السبسي يدعو لمراجعة الدستور التونسي.. ويشكك في مدنية حركة النهضة
دعا الرئيس التّونسي، الباجي قائد السبسي، إلى “إعادة النّظر في طبيعة النظام السّياسي في البلاد”، والعمل على تعديل مواد الدستر بما يسمح بالانسجام في الاختصاصات، مشككا في “مدنية” حزب “حركة النهضة”، المشارك في الحكومة.
جاء ذلك في حوار مطول مع جريدة “الصحافة” التّونسية الرسمية نشر اليوم الأربعاء.
وقال السبسي: “الجميع يؤكّد أنّ النظام السياسي المنبثق عن الدستور الحالي يشكو هنّات عدّة، وهو نظام شَلَّ العمل الحكومي أو يكاد، وطابعه الهجين لا يساعد الحكومة ـ أيّ حكومة ـ والسّلطة التنفيذية عمومًا، على القيام بواجباتها في تسيير الدولة وتحقيق التنمية”.
يُشار إلى أن طبيعة النّظام السياسي، الّذي تخضع له تونس، غير محدد في نص الدّستور، إلاّ أنّ توزيع الصلاحيات بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، جعلت منه نظامًا شبه برلماني.
وتحدث الرئيس التونسي عن حيثيات تشكل المشهد السياسي الحالي في البلاد، بالقول: “وجدنا أنفسنا في وضع دقيق أوجب علينا التصرّف وأخذ القرار، وهو الدخول في تحالف لحل المشاكل المطروحة، أو على الأقلّ تجنيبها المزيد من التعقيد، ولم تكن أمامنا سيناريوهات أخرى لتحقيق هذه الأهداف، والنهضة كانت جاهزة لذلك، إضافة إلى أحزاب أخرى، ما أتاح حينئذ فرصة تشكيل تحالف حكومي”.
وتابع: “هي (النهضة) قبلت، وليس بشروطها، وقلنا على الأقلّ نساهم بذلك في جَلْبِهَا إلى خانة المدنية، ولكن يبدو أنّنا أخطأنا التقييم”.
وأضاف أنّ “التحالف مع حركة النهضة فرضه الوضع الدّقيق الذّي كانت تعيشه تونس إبّان انتخابات 2014، في وقت لم تكن الأحزاب التي كانت تصنّف مدنية تمتلك وعيًا سياسيًا بدقّة المرحلة، والتقاط الفرصة لسدّ الطريق أمام مَنْ كان يسعى على الدوام الى شَكْلٍ مِنْ أشكال الرِدّة المجتمعية”.
المساواة بين الجنسين
ودافع السبسي عن مبادرة للمساواة بين الجنسين في المواريث، قائلًا: “طرح مسألة المساواة التامّة بين الجنسين هي مِنْ صميم صلاحياتي الدستورية وهي تكريس لمبدإ دستوري لا لُبْس فيه وهو مبدأ المساواة التامّة في المواطنة وبين المواطنين ومِنْ واجبي إثارة كلّ الشوائب القانونية التي لا تنسجم أو هي تتضارب مع هذا المبدإ الدستوري والذي هو حقّ أساسي مِنْ حقوق الانسان».
وأضاف لا أقدّم فتاوى، أنا أطرح مبادرات مدنية وليست فقهية وهي في صميم ما هو مطلوب منّي وفي انسجام تامّ مع تراث تونس الكبير في الاصلاح، معتبرا أن تنزيل المسألة في إطار «ديني» هو هروب من «المحاججة المدنية».
وأستطرد “أستغرب أن تصدر هذه المعارضات عن أطراف تتخفّى وراء التأويلات الدينية، فإنّي لا أجد تفسيرا لأن تصدر عن أطراف تمثّل قضيّة المساواة مسألة جوهرية في طرحها السياسي ومَجَالاً حيويّا بالنسبة إليها وذلك لا لشيء إلاّ لكونها صادرة عن جهات قد تختلف معها سياسيّا. هناك مع الأسف من لا يمكنه التفريق بين المعارضة في نظام ديمقراطي والمعارضة في نظام استبدادي.”
وأشار إلى أن “إيماني بمبدإ المساواة التامّة بين الجنسين لا يخضع لتغيّرات السياسة ولا يتأثّر بمطبّاتها فهو مِنْ صميم قناعتي الفكرية والسياسية، وهو إلى ذلك مبدأ دستوري وجب عليّ إيجاد كلّ السبّل مِنْ أجل إنفاذه إلى الواقع المعيش”.