الرهان على رئاسة الحكومة.. معركة تكسير العظام بين «المصباح» و«الجرار» في المغرب
قبل ثلاثة أيام، من توجه 15 مليون و702 ألف ناخب مغربي، لصناديق الاقتراع يوم الجمعة المقبل، لانتخاب أعضاء البرلمان الجديد، اشتعلت المنافسة بين الأحزاب، وخاصة بين أكبر حزبين متنافسين على السلطة “المصباح” و”الجرار”، حزب العدالة والتنمية الإسلامي “الحاكم” وحزب الصالة والمعاصرة “الحداثي” الأقرب للعلمانية.
ووصفت الدوائر السياسية في الرباط المنافسة بين الحزبين في الانتخابات البرلمانية بأنها تحولت إلى “معركة تكسير العظام” للحصول على المركز الأول وتشكيل الحكومة الجديدة.
استقطابات عنيفة
ويرى الباحث المغربي في القانون الدستوري، محمد العلام، أن هناك استقطابات عنيفة من طرف الأحزاب التي تراهن على احتلال المرتبة الأولى في الانتخابات المقبلة، وأن ما يزكي هذا الصراع هو المقتضى الدستوري الذي ينص على أن رئيس الحكومة يعين من الحزب الأول في الانتخابات .. ويؤكد “العلام” أن هذا الأمر أصبح حالة عامة في المشهد الحزبي المغربي، فـحزب العدالة والتنمية الذي كانت له خطوط حمراء تم تخطيها مع الانتخابات الحالية، والمعركة المصيرية بالنسبة له هي رئاسة الحكومة، وأن هدف الفوز هو نفسه ما يحرك حزب الأصالة والمعاصرة الذي يركز على الكائنات الانتخابية.
ويشير الباحث في القانون الدستوري، إلى أن ما يحدث مهزلة حقيقة تدفع إلى مزيد من النفور السياسي في ظل غياب قانون يمنع الاختيارات السياسية، وان هذه الممارسات الحزبية ستكرس العزوف الانتخابي، ومن المتوقع أن يكون مرتفعا في الانتخابات المقبلة.
ويشارك أكثر من 33 حزبا في الانتخابات التشريعية المغربية، ضمن الكتل الحزبية المختلفة، وتضم الكتلة الديمقراطية 5 أحزاب علمانية، وكتلة تضم 3 أحزاب ذات مرجعية إسلامية، وكتلة الوفاق تضم 4 أحزاب، وأحزاب الوسط “حزبان” والأحزاب اليسارية 4 أحزاب، إلى جانب 15 حزبا أخرى، في دولة يبلغ عدد سكانها نحو 30 مليون نسمة.
“بنكيران” : ولائي للملك دون “إنبطاح”
وفي أجواء المنافسة “الساخنة” التي تجاوزت أحيانا الخطوط الحمراء، عاب عبد الاله بن كيران، رئيس الحكومة وزعيم العدالة والتنمية، على خصومه خوضهم لحملتهم الانتخابية بالكذب على حزبه ووزراءه ..مؤكدا أن خصومه يقومون بحملة انتخابية كلها وعود وكذب لكي يتم التحكم في الشعب، في إشارة إلى إلياس العمري، زعيم حزب الأصالة والمعاصرة.. ودعا ” بنكيران” الى التصويت بكثافة لحزبه لكي يتمكن من الحصول على مقاعد مريحة تمكنه من الدفاع أكثر على إنجاز الاصلاحات بالمغرب، معتبرا انه إذا لم يحصل حزبه على مقاعد برلمانية كثيرة لن يستطيع الدفاع بشراسة عن الإصلاحات، ولن يكون في موقف أقوى.
ويواصل حزب العدالة والتنمية”المصباح” ، انتقاد حزب الأصالة والمعاصرة”الجرار” ، باعتباره حزب القصر، وأن هدفه “مراضاة” الملك أولا وأخيرا، ولذلك يحظى بدعم السلطة .. وفي المقابل كشف رئيس الحكومة عبد الاله ابن كيران بشكل غير مسبوق عن جوهر الصراع الدائر بينه وبين أطراف في الدولة، مؤكدا أنه يخضع كليا لسلطة الملك ويعلن ولاءه اليه، لكنه غير مستعد للانبطاح، موضحا انه في السابق كان هناك فريقان، فريق ضد الملكية بشكل تام، وفريق آخر معها لكنه منبطح، وانه شخصيا يقدم النموذج الجديد، والذي هو مع الملكية دون أن ينبطح، وهو ما يزعج البعض..
ومرة أخرى، يشتكي حزب العدالة والتنمية الذي يقود الحكومة الحالية، من تجاوزات وزير الداخلية، في الحملة الانتخابية، ومصادرة المظلات الدعائية التي تحمل رمز الحزب “المصباح” .. والتضييق الذي يمارسه رجال السلطة على الحملة الانتخابية، والترخيص لتجمع خطابي ، وتخويف المواطنين وتهديدهم في حال التصويت لللعدالة والتنمية.. ودعم “الأصالة والمعاصرة” العلماني، لإزاحة العدالة والتنمية الإسلامي !
حملات للمقاطعة
ومن جهة أخرى، يشهد الشارع المغربي، حملات منظمة تطالب بمقاطعة الانتخابات، ويتصدر حزب النهج الديمقراطي، قائمة المطالبين بمقاطعة الانتخابات، أو ما أسمته بـ “مهزلة 7 أكتوبر”، عبر توزيع منشورات تتضمن دعوة صريحة للامتناع عن الذهاب إلى صناديق الاقتراع.
وانتقدت منسقة فدرالية اليسار الديمقراطي، نبيلة منيب، من اعتبرتهم “أبواق النظام”، الذين يروجون، منذ فبراير / شباط الماضي، تاريخ اعلان تنظيم الانتخابات التشريعية، لوجود قطبين في البلد، الأول محافظ، والثاني حداثي، في إشارة منها إلى حزبي العدالة والتنمية، والأصالة والمعاصرة.
صور مزيفة لمواقف “المصباح” و”الجرار”
وأكدت منيب، التي كانت تتحدث في مهرجان خطابي جماهيري، في منطقة “وجدة” أن الخيار الأول (القطب المحافظ)، هو فعلا محافظا اجتماعيا وسياسيا، وطبع مع الاستبداد، ولم يتحدث عن التحكم إلا قبل 3 أشهر من الانتخابات، ولم يستطع، طوال السنوات الخمس الماضية، الكلام عن “إزدواجية النسق السياسي المغربي”، ولم يسبق لهم أن طالبوا بإصلاحات دستورية، أو سياسية، أو ديمقراطية كاملة.
أما القطب الثاني، من وجهة نظر منسقة فدرالية اليسار الديمقراطي، فإنه يوصف زورا بأنه حداثي، ويقول عن نفسه إنه جاء لمواجهة التيارات الإسلامية، وهذا القطب ليس لديه، من الحداثة إلا الاسم، وهذا القطب ولد ولادة قيصرية كإخوانه، الذين سبقوه.. وانتقدت “منيب” تحالف بعض التوجهات مع هذا القطب، في إشارة إلى الاتحاد الاشتراكي، الذي قالت إن تحالفه كان من أجل الكراسي.
