قال الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي: إن الشعب المصري لن يقبل أي ممارسات عنيفة أو ديكتاتورية. جاء ذلك ردا على سؤال بشأن حقوق الإنسان في مصر، خلال المؤتمر الصحفي الذي عقده مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون اليوم الثلاثاء بقصر الإليزيه في باريس. وكان السؤال قد تم توجيهه الى ماكرون، فطلب السيسي الإجابة عليه وقال:”أنا أيضا معني بالإجابة على هذا السؤال.. لماذا لا تسألني عن حقوق الإنسان في التعليم الجيد والصحة والسكن المناسب.. أو عن حقوق الضحايا من رجال الشرطة والجيش والأبرياء الذين قتلهم الإرهاب.. لماذا لا تسألني عن حقوق 3 ملايين مصري يعملون في السياحة ويهدد عدم الإستقرار الأمني مستقبلهم.. من أين يأكلون ويشربون؟.. انا مسئول عن 100 مليون مصري.. نحن حريصون على بناء دولة مدنية ديموقراطية قوية.. مصر في بؤرة مضطربة من العالم وكانت مهددة بالإنهيار بما يتسبب في زعزعة استقرار العالم بأسره”.
وألقى السيسي كلمة في بداية المؤتمر قال فيها: “أكدنا ضرورة علاج القصور في مواجهة آفة الإرهاب، وناقشنا خطر الإرهاب الذي يهدد أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط”.
وأعلن السيسي، أنه قد تم الاتفاق على أن يكون عام 2019 عاما للثقافة والسياحة المصرية الفرنسية”، مضيفا “تربطنا علاقات تاريخية ممتدة مع فرنسا، وقد بحثنا سبل تعزيز التعاون بين البلدين في جميع المجالات، وشهدنا مراسم التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات بقيمة تبلغ 400 مليون يورو”.
وطالب السيسي الرئيس الفرنسي بزيارة مصر والحديث مع المواطن المصري للتعرف على حقيقة الأوضاع، موضحا أن مصر تحتوي أكثر من 40 ألف منظمة مدنية تعمل لخدمة الشعب المصري.
من جانبه، قال الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، خلال المؤتمر، “حددنا عددا من المجالات التي تمتلك فرنسا خبرة فيها لمساعدة مصر، من أهمها مشروع منطقة قناة السويس، حيث يمتلك هذا المشروع فرصا استثمارية واعدة جدا”.
وأضاف ماكرون، “اتفقنا على التعاون لمواجهة مسألة الهجرة غير الشرعية”، مؤكدا أن مواجهة الإرهاب ليست فقط عسكرية، ولكنها أيضا تتطلب احترام القوانين، وأن فرنسا تعمل على استئصال الجماعات الإرهابية والمتطرفة، وحل الأزمتين السورية واليمنية.
كان الرئيس ماكرون قد استهل كلمته بتقديم التعازي لمصر في الخسائر التي حدثت منذ أيام قليلة جراء الإرهاب، وجاء المؤتمر عقب توقيع الرئيس الفرنسي والمصري عددا من الاتفاقيات المشتركة، في إطار تطوير العلاقات بين البلدين.
وفيما يلى نص كلمة الرئيس السيسي خلال المؤتمر الصحفى المشترك مع الرئيس الفرنسى اليوم:
يطيب لى في البداية أن أعرب لكم عن خالص التقدير والشكر على حسن الاستقبال الذى لقيناه منذ وصولنا إلى بلدكم الصديق، والذى تربطنا به علاقات تاريخية ممتدة وشراكة قوية فى شتى المجالات، وهو ما يعكس حالة الزخم التى تشهدها علاقاتنا الثنائية، والمستوى الرفيع من التنسيق إزاء مختلف القضايا الإقليمية والدولية.
ولقد تباحثت اليوم مع فخامة الرئيس “ماكرون” حول سبل تعزيز أوجه التعاون بين البلدين على مختلف الأصعدة السياسية والاستراتيجية والاقتصادية والثقافية، حيث اتفقنا على تكثيف التشاور والتنسيق إزاء القضايا ذات الأولوية لبلدينا. ولقد أكَدَّتْ محادثاتُنا اليوم الأساسَ القوي الذي نستند إليه في العمل على مواصلة الارتقاء بشتى مجالات التعاون إلى آفاق أرحب، بما يحقق المصالح المتبادلة لشعبينا.
لقد حظيت العلاقات الثنائية فى شقها الاقتصادى بأولوية كبرى خلال مباحثاتنا اليوم، حيث استعرضت مع الرئيس “ماكرون” ما تم تنفيذه من خطوات في برنامج الإصلاح الاقتصادى المصرى، وما حققه من نتائج إيجابية في استعادة معدلات النمو المرتفعة والزيادة فى الاستثمارات الأجنبية المباشرة وإجراءات تدعيم شبكة الحماية الاجتماعية للطبقات الأكثر احتياجاً، فضلاً عن توفير العديد من الفرص الاستثمارية، خاصة في إطار المشروعات القومية الكبرى التي تنفذها مصر وتحظى باهتمام من دوائر الأعمال الفرنسية. كما شهدنا مراسم التوقيع على مجموعة من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم وإعلانات النوايا، بقيمة تبلغ حوالي 400 مليون يورو، فى مجالات الطاقة التقليدية والمتجددة والبنية الأساسية والحماية الاجتماعية والنقل بمختلف فروعه، البحرية والبرية ومترو الأنفاق.
وأود أن أشير أيضاً إلى أن الملف الثقافى والتعاون فى المجالات السياحية والتعليمية كان حاضراً فى محادثاتنا اليوم، حيث اتفقنا على إعلان عام 2019 عاما للثقافة والسياحة المصرية الفرنسية ليعكس عمق الروابط الثقافية والحضارية المشتركة بيننا، خاصة فى ضوء الاهتمام الفرنسى الكبير، الذي نُقدّره ونعتز به، بالحضارة المصرية بمختلف مراحلها التاريخية، لاسيما الفرعونية، فضلاً عن تزامن هذا العام مع الذكرى 150 لافتتاح قناة السويس، والتى تحظى تنمية محورها بأهمية كبرى في خطط الحكومة المصرية منذ ازدواج الممر الملاحي للقناة عام 2015 ليكون هذا المحور أكبر منطقة للخدمات اللوجستية المتكاملة فى الشرق الأوسط.
ولقد تناقشت اليوم مع الرئيس “ماكرون” حول سبل مكافحة الإرهاب الآثم الذى عانت مصر وفرنسا من شروره، وأصبح يهدد أمن واستقرار منطقة الشرق الأوسط والقارة الأوروبية، ويعد التحدى الأكبر لجهودنا فى تحقيق التنمية، حيث أكدنا على ضرورة تضافر الجهود الدولية والإقليمية لمعالجة أوجه القصور فى مكافحة تلك الظاهرة.
وتناولنا أيضاً تطورات الأوضاع فى ليبيا والتى يمثل تحقيق الاستقرار والأمن بها أهمية خاصة لكلتا الدولتين، في ظل تأثيره المباشر على الأمن القومى المصرى والفرنسى ومنطقة البحر المتوسط. كما تناولنا الجهود المصرية الناجحة في تحقيق المصالحة الفلسطينية، وأهمية استعادة الزخم لاستئناف عملية السلام، وكذا تطورات الأوضاع فى سوريا والعراق ومنطقة الساحل والصحراء بالقارة الأفريقية، وتبادلنا الرؤى حول سبل المعالجة الشاملة لظاهرة الهجرة غير الشرعية، فضلا عن العلاقات بين مصر والاتحاد الأوروبى عقب توقيع وثيقة أولويات المشاركة لتعزيز التعاون بين الجانبين فى يوليو الماضى.
إنني لعلى ثقة في أن لقاءنا اليوم سيكون بمثابة نقطة انطلاق جديدة لتعزيز التعاون والشراكة بين بلدينا، كما أؤكد لكم حرصنا على الاستمرار فى التنسيق والتشاور من أجل متابعة تنفيذ ما تم الاتفاق عليه وترجمته على أرض الواقع، بما يساهم في تطوير علاقاتنا المشتركة على كافة الأصعدة.
وفى الختام، يطيب لى أن أجدد لكم، فخامة الرئيس، الدعوة لزيارة مصر في أقرب فرصة لمواصلة التنسيق المشترك، بما يسهم فى تحقيق ما نصبو إليه من تطوير مجالات التعاون المختلفة ويحقق مصالح الشعبين الصديقين.
