بحكمة ومهارة، وذكاء استطاع الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أن يوحد الإمارات ويكون رئيسها الأول، ولإيمانه بقيمة الديمقراطية التى منحها لمؤسساته وشعبه، أسس وطنا يتحدث عنه الجميع، ولم يقتصر الأمر على بلاده فقط، بل وضع نصب عينيه مصلحة القومية العربية، وخلد اسمه في التاريخ، فلا تنسى الدول العربية هذا الرجل الذي ساند الجميع بمواقف إنسانية وسياسية وعروبية، وأطلقوا عليه “والد الأمة” ولا ينسى أولاده حتى اليوم ما أرساه فيهم من قيم، واستمرت مسيرة التنمية التي خطط لها حتى بعد وفاته بـ11 عامًا.
وُلد الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان في أبوظبي حوالي عام 1918، وهو الابن الأصغر بين أربعة إخوة للشيخ سلطان بن زايد آل نهيان الذي حكم إمارة أبوظبي في الفترة من 1922-1926. نشأ الشيخ زايد، بعد رحيل والده، في العين وهناك تلقى علومه وأحب رياضة صيد الصقور التي لازمته طيلة حياته.
وفى عام 1946 تولى زايد منصب ممثل الحاكم في المنطقة الشرقية لإمارة أبوظبي وبدأ بعملية تحول واسعة لمدينة العين، فقام بتأسيس نظام إداري فعّال، وتولى شخصياً تمويل تأسيس أول مدرسة حديثة في الإمارة، وإصدار قرارا يقضي بإعادة النظر في ملكية المياه، وجعلها على ندرتها متوفرة بشكل أكثر عدالة للجميع، الأمر الذي مهّد الطريق لحدوث تنمية شاملة لقطاع الزراعة، معيداً للواحة أهميتها بوصفها مركزاً لسوق واسعة في الإمارات.
خلف الشيخ زايد شقيقه في حكم إمارة أبوظبي في شهر أغسطس من عام 1966، وكانت سنوات عهده في العين نموذجاً لتحويل حياة شعبه. فقد أمر، بتوجيه عائدات النفط إلى مشاريع تنموية ضخمة بما في ذلك تشييد المدارس، وبناء المستشفيات، والمساكن، وشق وتمهيد الطرقات. وعندما أعلنت بريطانيا عن اعتزامها الانسحاب من المنطقة، تولى الشيخ زايد مع أخيه الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم في دبي الدعوة لإقامة اتحاد دولة الإمارات.
وفي 2 ديسمبر 1971، تم رفع علم دولة الإمارات العربية المتحدة الحديثة العهد، وانتخاب الشيخ زايد، من قبل حكام الإمارات الأخرى كأول رئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة، وهو المنصب الذي كان أعيد انتخابه لشغله تباعاً.
والد الأمة.. مواقف ودعم سياسي وقومي
منذ توليه حكم البلاد قام الشيخ زايد، رحمه الله، بجهود واسعة في حل الأزمات العربية، وقدم الدعم للشعب الفلسطيني والاعتراف بقراره في تقرير مصيره، واسترداده لحقوقه المشروعة، بالإضافة إلى مواقفه تجاه الأزمة اللبنانية عام 1975، إذ دعم لبنان مادياً ومعنوياً للحفاظ على طابعه العربي الأصيل، وساعد السلطة اللبنانية لبسط سيطرتها على كافة أراضي لبنان، كما حظيت قضية البوسنة والهرسك منذ تفجرها باهتمام بالغ من الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، إضافة إلى جهوده في مواجهة الإرهاب، والدعوة إلى حوار الحضارات ونبذ الصراعات الإثنية والعرقية والدينية بين الشعوب، ومكافحة الفقر والمرض، وتضييق الهوة الاقتصادية بين الدول المتقدمة والنامية ، والحد من الانتهاكات المتواصلة لمبادئ حقوق الإنسان.
موقفه في حرب أكتوبر
لا تنسى مصر موقف الشيخ زايد عندما اشتعلت الحرب في أكتوبر عام 1973 بين العرب وإسرائيل، إذ كان الشيخ زايد في زيارة للعاصمة البريطانية، ولم يتردد لحظة واحدة في اتخاذه قراره التاريخي بدعم المعركة القومية حتى آخر فلس في خزينته، وعندما عجزت خزينته لم يتردد أن يقترض ملايين الجنيهات الإسترلينية من البنوك الأجنبية في لندن وإرسالها إلى مصر وسوريا. كما قام بقطع زيارته للعاصمة البريطانية وعاد ليشارك مصر وسوريا معركتهما المصيرية، والوقوف مع دول المواجهة بكل إمكانياته المادية وثقله السياسي.
توفي الشيخ زايد في 2 نوفمبر 2004. وتتواصل رؤيته، رحمه الله، في نجاح دولة الإمارات العربية المتحدة في المستقبل بعد أن تولي ابنه صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان مقاليد الحكم، خلفاً لوالده كرئيس لدولة الإمارات العربية المتحدة.
