الشارع اللبناني يستعيد «صوت الثورة».. تصعيد بين المعارضة والسلطة
كما كان متوقعا، انطلقت اليوم الثلاثاء تظاهرات بواسطة السيارات في العديد من المناطق اللبنانية، رفضا للأوضاع الاقتصادية وارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية، في ظل تفشي وباء كورونا في البلاد.
وأكد المشاركون، أن التحرك يحترم شروط التباعد الاجتماعي والوقاية من فيروس كورونا، حيث ارتدوا كمامات واقية وأقلت السيارة الواحدة شخصين اثنين فقط.
وجابت السيارات الشوارع رافعة الأعلام اللبنانية، قابلتها على الشرفات والمباني رايات مماثلة تأييدا لتحركات المتظاهرين.
وقال المتظاهرون، إن مسيرتهم هذه تعتبر «رسالة تأكيد على استمرار ثورتهم التي لن تنطفئ وقيام مطالبهم بمحاربة الفساد ومحاسبة الفاسدين، لحين انكفاء الوباء عن اللبنانيين وخروجهم من الحجر سالمين».
وبات واضحا أن انتفاضة الشعب اللبناني ستستعيد وهجها في المرحلة المقبلة، بعدما ثبت أن السلطة الحاكمة عاجزة عن القيام بما هو مطلوب منها، لناحية إصلاح الأوضاع الاقتصادية، في ظل تخبط واضح في إقرار الخطة المطلوبة لوقف الانهيار المالي الذي يتهدد البلد بشكل جدي.
الشارع اللناني يستعيد «صوت الثورة»، بحسب تعبير الإعلامي والمحلل السياسي اللبناني، زهير الماجد، وتحركات مجموعات الحراك الشعبي المدني، آتية من مناطق عدّة، ومشارب متعددة، تحت عنوان معيشي فقط، لإيصال صوت «الجائعين» مع اقتراب شهر رمضان المبارك.
الانفجار الشعبي لن يتأخر
معطيات الواقع اللبناني، كانت ولازالت تحذر من «ثورة جياع» وهي مرحلة ثانية من «الثورة ضد الفساد والمفسدين» ورفع المعاناة المعيشية عن كاهل المواطن اللبناني.. ولذلك، بحسب تعبير المحلل السياسيي اللبناني عمر البردان، ليس مستغرباً ما تشهده بعض المناطق، ولا سيما طرابلس وصيدا من احتجاجات شعبية على استمرار تردي الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية، وسط ارتفاع جنوني لسعر صرف الدولار الأمريكي في السوق المالية، حيث يطالب المحتجون بتخفيف الإجراءات المتصلة بـ«التعبئة العامة»، ليتمكنوا من مواجهة أعباء الأزمة الخانقة التي ترهق كاهلهم، على أبواب شهر رمضان المبارك.
وعلى وقع تساؤلات كثيرة عن أسباب عجز الحكومة عن القيام بدورها، للجم هذا الارتفاع غير المسبوق للدولار، فيما لم تنفع كل محاولات مصرف لبنان للحد من ارتفاعه. في ظل توقعات بأن يستمر سعر الدولار بالتصاعد أكثر فأكثر في حال لم تتخذ إجراءات حاسمة لوقفه عند حدود معينة، لأن بقاء الأمور دون معالجة سيقود حتماً إلى الانفجار الذي لم يعد موعده بعيداً.
الانزلاق نحو الهاوية
وفيما لم تتضح بعد طبيعة الإجراءات التي قد تتخذها الحكومة، للتخفيف من التدابير المتبعة لمواجهة جائحة «كورونا»، إلا أنه يظهر بوضوح أن الشعب ما عاد قادراً على تحمل تداعيات الانهيار الاقتصادي والمالي الذي يضرب البلد، والذي فاقمت التدابير الأخيرة من حدة الخسائر الناجمة عنه، بحسب رؤية وتقدير المحلل السياسي، من دون أن تتمكن حكومة حسان دياب من اتخاذ ما يلزم من خطوات لوقف الانزلاق نحو الهاوية، في وقت تستمر إجراءات المصارف في التضييق على المواطنين، من دون أن يبادر مصرف لبنان المركزي إلى القيام بالدور المطلوب منه، لدفع المصارف إلى الحد من هذه الإجراءات التعسفية التي زادت من معاناة الناس منذ شهر الكتوبر/ تشرين الأول الماضي.
التصعيد بين القوى المعارضة والسلطة
ويضيف عمر البردان، إنه توازياً مع التحضيرات الشعبية المناهضة للحكومة، فإن المواقف والتحركات السياسية للقوى المعارضة، بعد التصريحات النارية لرئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط ضد الرئيس وحزبه والحكومة، تشير بوضوح إلى أن الأمور ذاهبة باتجاه مزيد من التصعيد بين القوى المعارضة والسلطة، برزت مؤشراته من خلال حملة رئيس «التقدمي» الشرسة ضد رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة حسان دياب، في وقت تنشط الاتصالات بين جنبلاط ورئيس «تيار المستقبل» سعد الحريري.
كما أن الاتصالات تجري بين أقطاب المعارضة بهدف بلورة تصور مشترك في المرحلة المقبلة، سعياً لإنشاء جبهة معارضة سياسية، مشددة على أن الوضع ذاهب لمزيد من التعقيد والتصعيد، وكاشفة في الوقت نفسه أن الشارع سيستعيد زخمه، بعد مرور عاصفة «كورونا»، لأن اللبنانيين فقدوا الأمل بهذه الطبقة الحاكمة.
عدم المراهنة على الموقف الأمريكي
ووفقا لصحيفة اللواء اللبنانية، فقد كشفت المعلومات أن الأيام المقبلة، وبعد تخفيف التخفيف من تدابير الحماية من «كورونا»، ستشهد تزخيماً في حركة الاتصالات التي سيكون محورها النائب السابق جنبلاط، والتي ستشمل كلاً من الحريري وجعجع ونواباً، وعدداً من القوى السياسية المعارضة، إضافة إلى قيادات حزبية، في وقت طرحت تحركات السفيرة الاميركية دوروثي شيا على جنبلاط وجعجع، تساؤلات في الأوساط السياسية عن توقيتها في عز أزمة «كورونا»، وما إذا كانت واشنطن تبارك تحركات الفريق المعارض؟ وإن استبعدت مصادر المعارضة، كما قالت لـ«اللواء»، أن تكون تحركات شيا تصب في هذا السياق، ووصفتها بأنها زيارات بروتوكولية للمسؤولين اللبنانيين.
وقد دعت المصادر السياسية، إلى عدم المراهنة على الموقف الأمريكي في تقديم أي دعم للقوى السيادية المعارضة، بعدما ثبت من خلال الممارسة أن الأمريكيين ما كانوا يوماً جديين في دعمهم للمعارضة اللبنانية، باستثناء مواقف كلامية لا تقدم ولا تؤخر، وقد خبرها اللبنانيون جيداً في السنوات الماضية.
