تتفق الدوائر السياسية في تونس، على شواهد «أزمة المشهد السياسي» من تداعيات الأوضاع الاقتصادية والسياسية، والتي خيمت بالـ «تشاؤم والإحباطۚ» على الشارع التونسي، وهي «حالة» حذر منها الرئيس التونسي، الباجي قائد السبسي، مؤكدا أن تونس تمر بوضع صعب يستوجب حشد كل الأحزاب والمنظمات الوطنية بما فيها المعارضة لإنقاذ البلاد.
الرئيس التونسي أقرّ بتعثر المسار الديمقراطي على مستوى الممارسة وبغياب الثقافة الديمقراطية على الرغم من مرور سبع سنوات على ثورة يناير/كانون الثاني 0112، مشيرا إلى أن دستور العام 2014 يتضمن «نقائص» يمكن مراجعتها لوضع تونس على الطريق الصحيح، وأنه لا يرى مانعا من تعديل الدستور إذا ما كان هناك إجماع من قبل القوى السياسية والمدنية والمختصين لدفع التجربة الديمقراطية في البلاد.
القوى السياسية في تونس، تؤكد أن الوضع التونسي أصبح أكثر تأزما، وأن الشارع التونسي بواجه أوضاعا معيشية صعبة و«غير مسبوقة» بسبب ترهل الوضع السياسي.. بينما تجنب الرئيس السبسي، في كلمة القاها أمس الثلاثاء بقصر قرطاج ـ بمناسبة احياء تونس الذكرى 62 للاستقلال ـ الحديث عن الأزمة السياسية التي تشهدها البلاد ولم يشر إليها لا من بعيد ولا من قريب، مكتفيا بالقول «إننا تأخرنا على مستوى الممارسة في أكثر من مجال، وأنه كلف لجنة تتألف من خبراء في القانون الدستوري تتولى أولا إجراء تعديلات على القانون الانتخابي وفي مرحلة ثانية تتولى تقديم مقترحات حول تعديل الدستور».
وليست هذه هي المرة الأولى التي تطرح فيها مسألة تعديل الدستور إذ سبق لعدد من الأحزاب والخبراء أن دعوا إلى تعديله بما يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات أوسع.
ويرى الخبير التونسي وأستاذ علم الاجتماع السياسي، د. بوسالم العبيدي، أن تونس تواجه أزمة معقدة ترابطت فيها خيوط أزمات سياسية واقتصادية، والاتهامات تحيط بحكومة يوسف الشاهد، وبالائتلاف الحاكم «حزب النداء وحركة النهضة الإسلامية»، والنتيجة هي حالة من الاحباط وفقدان الثقة في التغيير أصابت المواطن التونسي، وحتى أحزاب المعارضة اكتفت بتوجيه الاتهامات للحكومة، وفي ظل هذا المناخ خيم «التشاؤم» على الشارع التونسي.
ومن جانبه، أعرب الرئيس قائد السبسي، عن أسفه لحالة الإحباط التي تجتاح الشباب التونسي نتيجة البطالة والفقر وانسداد الآفاق، داعيا إلى الإسراع بتنفيذ برنامج الحكومة بما يفتح الآمال أمام التونسيين.. ولكنه أرجع جانبا من أزمة المشهد السياسي إلى عدد من الأحزاب التي «تعارض نظام الحكم»، ويرى أنها خلقت مناخا من الغموض، وكان عليها أن تتواصل مع السلطة وتتحاور بناء على المسار الديمقراطي التشاركي الذي لا يقصي أحدا مهما كان مخالفا في الرأي.
الرئيس التونسي، لم يتجاهل حركة الاحتجاجات الشعبية، التي ترفع شعارات تعبر عن إنسداد الأفق السياسي، واستشراء الفساد، ومعاناة الحياة المعيشية الصعبة للتونسيين.. مؤكدا على أن تتعاطى الدولة مع انفلات الاحتجاجات العشوائية بالقانون وليس بالعصا الغليظة (القوة)، وأن من حق المحتجين أن يجدوا من المسؤولين من يتواصل معهم ويصغي إليهم ويتفاعل مع مشاغلهم ومطالبهم.
الدوائر السياسية في تونس، تشير إلى أن الرئيس «السبسي»، يقود جهودا من أجل التوصل إلى خيط مشترك بين مختلف مكونات المشهد السياسي وليس من أجل مصالح شخصية، وأن ما يجب أن يكون جامعا لكل التونسيين هو مفهوم الوحدة الوطنية التي تعبر عن هوية تونس ودولتها المدنية وعن شخصية التونسي، وأن تخلف أي حزب أو أي طرف أو رفضه لمسار تونس هو خسارة للتجربة الديمقراطية.
