السودان.. إجراءات «عسكرية» جديدة تشعل الأوضاع
شهد السودان، الخميس، يوما حافلا بالأحداث، جعلته حاضرا وبقوة على الساحة الدولية والإقليمية، بدأ بإعلان القائد العسكري، عبد الفتاح البرهان مرسوما دستوريا بتشكيل مجلس سيادة انتقالي جديد في البلاد برئاسته.
وتضمن المرسوم الدستوري اسم الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان عبد الرحمن البرهان رئيسا للمجلس.
كما احتفظ الفريق أول محمد حمدان دقلو موسى، قائد قوات الدعم السريع، شبه العسكرية، بمنصب نائب رئيس المجلس.
وبجوار البرهان ودقلو ضم التشكيل كلا من الفريق أول ركن شمس الدين كباشي إبراهيم، والفريق الركن ياسر عبد الرحمن حسن العطا، والفريق مهندس مستشار بحري إبراهيم جابر إبراهيم كأعضاء بالمجلس.
اليمين الدستورية
وأدى البرهان، مساء الخميس، اليمين الدستورية، رئيسا لمجلس السيادة الانتقالي الجديد، أمام عبد العزيز فتح الرحمن عابدين، رئيس القضاء، وفقا لبيان صادر عن مكتب إعلام مجلس السيادة الانتقالي.
وقد تم إرجاء تعيين ممثل شرق السودان لحين استكمال المشاورات بشأنه، ويسرى المرسوم اعتبارا من تاريخ التوقيع عليه.
رئيس الحكومة
وعلى الأرض، أفادت مراسلة الغد من الخرطوم، بأن هناك توقعات بأن يتم الإعلان عن رئيس جديد للحكومة السودانية خلال ساعات، مضيفة أن هناك اسم يتم ترشيحه بقوة في السودان، دون الكشف عن هذا الاسم.
وأشارت مراسلتنا إلى خروج عدة مظاهرات في عدد من المدن السودانية، كرد فعل على إعلان تشكيل مجلس السيادة الجديد، لافتة أنه عقب تشكيل مجلس السيادة الجديد لم يعد هناك حديث عن التفاوض مع رئيس الحكومة المقالة، عبد الله حمدوك.
وأكد شهود لوكالة رويترز أن محتجين في شرق العاصمة السودانية الخرطوم أغلقوا طرقا وأحرقوا إطارات في وقت متأخر من اليوم الخميس وذلك بعد قليل من إعلان القائد العسكري للبلاد تشكيل مجلس سيادة جديد.
وانطلقت الاحتجاجات في منطقة بري، معقل المظاهرات المؤيدة للديمقراطية منذ الانتفاضة التي أطاحت بالرئيس السابق عمر البشير.
وتظهر الصور المنشورة على مواقع التواصل الاجتماعي على ما يبدو احتجاجات مماثلة في أجزاء أخرى من العاصمة.
رفض سوداني
وعقب قرارات البرهان، أصدر تجمع المهنيين بيانا، الخميس، قال فيه إن إعلان مجلس السيادة غير دستوري ومعركتنا “طويلة”.
كما رفض حزب المؤتمر السوداني تشكيل مجلس سيادي جديد، وجدد إدانته ورفض للإجراءات البرهان. وقال إن التشكيل الجديد لا يستند على قانون أو أي شرعية دستورية. وأضاف: “نؤكّد أننا سنناهضه ونقاومه مهما كلّفنا؛ ونعلن أن صوت الشارع هو صوتنا وموقفه موقفنا”.
وتمسّك الحزب بضرورة الالتزام بالوضع الدستوري، وإطلاق سراح كافة المعتقلين، وإعادة رئيس الوزراء الدكتور عبد الله حمدوك وحكومته لممارسة مهامهم الدستورية، وإلغاء حالة الطوارئ والسماح للسودانيين باستخدام حقهم الأصيل في الوصول إلى المعلومات عبر الإنترنت.
وجدّد الحزب رفضه القاطع لإجراءات 25 أكتوبر وكل ما تمخّض عنها من قرارات أو إجراءات أو حتى مقترحات.
وكان عدد من القوى السياسية الرافضة لخطوات قائد الجيش السوداني دعت إلى مليونية السبت المقبل تحت اسم مليونية 13 نوفمبر.
هروب إلى الأمام
وفي السياق ذاته، وصف وزير الثقافة والإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة المقالة، حمزة بلول، الخطوة بأنها “هروب إلى الأمام، وقراءة مثابرة من كتاب المخلوع البشير، الذي ظل لـ٣ عقود يزدري صوت الشعب وينكل بالمناضلين والثوار، لكن في نهاية الأمر تمكن شعبنا الجبار من خلع البشير ووضعه في مكانه الطبيعي لينتظر مصيره محليا ودوليا”.
قلق أممي
من جانبه، قال المتحدث باسم الأمم المتحدة، ستيفان دوجاريك، إن أحدث التطورات التي يشهدها السودان “مقلقة للغاية”، وإن الأمين العام للمنظمة الدولية، أنطونيو جوتيريش، يريد أن “يرى عودة إلى المرحلة الانتقالية في أسرع وقت ممكن”.
ودعا المتحدث أيضا إلى الإفراج عن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك، الذي وُضع رهن الإقامة الجبرية في منزله، وعن زعماء سياسيين آخرين.
الإفراج عن المعتقلين
كما دعا الاتحاد الأوروبي بشكل عاجل إلى الإفراج الفوري عن جميع المعتقلين الذين تم اعتقالهم منذ 25 أكتوبر.
وأعرب مسؤول السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي عن قلق الاتحاد البالغ أن الاعتقالات التعسفية في الخرطوم وبقية البلاد لا تزال مستمرة بل وتتزايد.
وأكد الاتحاد الأوروبي على أن السلامة الجسدية لهؤلاء المعتقلين واحترام حقوق الإنسان الخاصة بهم هي المسؤولية الكاملة للقوة العسكرية، وأنه سيتم محاسبتهم.
وتابع: “من الضروري أن تمارس قوات الأمن ضبط النفس واحترام حق التظاهر السلمي، مع توقع مظاهرات سلمية جديدة معلنة خلال الأيام المقبلة، كما يلاحظ الاتحاد الأوروبي بقلق بالغ أن رئيس الوزراء عبد الله حمدوك لا يزال قيد الإقامة الجبرية وأن قدرته على التواصل مع العالم الخارجي محدودة للغاية”.
وذكر المسؤول أن سفراء الاتحاد الأوروبي في الخرطوم لم يتمكنوا من مقابلته مرة أخرى بعد زيارتهم بعد إطلاق سراحه من الاعتقال العسكري فور انقلاب الدولة.
وأضاف: “يجب أن يكون رئيس الوزراء قادراً على أداء دوره الشرعي الكامل، والذي لا غنى عنه في الإبحار بالبلاد نحو العودة إلى الوثيقة الدستورية واتفاقية جوبا للسلام لهذا، يجب أن يكون حراً في التحرك والالتقاء دون شروط أو قيود. لذلك يحث الاتحاد الأوروبي القوة العسكرية على تسهيل لقاء المجتمع الدولي مع رئيس الوزراء ورفع إقامته الجبرية ، واستعادة حريته الكاملة”.
ودعا الاتحاد الأوروبي القيادة العسكرية إلى استعادة خدمات الإنترنت بالكامل في جميع أنحاء البلاد دون تأخير، مؤكدا أن حرية الوصول إلى المعلومات لجميع المواطنين السودانيين أمر لا غنى عنه لتحقيق الحرية والعدالة والسلام للجميع.
عودة الشرعية
وكشفت مراسلة الغد من الخرطوم، الخميس، كواليس لقاء سفراء الاتحاد الأوروبي بوزيرة الخارجية في الحكومة السودانية المقالة، مريم الصادق المهدي.
وقالت مراسلتنا، إن سفراء الاتحاد الأوروبي جددوا مطالبهم بسرعة عودة الحكومة الشرعية، التي أقالها قائد الجيش السوداني الفريق أول عبد الفتاح البرهان في وقت سابق، بالإضافة إلى ضرورة عودة العمل بالوثيقة الدستورية، التي تحكم الفترة الانتقالية.
كما أوضحت مراسلتنا، أن سفراء الاتحاد الأوروبي طالبوا أيضا السلطات السودانية بحق التظاهر السلمي للمحتجين، مشيرة إلى أن الغرب متمسك بعودة حكومة حمدوك، مع التشديد على إطلاق سراح المعتقلين السياسيين.
ومن ناحية أخرى، أشارت مراسلتنا إلى أن الفريق أول عبد الفتاح البرهان تحدث لوفد “الترويكا” بأنه إذا لم تفلح مباحثته مع حمدوك، سيبحث عن خيارات أخرى، رغم إنها مرفوضة من الشارع السوداني والمجتمع الدولي، لافتة إلى أن المحتجين لا يريدون الجيش في المشهد السياسي.
وعن عودة خدمة الإنترنت مرة أخرى للمواطنين، ذكرت مراسلتنا أن محكمة الخرطوم الجزئية قررت عودة خدمة الإنترنت لكل أفراد الشعب السوداني.
يأتي هذا، فيما كشفت مصادر، أن القائد العام للجيش السودانى عبدالفتاح البرهان منح ممثلي دول الترويكا خلال اجتماعه معهم أمس فرصة لمشاورات أخيرة مع رئيس الوزراء عبد الله حمدوك للعودة لمنصبه.
وأكدت المصادر، أنه في حال تعثر التسوية مع حمدوك، فإن قائد الجيش السوداني سيلجأ إلى تسمية رئيس جديد للوزراء بالاتفاق مع قوى سياسية وقوى مُسلحة.
حافز للتظاهر
وفي السياق، قال الكاتب والباحث السياسي السوداني، أشرف عبد العزيز، الخميس، إن تشكيل مجلس السيادة الانتقالي الجديد بمرسوم دستوري من قائد الجيش الفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان سيسبب مزيدا من التعقيد.
وأوضح عبد العزيز، في مداخلة هاتفية عبر شاشة الغد، أن الأزمة السودانية لم تراوح مكانها في العملية التفاوضية، ولكن القرار من شأنه أن يحفز الثوار على الخروج إلى الشارع في مليونية 13 نوفمبر.
وأكد الكاتب، أن السودانيين سيشاركون بقوة في مليونية السبت المقبل، لا سيما وأن الفريق أول عبد الفتاح البرهان يحاول إلغاء الشراكة مع المكون المدني، واستغل ذات الطريقة غير القانونية بتنصيبه رئيسا لمجلس سيادة جديد، وذلك قد يجر السودان إلى كارثة.
وردا على سؤال حول قانونية المرسوم، أوضح أن الطريقة التي بنيت عليها القرارات استندت على قرارات باطلة، في إشارة إلى تجميد العمل ببعض بنود الوثيقة الدستورية، لذلك فهي قرارات غير صحيحة.
