أكثرية مجلس النواب مع حلفائهم، ليتمكنوا من تعديل الدستور والمس بعروبة لبنان وتشريع السلاح غير الشرعي، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية تابع لإرادتهم»، بحسب تفرير صحيفة اللواءاللبنانية.
شد العصب في الإنتخابات
وفي ظل ولادة «اللوائح المقاتلة»، دعا مفتي لبنان، الشيخ عبد اللطيف دريان، اللبنانيين، إلى «الذهاب معاً إلى الانتخابات لإنتاج البدائل».. مضيفا: نشهد هدما أو تهديما لكل ما بناه اللبنانيون في 100 عام، ويقفون في وجه كل محاولات الإصلاح، إذ هناك هدم للقضاء والقطاع المصرفي ولعلاقات لبنان مع الدول العربية ومحاولات يائسة للتعرض لهوية لبنان وانتمائه واعتداء على الدستور وهدم لمبدأ الفصل بين السلطات.
- وبات واضحا، أن هناك ثمة أمل بتحرك قوى المجتمع القادرة على مواجهة هذا التردي المتزايد في الأداء السياسي، والذي جعل من التحريض الطائفي قاعدة لشد العصب في الانتخابات.
المنافسة ساخنة بين اللوائح
وهكذا، انشغل الوسط السياسي أكثر من قبل بالحملات الانتخابية وتسجيل اللوائح، وآخرها أمس، لائحة «تحالف أمل وحزب الله والتيار الوطني الحر والنائب طلال ارسلان» في دائرة بعبدا، بمواجهة لائحة «تحالف الحزب التقدمي الاشتراكي والقوات اللبنانية وبعض المستقلين»، فيما تتخبط قوى المجتمع المدني المعارِضة في خلافاتها وتتجه الى تشكيل أكثر من لائحة في كل دائرة ما يخفف من تأثيرها وامكانيات الفوز.
وهناك «كتلة الوفاء للمقاومة» التي تتحدث عن المعادلة الذهبية: الجيش والشعب والمقاومة، ويقولون إنهم عنصر حماية وضمانة للبنان وأمنه وعنصر الاستقرار فيه، وتريد أن تواصل العمل في عملية الإصلاح، وتشبر إلى أن حزب الله لا يمكنه أن يقاتل الفاسدين في لبنان، لكن يمكنه أن يضيق عليهم ويضبطهم ويعاقبهم.
وتتضمن اللوائح كذلك، لائحة «معا نحو التغيير» عن دائرة الجنوب الثالثة، ولائحة « الدولة الحاضنة» في دائره الجنوب الثانية، ولائحة «نحن التغيير» في دائرة الجنوب الاولى، وتمثل بعض قوى انتفاضة 17 تشرين (أكتوبر)، ولائحة «بقاعنا أولا» في البقاع الغربي، ولائحة «قلب لبنان المستقل».
هل تفتح نتائج الانتخابات أبواب التغيير نحو الأفضل؟
وأصبحت التساؤلات تنافس التوقعات والتمنيات داخل الساحة اللبنانية: هل تفتح نتائج الانتخابات البرلمانية في شهر مايو/ آيار المقبل، أبواب التغيير نحو الأفضل ؟ وهل تتسق الدعاية الانتخابية لمجموعة اللوائح الانتخابية مع تمنيات وتطلعات الشارعى اللبناني؟.
يرى المحلل السياسي اللبناني صلاح سلام، رئيس تحرير صحيفة اللواء، أن آمال التغيير تبقى معقودة على الخامات القيادية النظيفة، وعلى أصحاب السِيَر والتجارب النقية، وعلى الكوادر المستعدة للتضحية من أجل الوطن، وعلى كل من يتخلى عن أنانياته ومصالحه الذاتية والفئوية في سبيل المصلحة العامة التي يجب أن تبقى فوق كل إعتبار.
- ومن نافل القول أن التغيير لا يمكن أن يحصل على أيدي المنظومة السياسية المسؤولة ـ قطعا ـ عن تردي الأوضاع في لبنان، خاصة بعد إنفجار مرفأ بيروت الزلزالي.
مؤشر ولادة فجر جديد
ويشير المحلل السياسي اللبناني، إلى أن إطلاق بهاء الحريري حركة «سوا للبنان»، وإعلان الوزير السابق خالد قباني لائحة «بيروت تواجه»، ثمة خيط أبيض رفيع يمكن أن يتحول إلى ولادة فجر جديد في الساحة الوطنية، في حال سارت الأمور بسلاسة نحو الأهداف المرسومة، والتي من شأنها أن تكون نواة صلبة لمسيرة التغيير المنشود في البنية السياسية للبنان.
وكان نجل رفيق الحريري الأكبر «بهاء الحريري»، قد أكد إلتزامه بمتابعة نهج والده الوطني والإجتماعي والإنمائي، مع الحرص على عدم الدخول في الزواريب السياسية، والإكتفاء بتوفير الدعم للقوى التغييرية في الإنتخابات النيابية، إستمراراً لدعمه حراك إنتفاضة ١٧ تشرين (أكتوبر)آضد السلطة الفاسدة، لأن لا خلاص للوطن من محنته المتفاقمة إلا بالتخلص من المنظومة السلطوية الراهنة.
- ورهان اللبنانيين على بزوغ فجر جديد، يُنهي عهد العتمة والظلام، ليس سهلاً، بل دونه تحديات جمّة، بحسب صحيفة اللواء اللبنانية.
