قصة «جنيه» فقد قيمته ودولار لا يعرف سقفاً.. الاقتصاد من «رمضاء» رامز إلى «نار» عامر

مع تراجع قيمة العملة المحلية وتهاوي الجنيه المصري أمام الدولار، وتعرض الاقتصاد المصري لأزمة ارتبطت بارتفاع عجز الموازنة ولجوء الدولة للاقتراض، بدأ خبراء الاقتصاد والمواطنون المقارنة بين السياسات النقدية والاقتصادية لكل من طارق عامر وهشام رامز، وأثرهما على قيمة الجنيه في عهد كل منهما.

هشام رامز

فى 3 فبراير من عام 2013 جاء هشام رامز محافظًا للبنك المركزى المصرى، خلفًا لواحد من أقوى عقول السياسة النقدية فى الاقتصاد المصرى وهو الدكتور فاروق العقدة، وفى 27 نوفمبر من عام 2015 غادر هشام رامز فجأة تاركًا خلفه تركة ثقيلة من المهام والتحديات، ولم يكن الجنيه المصرى فى حالة الوهن التى يعانيها منها الآن رغم أن ظروفه السياسية ذلك الوقت كانت أكثر حدة وصعوبة.

أهم قرارات هشام رامز

يعد أغرب قرار اتخذه رامز، وضع حدٍ لإيداع الدولار فى البنوك، فالناس تفهمت أن تضع حدًا للسحب خوفًا من الاتجار والتخزين، حيث علم رامز أن 3 من كبار رجال الأعمال يتحكمون فى حركة الدولار بالسوق السوداء، كشفت عنها عمليات إيداع مريبة بأرقام عالية فى حسابات بأسماء هؤلاء الثلاثة، ما يشير إلى أن ثمة عمليات مضاربة تحدث على نطاق واسع بالأسواق.

فى هذه الأثناء ظل رامز ولجنة السياسة النقدية يُصران على تثبيت سعر الفائدة على السحب والإيداع فى البنوك، لأن المناورات التى كان يقوم بها البنك المركزى بالإضافة للمنح القادمة من الدول الصديقة، مع بداية الرقابة الصارمة على شركات الصرافة، كل هذه الأمور كانت تمنح البنك المركزى قدرة على ملاحقة السوق والسيطرة عليها.

تنبهت إدارة رامز فى هذه الأثناء لسوء حالة الاستيراد، فبدأت تصريحاته المضادة لثقافة الاستيراد هذه فى الانتشار، وصارت أكثر حدة مع اشتداد الصراع على سوق الصرف، ثم شاعت مخاوف من ندرة بعض السلع نتيجة لموقف المحافظ تجاه الاستيراد، فما كان من رامز إلا أن وضع قائمة للسلع ذات الأولوية فى الاستيراد، وبالتالى توفير العملة الأجنبية اللازمة لها، ثم كانت المناورة الأخيرة بأن طالب رجال الأعمال بتحديد احتياجاتهم من الدولار حتى لا تتعطل الاستثمارات، فقال عنه الملياردير محمد فريد خميس إنه «من أفضل المصرفيين فى العالم».

وفى 27 فبراير صرح رامز بأن السوق السوداء للدولار انتهت من مصر، بعدها بساعات خرج وزير الاستثمار حينها أشرف سالمان بتصريح عن إمكانية تحريك سعر الجنيه لتقليل الخسائر الناتجة عن وجود سعرين للدولار، بعد هذا التصريح تسارعت وتيرة التراجع، وبدأ الجنيه فى حلقة جديدة من الانهيار، خصوصًا مع إعلان رامز عن نيته الرحيل دون سبب واضح، ربما عجلت تصريحات سلمان بإعلان قرار الرحيل لأنها كانت سببًا فى إفساد كثير من الخطط التى رسمها رامز للحفاظ على فجوة مقبولة بين سعرى الدولار فى السوق.

مثل كل المصرفيين ذوى الخبرة كان لدى هشام رامز فلسفة اقتصادية ما، تتلخص فى نفوره من استهلاك بلد لعملة أجنبية بهذا الشكل مما يضعف عملته المحلية، وربما انعكست هذه الفلسفة على تمسكه بتطبيق بعض الخطوات الصارمة، وإصراره على حوكمة حركة الصرف.

ولم تخل مسيرة هشام رامز من الأخطاء، فرغم نجاح خطواته نحو السيطرة على السوق، لكنها أعطت انطباعًا للاستثمار الخارجى بأن هناك قيودًا ما قد تتعرض لها أعمالك فى هذا البلد الصامد ذى الفرص الجاذبة، لكن إلى متى سيصمد وكيف تضمن استمرار جاذبيته؟ لم يكن أحد ليعرف ولا حتى هشام رامز نفسه.

 

طارق عامر

اتخذ عامر منذ توليه منصب محافظ المركزي، العديد من القرارات السيئة التي قُوبلت بسيل من الانتقادات من جانب خبراء الاقتصاد، لاسيما عقب تأكيدهم تأثيرها السلبي وتسببها في ارتفاع سعر الدولار بشكل لافت للنظر، وأول تلك القرارات هو الإبقاء على قرار محافظ البنك السابق، هشام رامز، بوضع حد أقصى للإيداع النقدي «الكاش» بالدولار بـ10 آلاف دولار يوميا من الأفراد والشركات، وإجمالي الإيداعات الشهرية بحد أقصى 50 ألف دولار «كاش» في البنوك العاملة بالسوق المصرية.

وفي محاولة لضبط صرف العملة الصعبة من البنوك المصرية، خفضت البنوك العاملة في السوق المحلية متوسط الحد الأقصى للمشتريات من خلال بطاقات الائتمان المصرية خارج الحدود من متوسط 30 ألف دولار شهريا إلى 10 آلاف كحد أقصى، كما خفضت البنوك حدود مبيعاتها من «الكاش» الدولاري للعميل المسافر من 5 آلاف إلى 3 آلاف دولار لكبار العملاء، ومن 3 آلاف إلى ألفي دولار للعملاء المتوسطين، وألف دولار في المتوسط لصغار العملاء بدلا من ألفي دولار.

وفي إطار المحاولات الهادفة إلى زيادة احتياطي العملة الصعبة لمواجهة ارتفاع سعر الدولار، طرحت البنوك الحكومية بأوامر من المركزي الثلاثة شهادات دولارية للمصريين المقيمين في الخارج تحت مسمى «بلادي»، لآجال سنة و3 و5، بحيث تمنح الشهادة لأجل سنة عائدا يبلغ 3.5%، ولأجل 3 سنوات 4.5، ولأجل 5 سنوات 5.5%، ويتم الاكتتاب بحد أدنى 100 دولار، ولا يمكن استرداد الشهادة أجل سنة قبل تاريخ استحقاقها، بينما يمكن استرداد الشهادة أجل 3 سنوات بعد 6 أشهر من تاريخ الإصدار، وسنة لأجل 5 سنوات.

ولحق هذا القرار إصدار شهادات أخرى تحت نفس الاسم شهادة «بلادي»، وتم طرحها للمصريين في الخارج وتصرف بـ«اليورو»، ويكون العائد 2% سنويا للشهادة مدة سنة واحدة، و3% للشهادة مدة ثلاث سنوات، و3.5% للشهادة مدة خمس سنوات، ويحتسب العائد عليها جميعًا اعتبارًا من يوم العمل التالي ليوم الشراء، ويصرف العائد باليورو كل ستة أشهر.

وجاء ضمن حزمة الإجراءات، قرار البنك المركزي بإلغاء الحد الأقصى للسحب والإيداع من العملات الأجنبية بالبنوك بالنسبة للأشخاص الاعتبارية، التي تعمل في مجال استيراد السلع والمنتجات الأساسية لتوفير السلع بالسوق المصرية، فيما أبقى على الحدود القصوى للأشخاص الاعتبارية في مجال استيراد السلع الأخرى بخلاف السلع والمنتجات الأساسية.

كذلك طرح البنك المركزي عطاءً دولاريا بقيمة 200 مليون دولار بسعر 885 قرشا للدولار، على أن ترفع البنوك السعر 10 قروش ليصبح سعر الدولار 895 قرشا، وهو ما يعنى أنه تم خفض سعر صرف الجنيه أمام الدولار بـ112 قرشا.

كذلك اتخذ عامر قرارا بوقف التعامل ببطاقات الخصم المباشر خارج مصر، إلا أنه عاد ليتراجع عن تطبيق هذا القرار، ولم يكتف بذلك، بل أعلن نفيه صدور مثل هذا القرار على الرغم من إرساله خطابات للبنوك تتضمن صيغة القرار.

وبعد التراجع جاء لسان حال عامر وكأنه يقول «أنا لا أكذب ولكني أتجمل»، حيث أكد أنه لا تغيير يمس كروت الخصم بالعملة المحلية الخاصة بالمواطنين عند استخدامها خارج مصر، مشيرا إلى أن المركزي وجه البنوك للتيقظ من تجار العملة الذين يستخدمون هذه الكروت في المضاربة.

وقال عامر، في تصريحات، إن لكل بنك الحق في وضع حدود على استخدامات عملائه من مدفوعات النقد الأجنبي بالخارج من خلال كروت الخصم بالعملة المحلية، لكن يجب التيقظ لحدوث عمليات تلاعب كبيرة من بعض العملاء عند استخدام كروت للحصول على مبالغ كبيرة بالدولار ليس بغرض السفر أو السياحة أو المشتريات.

وأضاف أن عمليات المضاربة تكبد الدولة مليارات الدولارات، مشيرا إلى أنه تنظيما لهذا «التسيب» وجه البنك المركزي البنوك برقابة وتنظيم استخدام كروت بطاقات الخصم متضمنة البطاقات المدفوعة مقدما ، وذلك لتجنب سوء استخدامها من المضاربين خارج البلاد.

وأفادت بعض المصادر قريبة الصلة بالبنك المركزي، أن السبب الحقيقي لتراجع عامر عن هذا القرار بهذه السرعة جاءت بسبب اعتراض مؤسسات دولية اقتصادية على تطبيق مثل هذه القرار، الأمر الذي استدعى جهة سيادية إبلاغ عامر بضرورة التراجع، نظرا لما يمكن أن يكبده هذا التطبيق من خسائر تتعلق بإمكانية استغلال تجار العملة لمثل هذا القرار واستمرار ارتفاع سعر الدولار في السوق السوداء.

سعر الدولار بين عامر ورامز

بعد توليه منصب محافظ البنك المركزي ، في 21 أكتوبر الماضي، تعهد طارق عامر، في حديثه التليفزيوني الأول، في فبراير الماضي، بالحفاظ على القوة الشرائية للجنيه المصري، قائلا إن «القوة الشرائية للجنيه المصري قضية أمن قومي، ولا يمكن أن يتخلى عنها للحفاظ على القيمة الحقيقية لمدخرات المواطنين حتى لا تتآكل»، إلا أن «عامر» دخل لقاءه التليفزيوني الثاني، في أبريل الماضي، بعد سلسلة إجراءات، اتخذها البنك المركزي، أبرزها تخفيض سعر الجنيه ، أمام العملة الأمريكية، نحو 112 قرشًا، ليصل سعر الدولار في البنوك لـ8.85 قرش.

ففي يناير عام 2015، خفض البنك المركزي قيمة الجنيه المصري مقابل الدولار الأمريكي بنحو 3.5%، وقفز سعر الدولار لمستوى 7.39 جنيه في عطاء البنك المركزي 22 يناير، مقابل 7.14 جنيه.

وفي يوليو 2015، سمح البنك المركزي للجنيه بالانخفاض 20 قرشا في مزاد العملة الصعبة، ليسجل الجنيه أدنى مستوياتها منذ ديسمبر 2012، ووصل سعر بيع الدولار للبنوك 7.73 جنيه.

وشهد أكتوبر 2015 الارتفاع الثالث لسعر الدولار مقابل الجنية المصري، خلال العام الجاري، فبعد أن استقر عند 7.73 في يوليو 2015، وظل ثابتا نحو 3 أشهر، حتى ارتفاع إلى 7.78، في عطاء البنك المركزي، ليعود للارتفاع مرة أخرى، إلى 8.03 جنيه في عطاء التالي يوم 19 أكتوبر.

أما في مارس 2016 «الانخفاض الرابع»، حيث انخفضت قيمة الجنيه أمام الدولار، في 14 مارس الماضي، بنحو 112 قرشا، وبرره محافظ «المركزي» بأنه سيزيد قيمة الصادرات والسياحة.

وتلك الإحصاءات تؤكد أن قيمة الجنيه المصري أمام الدولار في عهد «رامز» أفضل من سعر صرفه في عهد «عامر»، خاصة أن الجنيه المصري فقد أكثر من 40% من قيمته خلال عامين فقط، وتخطى سعره في السوق السوداء حاجز الـ12 جنيهًا.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]