السودان.. التوتر «سيد الموقف» ومحاولات أمريكية للسيطرة على الأزمة

التوتر والتصعيد بين المكونين المدني والعسكري ما زال سيد الأحداث في السودان، الأمر الذي أدى إلى تدخل بعض القوى الدولية، في محاولة إلى إعادة الأمور إلى مسارها الطبيعي، بغية للاستقرار وتجنبا للفوضى.

عنف

مر السودان، السبت، بيوم حافل، حيث حاول محتجون سودانيون اقتحام مقر وكالة السودان للأنباء،ما أدى إلى تأجيل مؤتمر لقوى الحرية والتغيير.

وأفادت مراسلة الغد من الخرطوم، بأنه بعد بدء مؤتمر صحفي لقوى الحرية والتغيير، احتشد متظاهرون أمام مقر وكالة الأنباء السودانية، ورددوا هتافات ضد “قوى الحرية والتغيير”، وبعدها طالب العاملون في الوكالة الطاقم الصحفي المتواجد لتغطية المؤتمر بالنزول إلى الشارع لتوثيق تعدي على العاملين بالوكالة.

ولفتت مراسلتنا إلى أن المتحدثة باسم الوكالة قالت إن هناك من يحاول اقتحام المقر بالقوة بعد التعدي على العاملين، مشيرة إلى أن عدم حضور المتحدثين من “الحرية والتغيير”.

وأشارت مراسلتنا إلى أن مدير وكالة الأنباء السودانية خرج وتحدث عن اقتحام مقر الوكالة، مؤكداً أن المقتحمين غير مسلحين، وأنهم تعدوا على العاملين بالعصي، ثم أعلن عن إلغاء المؤتمر الصحفي.

وتابعت أن مدير الوكالة، أعلن أنه أجرى اتصالا بالشرطة لتأمين المقر في الوقت الذي تتزايد فيه أعداد المتوافدين أمام وكالة الأنباء وقاموا بإشعال إطارات السيارات.

وأوضحت مراسلتنا أن تلك المجموعة تتبع لاعتصام القصر الجمهوري في الخرطوم، وهو ما يبنئ بتطورات كبيرة في المشهد السياسي السوداني.

الانتقال الديمقراطي

وتمكن ائتلاف قوى الحرية والتغيير في السودان، من استكمال مؤتمر لاحقا، وشدد على تمسكه بمسار الانتقال الديمقراطي والحكم المدني، وأكد استمراره في دعم رئيس الحكومة عبدالله حمدوك، مضيفا أن قوى الثورة تدعو للمدنية والتحول الديمقراطي.

وأوضح عضو اللجنة المركزية للحرية والتغيير، المهندس صديق الصادق المهدي، أن هناك قوى ضد الثورة تسعى لإعادة الشعب السوداني للوراء، مبينا أن تجربة العامين السابقين وضعت خارطة طريق واضحة لعملية التحول الديمقراطي.

وقال المهدي، خلال المؤتمر الصحفي، إنهم يعملون لإصلاح الحرية والتغيير ومتجهون لتكملة مهام تكوين المجلس التشريعي وهياكل السلطة المختلفة في أقرب وقت.

جيش مهني واحد

فيما أفاد عضو المجلس المركزي للحرية والتغيير، مبارك بخيت إبراهيم، أن القرار في مجلس السيادة معطل بسبب توقف اجتماعات مجلس السيادة، وأعلن تمسكهم بالوثيقة الدستورية وإتفاق السلام وتنفيذه ابتداءً بالترتيبات الأمنية والتحول الديمقراطي.

وقال مبارك، إن تنفيذ بند الترتيبات الأمنية يمثل أساسا في اتجاه بناء جيش مهني واحد، ونادى بضرورة تحقيق العدالة الانتقالية وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية، الذي تم إجازة أمره من قبل مجلس الوزراء ومتعطل عند المجلس السيادي.

قرار حل الحكومة بيد الشعب

ومن جانبه، شدد عضو المجلس المركزي القيادي للحرية والتغيير، ياسر عرمان، على أن الحكومة لن تحل بقرارات فوقية لفرد أو بإملاءات، وإنما قرار الحل والعقد بشأنها بيد الشعب، هو من يقول كلمته فيها.

وأكد عرمان، في المؤتمر الصحفي، مساندتهم للحكومة، وعلى رأسها الدكتور عبد الله حمدوك، رئيس مجلس الوزراء، في كافة مساعيها لمعالجة كافة أوجه الأزمة السياسية والاقتصادية

وقال إن مواكب 21 أكتوبر أكدت أن الشعب قال كلمته الداعمة للانتقال ومساندته للديمقراطية كخيار وحيد للشعب.

ونوه بالقول إن حكومة الثورة مدعومة بالداخل والخارج، حيث وصل صوت داعميها إلى كل أنحاء العالم من موسكو إلى واشنطن والأمم المتحدة، وأن الشعب السوداني يتطلع إلى دعم كافات هذه الوحدات.

وأكد عرمان دعمهم للجنة التفكيك، لأنها تمثل أحد أهم عوامل تفكيك دولة الحزب الواحد، التي عمل على تمكينها النظام البائد لصالح دولة الوطن، مبينا أنه لن تقوم قائمة لحكومة شمولية.

ودعا إلى تسليم المطلوبين للعدالة الجنائية، وألا يتم حبس أحد من الفلول لمجرد الاحتجاز، إما تقديمهم للمحاكمة أو اطلاق سراحهم.وأوضح أن قضية شرق السودان قضية عادلة واستراتيجية ينبغي أن لا تقحم في أتون التجاذب السياسي والصراع حول السلطة.

وأشار إلى أن الخرطوم كعاصمة للبلاد لا تدخل في قضايا الوثيقة الدستورية المتعلقة بالسلام والترتيبات الأمنية، وهو ما يجعلها منطقة لا يجب أن تكون بها ميليشيات مسلحة، مشيرا إلى ضرورة العمل على وجود جيش واحد، خاصة وأن جميع الحركات المسلحة متفقة على هذا البند.

وأكد أن مسألة إكمال مؤسسات الحكم المتمثلة في المجلس التشريعي والمحكمة الدستورية الدستورية أصبحت قاب قوسين من إكمالها. وعبر عن رغبته في أن ينعم الشعب السوداني بموارد وعلى رأسها مورد الذهب الذي ينتج منه 200 طنا.

تدخل أمريكي

قالت السفارة الأمريكية في الخرطوم، في حسابها على تويتر، إن المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي، جيفري فيلتمان، التقى رئيس مجلس السيادة السوداني، ورئيس الوزراء السوداني، وأكد خلال اللقاء دعم واشنطن لانتقال ديمقراطي مدني في البلاد.

وأضافت السفارة، أن فيلتمان حث جميع الأطراف على تجديد الالتزام بالعمل مع بعضهم البعض لتنفيذ الإعلان الدستوري، وهو الوثيقة التي أبرمتها أحزاب مدنية مع الجيش عقب الإطاحة بالرئيس السابق عمر البشير.

والتقى فيلتمان بكل من رئيس الوزراء عبد الله حمدوك والفريق أول ركن عبد الفتاح البرهان رئيس مجلس السيادة ونائبه الفريق أول محمد حمدان دقلو.

وتصاعد التوتر بين القادة المدنيين والعسكريين الذين يتشاركون السلطة في أعقاب محاولة الانقلاب العسكري في سبتمبر أيلول، والتي قال الجيش إنه أحبطها.

ومع تفاقم الأزمة الاقتصادية، تحالف ائتلاف من مجموعات متمردة وأحزاب سياسية مع الجيش، الذي اتهم الأحزاب المدنية بسوء الإدارة واحتكار السلطة، ويسعى إلى حل مجلس الوزراء.

وردا على ذلك، خرجت حشود ضخمة من المتظاهرين، تقدر بمئات الألوف، في مناطق متفرقة من العاصمة السودانية الخرطوم ومدن أخرى يوم الخميس في احتجاجات لرفض فكرة الحكم العسكري. وشارك عدد من الوزراء في هذه الاحتجاجات.

توسيع المشاركة السياسية

وفي بيان بعد الاجتماع مع فيلتمان، أشاد البرهان بالدعم الأمريكي لانتقال السودان إلى الديمقراطية وقال إن الجيش حريص على حماية هذا الانتقال.

وشدد البرهان على عدم السماح بأي محاولة انقلابية من أي جهة تعرقل الانتقال الديمقراطي، مؤكدا ضرورةَ العودة إلى منصة التأسيس، والاحتكام للوثيقة الدستورية واتفاقية جوبا.

ودعا البرهان إلى توسيع المشاركة السياسية لكل القوى الوطنية، ما عدا المؤتمر الوطني، معتبرا أنه لا يمكن احتكار الحكومة بواسطة أحزاب بعينها لا تمثل كل أطياف الشعب السوداني.

وأكد البرهان، حرص القوات المسلحة على حماية الانتقال وصولا إلى مرحلة الانتخابات والتحول الديمقراطي، وجدد تأكيده عدم السماح بأي محاولة انقلابية من أي جهة تعرقل الانتقال الديمقراطي.

من جانبه، أكد فيلتمان دعم واشنطن للانتقال المدني الديمقراطي في السودان، وحثَ كل الأطراف على العمل معا لتنفيذ الإعلان الدستوري.

حمدوك ينفي شائعة

ونفى رئيس الوزراء، عبد الله حمدوك، السبت، موافقته على إجراء تعديل وزاري، أو إجراء تغيير في السلطات الانتقالية، في وقت تتزايد شائعات حول ذلك منذ أيام.

وأكد مكتب حمدوك، أن رئيس الوزراء لا يحتكر حق تقرير مصير مؤسسات الانتقال، وأنه متمسك بحوار يشارك فيه الجميع.

كما أشار المكتب الإعلامي لحمدوك، إلى استمرار الاتصالات واللقاءات بمختلف أطراف السلطة الانتقالية والقوى السياسية، لبحث سبل معالجة الأزمة السياسية وحماية عملية الانتقال المدني الديمقراطي وحماية أمن وسلامة البلاد.

لقاء أمريكي مع وزيرة الخارجية

كما عقدت وزيرة الخارجية السودانية، مريم الصادق المهدي، اجتماعا مع المبعوث الأمريكي الخاص للقرن الأفريقي جيفري فيلتمان في الخرطوم.