أفاد مراسلنا في الخرطوم بأن السودان استدعى القائم بالأعمال الإثيوبي، اليوم السبت، وذلك في أعقاب اعتداءات إثيوبية على الأراضي السودانية، وأسفرت عن مقتل ضابط بالجيش السوداني وإصابة 6 آخرين.
وشنت ميليشيات إثيوبية مدعومة من الجيش الإثيوبي هجوما يوم الخميس الماضي، على الجانب السوداني من الحدود بين البلدين.
وحذر السودان من اندلاع حرب شاملة مع إثيوبيا غداة هذا الهجوم، وقال المتحدث باسم الجيش السوداني، العميد الركن عامر محمد الحسن، إن الخرطوم يرى إعطاء فرصة للدبلوماسية مع إثيوبيا قبل اندلاع حرب شاملة.
تدخلات سابقة
وقال الكاتب المختص في الشئون الإفريقية، عطية عيسوي، إن هدف إثيوبيا من توغلها في الأراضي السودانية هو حماية 1800 مزارع إثيوبي يزرعون في تلك الأرض السودانية الخصبة منذ عام 1957.
وأشار إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتدخل فيها الجيش الإثيوبي في الأراضي السودانية وانتهك الاتفاقات المبرمة بإبعاد قوات الجيشين عن المنطقة الحدودية وتقسيمها بنسبة 2 : 1 بين المزارعين السودانيين والإثيوبيين في عام 1994، لافتا إلى أنه في عام 1965 سمح السودان للمزارعين الإثيوبيين بالبقاء حتى يتم ترسيم الحدود، وهو ما شجّع الإثيوبيين على البقاء وعلى زيادة أعدادهم لدرجة أنهم أقاموا بلدة كاملة لهم وحوّلو قرية سودانية إلى مدينة وأقاموا 70 مشروعاً استثمارياً في المنطقة.
وأضاف عيسوي أن الهدف من الهجوم الأخير هو حماية الوجود الإثيوبي عبر المزارعين والضغط على الحكومة السودانية لكي لا تطالب بالمزيد فيما يتعلق بتلك المنطقة، خاصة أنه تم الاتفاق على البدء في ترسيم الحدود بدءا من أكتوبر المقبل على أن ينتهي العمل فيها في مارس/آذار 2021.
ولفت إلى أن إثيوبيا لا تخشى من خسارة تأييد السودان فيما يتعلق بسد النهضة، مرجعاً ذلك لعدة أسباب، أولها أن السودان يحتاج إثيوبيا في عدة أمور وينتظر فوائد كبيرة من سد النهضة، كما يدين السودان بالفضل لإثيوبيا ولرئيس حكومتها فيما يتعلق بحل الخلاف ما بين المجلس العسكري وبين حركة التغيير، وأن الخرطوم لا تريد معاداة أديس أبابا حتى لا تدعم المتمردين في جنوب كردفان والنيل الأزرق.
وتابع عيسوي أن السودان يريد أن يستفيد من سد النهضة، خاصة في ملف الطاقة والكهرباء التي يعاني من نقص فيها يقارب الـ 40%، كما سيمنع السد الفيضانات السنوية المُدمرة عن المدن السودانية وسيؤدي إلى تنظيم وصول المياه إلى السدود السودانية على مدى العام بدلا من 4 أشهر الخاصة بالفيضان، كما سيُمكّن السد الخرطوم من استغلال نسبتها كاملة من مياه النيل وهي 18.5 مليار متر مكعب.
وأشار إلى أن الحكومة الإثيوبية تعرف تماماً أن الأمور لن تصل إلى التصعيد الذي يُشكًل خطراً عليها، خاصة أنها مُعرّضة لدعم السودان للمتمردين لديها من الأمهرة والأورومو المجاورين للحدود بين البلدين.
الخارجية السودانية
من جانبه، نقل مدير إدارة دول الجوار بالخارجية السودانية للقائم بالأعمال الأثيوبي إدانة ورفض الحكومة السودانية لهذا الاعتداء الذي يأتي في وقتٍ كانت الاستعدادات تجري في الخرطوم لعقد الاجتماع الثاني للجنة المشتركة رفيعة المستوى لقضايا الحدود.
ويرأس اللجنة المشتركة لقضايا الحدود من الجانب السوداني وزير رئاسة مجلس الوزراء ومن الجانب الأثيوبي نائب رئيس الوزراء.
وطالب المسؤول السوداني، باتخاذ الإجراءات الكفيلة بوقف مثل هذه الاعتداءات ونبّه إلى أن استدامة وتطوير التعاون بين البلدين لابد أن يبني على الاحترام المتبادل لسيادة واستقلال وحدود كلٍ منهما.
