«الشيكارة»..تثير قلق الحكومة الجزائرية

احتل الوضع الاقتصادي في الجزائر، صدارة الأحداث، ليزيح المتابعات حول ترشيحات الرئاسة المقبلة في شهر إبريل/ نيسان أو مايو/ آيار المقبل 2018 ، وانتقلت التساؤلات داخل الشارع  الجزائري، حول حقيقة ترشيح الرئيس بوتفليقة لولاية خامسة، ومن سينافسه في سباق الرئسة إلى «قصر المرادية»؟، إلى تساؤلات حائرة وقلقة حول الوضع الاقتصادي بعد أن هزمت «الشيكارة» الحكومة، بحسب تعبير الدوائر الاقتصادية والإعلامية الجزائرية.

 قلق الحكومة.. من ارتفاع السيولة المالية خارج البنوك

التساؤلات فجرتها تصريحات مسؤول جزائري، كشف عن حجم «الاكتناز»، الذي  يروق لمعظم الجزائريين الذين لا يثقون في النظام البنكي ويفضلون الإبقاء على أموالهم في بيوتهم أو تحويلها إلى شكل أملاك كسيارات أو عقارات.. الأرقام كشفت عن قلق الحكومة، من ارتفاع  السيولة المالية الموجودة خارج البنوك،إلى نحو  3700 مليار دينار، وهو مبلغ يفوق بحد ذاته قيمة السيولة المتداولة بالبنوك حاليا التي لا تتجاوز 2324 مليار دينار.

• «ثقافة اكتناز الأموال» لدى الجزائريين، أصبحت هاجسا مقلقا للحكومة والدوائر المالية والاقتصادية، لأنها «فرص ضائعة لخدمة الاقتصاد»، حيث تتآكل هذه الأموال بفعل التضخم، ولا يستفيد منها الاقتصاد في تحريك عجلته القائمة على التمويل.

وما يزال الجدل قائما، حول تضخم حجم «الشيكارة»، من 14 مليار دولار في نهاية التسعينات، الى 20 مليار في 2018 ن حتى قيل أن «الشيكارة» تهزم الحكومة.. ويؤكد  الخبير الدولي في الاقتصاد،  مالك سراي، أن نسبة كبيرة من الإمكانات المالية في الجزائر تستغل خارج البنوك وخارج الاقتصاد الحقيقي.. ويرى أن الحل هو وصول البنوك لمستوى عال في التسيير، وأن تضمن ثقة المواطن، وتحفزه على ايداع أمواله.

«الشيكارة» أدت إلى ارتفاع معدلات التضخم

ويحذر خبراء مال واقتصاد في الجزائر، من أن «الشيكارة» أدت إلى تسجيل بطء في معدل دوران الأموال وهو ما أدى حسب المعادلات الاقتصادية الضابطة لحركة السيولة المالية إلى ارتفاع في معدلات التضخم، وساهم في ارتفاع محسوس في معدلات الأسعار مما يدفع إلى التساؤل لماذا يخاف الجزائريون   من البنوك؟ ولِم لا يستغل الميسورون من التجار ورجال الأعمال وكبار السماسرة أموالهم في مشاريع استثمارية تفك الضغط على ميزانية الدولة؟ للإجابة على هذا السؤال تطفو إلى السطح عدة معطيات يراها مراقبون للسوق النقدية في الجزائر  بأنها سبب «الاكتناز»، بحسب تقارير وسائل الإعلاىم الجزائرية:

وفي  مقدمة الأسباب .. العامل الديني، وخشية التعامل مع البنوك التقليدية،  بينما تحافظ الحكومة على تعنتها إزاء البنوك الإسلامية رغم أن الوازع الديني لدى الجزائريين أصبح ملموسا وتأثيره نافذا، ويعطل نشاط التمويل، ويسحب من رصيد الإيداع لدى البنوك..وفضلا عن هذه العاطفة الدينية الجياشة لدى الجزائريين،  يفضل رؤساء المؤسسات وتجار «الشنطة» تداول أموالهم عبر السوق السوداء للعملة الصعبة، حتى أن أصحاب شركات أجنبية عاملة في الجزائر،  يقصدون السوق السوداء للعملة لتحويل الأرباح إلى الخارج، على غرار شركات تعمل في قطاع التوزيع بالجملة ونصف الجملة لعلامات دولية ووكلاء وشركات بناء وشركات نقل بحري.

ممارسة «مافيوية» تنخر الاقتصاد الوطني

ومن جانبه يصف الخبير الاقتصادي الجزائري، فارس مسدور، انتعاش السوق السوداء الخاصة بتحويل العملة الصعبة في الجزائر، بـ «الأمر المخيف» والذي يعكس، حسب تعبيره، ممارسة «مافيوية» تنخر الاقتصاد الوطني وتستنزف أموال الخزينة العمومية.. وقال «مستور»: إن وراء ذلك بارونات تتحكم في دواليب الاقتصاد الجزائري من خلال استمرار أسواق موازية للصرف.. وأضاف: إن الوقت حان، لكي تسمح الدولة بنشاط بعض التجار في تحويل العملة الصعبة عن طريق مكاتب رسمية يقنن لها وتتم حمايتها في إطار قانوني ويكون رأس مالها حوالي 8 ملايير سنتيم، محمّلا المنظومة المتعلقة بالاستيراد والتصدير مسؤولية استنزاف الأموال من الخزينة العمومية.