«الشلل السياسي » يضرب تونس.. وتعميق القطيعة بين مؤسسات الدولة

بات واضحا، أن «الشلل السياسي» يخيم على المشهد التونسي، مع غياب أي منفذ للخروج من الأزمة الراهنة «المستعصية»، لأنها اقتصادية وسياسية، مع الخطاب الحاد والتصادمي وتعميق القطيعة بين مؤسسات الدولة التنفيذية والتشريعية (رئاسة الجمهورية ورئاسة الحكومة ورئاسة البرلمان) !!

218 يوما عمر الأزمة

ورغم الجوانب السياسية والدستورية والقانونية للأزمة.. يرى البعض من السياسيين والمحللين، ومن بينهم جهاد كلبوس، أن عمر الأزمة الحقيقي، 218 يوما من الصراع بين رئيس الجمهورية قيس سعيد ، ورئيس الحكومة هشام المشيشي، وأن أزمة التعديل الوزاري لیست إلا فصلا صغيرا من أزمة كبيرة بدأت ملامحھا منذ شھر أغسطس/ آب الماضي، حیث اثبتت الكوالیس أن الرئيس قيس سعید لم یتفاعل مع خیارات رئیس الحكومة بخصوص اختیاره الوزراء الجدد.

 

حرب الصلاحيات

وهي مقدمات أزمة «الشلل السياسي» الذي يضرب تونس، مع تدخلات «الحزام البرلماني» السياسي الداعم لرئيس الحكومة المشيشي في الأزمة، ويضم ( حركة النهضة، وحزب قلب تونس، وحركة الإصلاح، وائتلاف الكرامة)، وهكذا أصبحت المؤسسة التشريعية ( البرلمان) طرفا في الأزمة التي ارتفعت حدتها مع دور حركة النهضة «الإخوانية» الصريح في الأزمة، والدخول في «حرب الصلاحيات»، والنزول إلى الشارع في «تظاهرة استعراض القوة».

حركة النهضة تستعرض القوة

حركة النهضة سخرت إمكانيات كبيرة في سعي لاستعراض قدرتها على حشد أنصارها ومؤيديها من مختلف جهات الجمهورية التونسية، وذلك لإنجاح المسيرة التي دعت إليها يوم السبت  الماضي، و لكن لم تتوصل هذه الحركة الّتي لا يخفى تصدعها ، إلى تحقيق ما رغبت فيه ، بحسب المحلل السياسي التونسي، المنجي الغريبي، و إنما أمعنت في التظاهر بالقوّة كما يتضح من تصريحات قياداتها الّتي تحدثت على عشرات الآلاف من المشاركين، في حين أن  المصادر، أكدت أن العدد كان بين ثمانية وعشرة آلاف مشارك فقط.

 

مخاطرة ومغامرة من «النهضة»

هذا يؤكّد أن خيار دعوة حركة النهضة «الإخوانية» إلى النزول إلى الشارع ، كان مخاطرة ومغامرة غير مبرّرتين، الأمر الّذي جعل بعض قياداتها يعلنون عن عدم مشاركتهم و عن عدم انخراطهم في هذه الدعوة، وتمّ التعبير عن ذلك صراحة، في حين أبدت قيادات أخرى عدم تحمسّها، لمساندة خيار الغنوشي و المقربين منه، بل ذهب بعضهم أكثر من ذلك ، بدعوة الغنوشي إلى التنحي تماما عن القيادة وذلك في تقييم سلبي لقترة قيادته.

رسائل النهضة..وإنهيار رصيد الغنوشي

ويقول «الغريبي»، إن الغنوشي تمسك بدعوته و حرص على توجيه رسالة أولى، في اتجاه قيادات النهضة الّتي تعارضه والمستقيلين من حركته ، من خلال تضخيمه لأرقام المشاركين، كي يؤكد لهم أنه مازال قياديا قادرا على التعبئة والقيادة و بالتالي تفنيد المشككين فيه. وهي نفس الرسالة الثانية، الّتي وجهها لأتباعه و مؤيديه و المتحالفين معه ، لطمأنتهم على «رصيده الجماهيري» الّذي يتراءى له أنه هام جدا.و لكن الرسالة الثالثة الّتي أراد الغنوشي تبليغها كانت في اتجاه رئاسة الجمهورية ، والحزب الحر الدستوري ،و ربما المتابعين في الخارج ، ليقول بأنه هو الآخر قادر على التعبئة وحشد الشارع ، و أن لحركته رصيد ضخم ،و ذلك بعد أن أظهرت استطلاعات الٍرأي تواصل إنهيار رصيده الشعبي.

 

استنزاف شعارت النهضة

ولكن المتابع لشعارات هذه المسيرة ، يلاحظ أن حركة النهضة استنزفت الشعارات القادرة على التأثير و توسيع التأييد والتعاطف معها، وظلت تلوك نفس الشعارات السابقة، الّتي لم تعد تُقنع و يصعب تصديقها، مثل دعوتها للحوار والوحدة الوطنية، ودعوة كل التونسيين بمختلف أطيافهم السياسية للمشاركة في العمل السياسي الكفيل بتمكين تونس من تجاوز الأزمة الّتي تعيشها ..وهذا ما كان يخشاه بعض قادة حركة النهضة عند تنبيه زعيمهم إلى مخاطر هذه الدعوة .

رغبة «إخوان تونس» للسيطرة على السلطة التنفيذية

ويرى مراقبون وسياسيون، أن تظاهرة وشعارات «حركة النهضة الإخوانية» تخفي رغبة حقيقية فى السيطرة على السلطة التنفيذية من خلال الحكومة ورئيسها هشام المشيشى، بعد السيطرة على السلطة التشريعية التي لديها فيها أغلبية غير مطلقة، ويرأسها زعيم الحركة راشد الغنوشي.

 

محاولة تكريس النظام البرلماني

وقد رفعت النهضة شعارات تقول: «لسنا مستعدين لخسارة الديمقراطية والعودة للديكتاتورية وحكم الرجل الواحد»، وحوَّلوا تحفظ رئيس الجمهورية على 4 وزراء فى حكومة المشيشى أو حتى رفضه لها كمساوٍ لعودة الديكتاتورية، فى حين أن النظم الرئاسية الديمقراطية يختار فيها رئيس الجمهورية فريقه الحكومى (أمريكا وغيرها).

ولكن ومنذ انتخاب رئيس جمهورية لا ينتمى للتيار الإسلامى، وهو قيس سعيد، والنهضة تحاول أن تكرس النظام البرلمانى، وحتى صلاحيات الرئيس الدستورية المحدودة فى السياسة الخارجية تغول عليها رئيس البرلمان، كما اخترع صيغة الدبلوماسية البرلمانية ليقابل السفراء ورؤساء الدول وكأنه رئيس جمهورية، فى محاولة لجر البلاد إلى سياسة المحاور الإقليمية، بحسب تعبير الكاتب وأستاذ العلوم السياسية، د. عمرو الشوبكي،  رغم أن تونس ظلت بحكم موقعها الجغرافى بلدًا مسالمًا ومحايدًا ومقبولًا من كل الأطراف.

خلل دستوري..رئيس تونس «منزوع الصلاحيات »

ويرى «الشوبكي»، أن جوهر أزمة النظام التونسى سيبقى فى دستوره، وتحديدًا فى هذا التناقض غير الموجود فى أى نظام سياسى فى العالم، أى انتخاب رئيس الجمهورية بشكل مباشر من قبل الشعب ولا يتمتع إلا بصلاحيات محدودة، فالرئيس التونسى «منزوع الصلاحيات» رغم أنه انتُخب بأغلبية كاسحة 76%، والمعروف أن الرئيس الرمز يُنتخب من البرلمان كمنصب شرفى، أما حين ينص الدستور على انتخابه من الشعب فهذا يعنى أنه رأس السلطة التنفيذية وليس رئيس الحكومة، ويعنى أيضًا أنه فى حال وجود أزمة من هذا النوع يكون هو من له حق الحسم والفصل القاطع فيها دستوريًا.

 

استبعاد تعديل الدستور

ومن المستبعد، وشبه مستحيل، تعديل الدستور التونسى فى الوقت الحالى، خاصة فى ظل تربص النهضة بالنظام ككل، وحرصها على التمسك بالصلاحيات المحدودة لرئيس الجمهورية طالما لا ينتمى لها.

السؤال «الضخم»

ومع تعثر محاولات الحل عبر الحوار الوطني.. ومع فشل وساطات التهدئة بين أطراف الأزمة.. ومع تدهور الوضع الاقتصادي وتأزم الوضع الاجتماعي..لا يزال السؤال «الضخم» داخل تونس: ما هو الحل للخروج من أزمة الشلل السياسي ؟

[covid19-ultimate-card region=”EG” region-name=”مصر” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”AE” region-name=”الإمارات العربية المتحدة” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region=”PS” region-name=”فلسطين” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]

[covid19-ultimate-card region-name=”العالم” confirmed-label=”اجمالي الحالات” confirmed-24h=”true” confirmed-24h-label=”الحالات الجديدة” deaths-label=”اجمالي الوفيات” deaths-24h=”true” deaths-24h-label=”الوفيات الجديدة” deaths-rate=”true” deaths-rate-label=”نسبة الوفيات” recovered-label=”المتعافون” active-label=”حالات تحت العلاج” font-color=”#ffffff” bg-color=”#0c3278″ bg-position=”right” rtl=”true” last-update=”Y-m-d H:i” last-update-label=”تم تحديث البيانات في :”]