الشرارة التي تشعل الحريق.. «السبت الأسود» كشف الفتنة القاتلة في لبنان

ترصد الدوائرالسياسية والحزبية والطائفية في لبنان، دوافع وأسباب إنحراف الحراك الشعبي السلمي إلى مشارف «الفتنة القاتلة»، وبدا الوضع مرشحا للانفجار الكبير، بما يطيح بـالسلم الأهلي، وتمزيق الوحدة الوطنية، والعودة إلى انقسامات طائفية (مسيحي مسلم) أو مذهبية (شيعي- سنّي)، لولا تدخل الجيش اللبناني والقوى الأمنية، التي كانت معنية، بإخماد الشرارة التي تشعل الحريق، ودفع البلد إلى اجتياز نيران الفتنة.

تساؤلات الدوائر السياسية في بيروت: كيف تبدل المشهد، من شعارات ذات صلة بالطعام والشراب، وفرص العمل، وحماية النقد من مزيد من الانهيار، وشعارات، ذات صلة بتنظيم انتقال أفضل للسلطة، أو للسلطات، عبر الانتخابات النيابية المبكرة، والمطالبة برحيل الحكومة التكنوقراطية، إلى انقسام مجتمعي خطير، طفا  على السطح؟ وكيف أطاحت تظاهرات «السبت الأسود»، بكل الضوابط الخمس التي قررتها الحكومة، عشية التحذير من المخاطر السياسية للنزول إلى الشارع مع مراعاة الحق في التعبير، والحرص على الديمقراطية؟

  • يقول سياسيون ومفكرون في لبنان، إن ما جرى يوم السبت، الذي كاد أن يتحول إلى «سبت أسود» آخر في تاريخ هذا البلد المبتلى بشتى أمراض الطائفية والمذهبية اللعينة، يجب أن يشكل حافزاً أضافياً للحكم والحكومة للخروج من دوامة اللجان والمناقشات السفسطائية، والإقدام على إتخاذ القرارات الجريئة بعيداً عن المحاصصات الكريهة، ودون الوقوف أمام حسابات الربح والخسارة، لهذا الفريق السياسي أو ذلك الطرف الحزبي.

قضية موقع وخيارات في زمن أخطر مراحل المؤامرات

مسألة «السبت الأسود»، أصبحت على  طاولة التحليل والمناقشات والبحث داخل لبنان، على صعيد المستويين الرسمي والشعبي، وبعد أن اختلت المعايير وكأن سعر الدولار الجنوني، والغلاء، وانعدام فرص العمل، أو البطالة، أو الضائقة الاقتصادية أو المالية، لا تهم الشارع اللبناني بقدر «اهتمام مشبوه» بمسألة القرار 1559، ومسألة «محور المقاومة»ن وسلاح حزب اللهن بحسب تعبير المحلل السياسي اللبناني، زهير الماجد، ولكن المسألة، أكبر بكثير من حجم الشؤون الحياتية للبنانيين: إنها مسألة موقع، أو خيارات، في زمن أحد أخطر مراحل المؤامرات، التي تمس مصالح العرب، وحقوقهم الثابتة في أرضهم وخيراتهم، والعودة إلى حلم إسرائيل الكبرى، عبر صفقة القرن، وضم الجولان، وتهويد الضفة الغربية، إلى غور الأردن.

هشاشة دولة..وتصدع الهوية الوطنية

ويشير تقرير صحيفة اللواء اللبنانية، إلى أن هناك استهداف حقيقي لكيان الدولة اللبنانية، مع مؤشرات تنبىء بتصدع خطير لمبادئ الاجتماع السياسي اللبناني، بدءاً من الهوية الوطنية، إلى الانتماءات الدينية، إلى جغرافيا الطوائف، وهشاشة المؤسسات الوطنية الجامعة، سواء أكانت دينية، أو حزبية، أو مجتمعية، باستثناء المؤسسة الأمنية أو العسكرية، التي شكلت لغاية تاريخه، صمّام الأمان، في منع الصدام المجتمعي، أو الانجرار مجدداً إلى حافة الحرب الأهلية..

 

إختراق الانتفاضة وتشتيت شمل مكوناتها

ويرى الباحث والمحلل السياسي اللبناني، صلاح سلام، أن الفرقاء المتصارعين، رغم حدة التناقضات وتضارب الخيارات الإستراتيجية بينهم، تلاقوا، بشكل غير مباشر، على هدف واحد وأساسي: إنهاء الإنتفاضة من خلال إختراقها وتشتيت شمل مكوناتها، وتيئيس الناس من إمكانية إستمرارها وتحولها إلى حركة ضاغطة على أهل السلطة لتحقيق التغيير المنشود، سواء بالنسبة لإجراء الإنتخابات المبكرة، أو مكافحة الفساد، أو تحقيق الحد الأدنى، على الأقل، من الأهداف التي نادى بها اللبنانيون الذين بقوا في الشوارع والساحات أربعة أشهر، وإلى أن داهمتهم جائحة كورونا.

لماذا طرحت قضية «سلاح حزب الله» ؟!

الكل يُدرك أن سلاح حزب الله قضية خلافية، على المستوى الوطني أولاً، ولها إمتدادات إقليمية متعددة ثانياً وثالثاً ورابعاً، بحسب تحليل «سلام»، وهي قضية ترتبط بالصراع الدائر في المنطقة بين أمريكا وحلفائها مع إيران ومحورها، وبالتالي فإن سلاح الحزب لم يعد مسألة لبنانية داخلية فقط، بقدر ما أصبح قضية إقليمية معقدة، بعد تدخل الحزب في المواجهات المحتدمة من سوريا إلى اليمن، مروراً بالعراق والبحرين. مما يعني أن طرح هذه المسألة في هذا التوقيت الهدف منه هو التوتير والتصعيد، وتأجيج الخلافات في الداخل اللبناني، في خضم أخطر أزمة مالية ونقدية ومعيشية تنهش في البنية الإجتماعية، وتضرب حياة مئات الألوف من العائلات اللبنانية.

 

  • إقحام سلاح حزب الله مع المطالب المعيشية، وإشعال شرارة الفتنة المذهبية والطائفية، كان بهدف تلغيم الحراك لحساب أجندات خارجية !1

«السبت الأسود» تمهيد للإشتباك الكبير المتوقع على الساحة الداخلية

ويؤكد الباحث و المحلل السياسي، صلاح سلام، أن صدامات السبت الساخن كانت بمثابة إختبار وتمهيد للإشتباك الكبير المتوقع على الساحة الداخلية، في حال فشلت المفاوضات غير المعلنة، بين الولايات المتحدة وإيران، ولم يتم التوصل إلى حل سياسي في سوريا، وإستمرت الإختراقات الحالية للعقوبات الأمريكية في لبنان، خاصة بعدما دخل «قانون قيصر» حيّز التنفيذ..ولكن هل يجوز أن يبقى أهل الحكم على حالهم من التعثر في التصدي لأخطر الفتن التي تهدد وحدة النسيج اللبناني؟ وهل يكفي إصدار بيانات الإستنكار والإدانة، وإبداء النصائح والإرشادات، دون إتخاذ مبادرة على مستوى الأحداث، أقلها الدعوة إلى طاولة حوار وطني لتبريد الأجواء الملتهبة، والتوافق على خطوات محددة لتجنيب البلاد والعباد مغبة الوقوع في آتون حرب داخلية جديدة ولحساب أجندات خارجية مُلتبسة؟

 

توقيت «السبت الأسود» مع ذكرى اجتياح إسرائيل للبنان

ويرى الكاتب الصحفي والمحلل السياسي، غاصب المختار، أنه كان من الطبيعي ان تختلف مجموعات الحراك الشعبي على شعارات التحرك، طالما أن البعض استحضر بكبسة زر تطبيق القرار 1559 الذي يدعو الى سحب سلاح المقاومة، في تماهٍ واضح مع عملية الضغط الامريكي التي تجلت في أكثر من موقف وتحرك عبرت عنها الادارة الأمريكية والسفيرة الامريكية دوروثي شيا في المطالب التالية: اولاً في المسعى لتعديل مهام القوات الدولية في الجنوب لتصبح قوة اشتباك بدل قوة حفظ السلام، وتوسيع المهام لتشمل الحدود مع سوريا،  تحت التهديد بخفض تمويلها، بينما  قرار انتداب «اليونيفيل» ينحصر في منطقة الحدود الجنوبية مع فلسطين المحتلة ولا يشمل مناطق اخرى، ولا الحدود الشرقية والشمالية مع سوريا.

 

وثانيا:صدور قانون قيصر، الذي يعني لبنان كما يعني سوريا، وهو القانون الذي يفرض عقوبات على سوريا وحلفائها والمتعاونين معها اقتصاديا وسياسيا، والترويج الامريكي لعقوبات اخرى قادمة على مؤيدي وحلفاء حزب الله بعد تصنيفه ارهابياً، وتوسيع هذا التصنيف ليشمل دولاً كثيرة.

 

وثالثاً: جاء توقيت التحرك يوم السبت ورفع شعار نزع سلاح المقاومة، متزامناً مع ذكرى اجتياح العدو الاسرائيلي للبنان في 6 يونيو/ حزيران عام 1982، ما أثار حفيظة العديد من مجموعات الشارع الآخر، عدا عن مجموعات من الحراك رفضت طرح هذا الشعار وفضّلت الإبقاء على المطلب السياسي بإجراء انتخابات نيابية مبكرة، وعلى المطالب المعيشية الاقتصادية والاصلاحية. لذلك جاءت اعداد المشاركين في التحرك قليلة نسبياً.

 

  • لكل هذه الأسباب، أثارت تحركات يوم «السبت الأسود» أكثر من علامة استفهام، كما أثارت الهواجس من وجود مخطط ما لإعادة خلق التوترات والفتنة في لبنان، لتمرير مشاريع ما عبرت عنها الإدارة الأمريكية وبعض القوى الخارجية .

 

 لا زال السلم الأهلي هشا..والمواطنة مفقودة

وتتسع دائرة البحث عن الدوافع والأسباب..بينما يرى الباحث أحمد الزعبي، بالرغم من مرور 30 سنة على الانتهاء «النظري» للأعمال القتالية في لبنان بعد اتفاق الطائف في 1989؛ لم تتعافَ الدولةُ، ولا الاقتصاد، ولا الاستقرار، ولا العيش الواحد، ولا النمو، وفوق ذلك بقي السلم الأهلي هشّاً، والمواطنة مفقودة، بفعلِ أطرافٍ تحمل أحلاماً وأطماعاً هدّامة ولم تستخلص العبر من إرث الحرب الثقيل. هذه الأوهام سمحت – بسبب التعقيدات اللبنانية – لطائفيين، وعقائديين، وحاقدين، وشعبويين، وسماسرة، وفاشلين وناهبي المال بتَسيّد المشهد، واستنزاف البلد، وتقاسم مكاسب السلطة.. وكل ذلك حالَ، وما يزال، دون تجديد حقيقي للعقد الاجتماعي، بشروطه المعتبرة، كمدخل للتسوية التاريخية بين اللبنانيين وإعادة بناء وطنهم.

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]