السودان.. مؤشرات غامضة حول حقوق الإنسان
في واقعة غير مسبوقة، شهدت اللجنة العربية لحقوق الإنسان بالجامعة الدول العربية، في اليوم الثاني من اجتماع اللجنة بمقر الأمانة العامة للجامعة العربية، مداخلات ساخنة، اقتربت من مشادات “كلامية” أثناء عرض تقرير لسجل حقوق الإنسان في السودان، الذى قدمته حكومة الرئيس عمر البشير إلى اللجنة، ووجه بانتقادات حادة للمؤشرات الغامضة التي لا تكشف عن حقيقة الأوضاع المتعلقة بالحقوق الإنسانية للمواطن السوداني، والالتزام بنصوص مواد الميثاق العربي لحقوق الإنسان.
وكشف مصدر دبلوماسي عربي بالجامعة العربية، لـ”الغد العربي”، عن “تعقيبات” اللجنة العربية لحقوق الإنسان المنعقدة منذ أمس الاثنين، والتي أعلنت رفضها للتقرير السوداني القائم على عبارات عامة “مبهمة” وغير محددة. وقال السفير حازم حمزة، إن اللجنة أعربت أولا عن تقديرها لحرص جمهورية السودان على تقديم تقريرها الأول، مما يعكس حرص الدولة على مواصلة تنفيذ التعهدات العربية في مجال تعزيز واحترام حقوق الإنسان، بالرغم من التحديات الهائلة التي تواجهه، وظروف الحصار الاقتصادي والصراعات الداخلية المسلحة، إلا أن “متن التقرير” كان فاقدا للمؤشرات الأساسية التي يجب الالتزام بها، مما حدا باللجنة لطلب مزيدا من التوضيحات بشأن نصف النقاط تقريبا التي تضمنها التقرير، وقام الوفد السوداني اليوم بمحاولة التوضيح رغم المداخلات الساخنة والانتقادات من قبل أعضاء اللجنة، الذين طالبوا بتقديم ما يؤكد ممارسة وتطبيق بنود الميثاق العربي على الأرض.
وأوضح المصدر أن فصائل من المعارضة السودانية تقدمت قيل ستة أشهر بمذكرة احتجاج للجنة العربية تدين ممارسات تنتهك حقوق الإنسان في السودان، من الاعتقال التعسفي، والمحاكمات العسكرية للمدنيين، وتجنيد الأطفال والزج بهم في صراعات داخلية، وحالات تعذيب تنظرها المحاكم السودانية، والتجاوزات التي شهدتها الانتخابات التشريعية الأخيرة، وتهميش دور المرأة في الحياة السياسية، وهي “سلبيات خطيرة” لم يشر إلى معالجتها التقرير السوداني، ومع نفي الوفد السوداني لمجمل تلك “المآخذ”، ارتفعت درجة سخونة المناقشات داخل اللجنة التي تقوم بمناقشة الوضع في السودان بصفة دورية.
يذكر أن الجامعة العربية صادقت على إنشاء الميثاق العربى لحقوق الإنسان في العام 2004 في تونس، ودخل حيز التنفيذ في العام 2008، ومنذ ذلك الحين وقعت 14 دولة عربية فقط عليه، من بينها السودان في العام 2012
من جانبه أشار رئيس حزب الوسط السوداني ورجل القانون، يوسف الكوده، إلى أن الوضع في السودان يراوح مكانه بين نزاعات في الأقاليم وانتهاكات لحقوق الإنسان وتضييق على حرية الصحافة والإعلام، وعدم الاهتمام بالريف وبقية أقاليم السودان الأخرى غير الوسط والخرطوم تحديدا، مما كان سببا في شعور سكان تلك المناطق بالظلم والضيم في توزيع الثروة والسلطة، ودفع أهالي وأبناء المناطق المهمّشة للدخول في حروب ونزاعات. وقال “الكوده” لوكالة الأنباء الألمانية، إن من أسوأ الممارسات التي تنتهك حقوق الإنسان، إنزال عقوبة الجلد على من يمارس العمل السياسي السلمي، ولا إمكانية للإصلاح أو الاستمرارية لما نشاهده من أوضاع إلا إذا ما علا صوت العقلانية والرشد، مؤكدا على ضرورة الدخول في فترة انتقالية بحكومة قومية يلي ذلك مباشرة تعديل للدستور ومن ثم الإعلان عن تنظيم انتخابات نزيهة وشفافة لا يُقصى أحد منها.