يعتبر الأسطورة محمد علي “كلاي”، الذي توفي عن 74 عاماً، بعد يومين من دخوله المستشفى، هو أعظم ملاكم عرفته الحلبات، وأحد أشهر الرياضيين في القرن العشرين .. وكان يحلو له أن يردد عبارة “أنا الأعظم”؛ وبالفعل فإنه لم يكن الأعظم وحسب، بل الملاكم الأكثر جاذبية، وأصبح أسطورة تجاوزت حدود الرياضة، بحسب تعبير رئيس “رابطة دوري كرة السلة الأمريكي للمحترفين”، ونعت الصحف العربية، أسطورة الملاكمة، وعرضت شريط حياته منذ شارك في دورة الألعاب الأولمبية العام 1960 في روما، وأصبح بطل العالم حسب تصنيف الجمعية العالمية للملاكمة في العام 1964 بفوزه على سوني لينستون بالضربة القاضية في الجولة السابعة.
معركة في الأدغال
وذكرت صحيفة السفير اللبنانية، أن”كلاي” غير اسمه الى محمد علي بعد اعتناقه الاسلام في العام 1964 وبعد أن أصبح بطل العالم بلا منازع في الوزن الثقيل .. وصدم الرجل “الاعظم”، كما كان يصف نفسه، الولايات المتحدة في العام 1967 برفضه اداء الخدمة العسكرية والتوجه للقتال في حرب فيتنام. وسُجن محمد علي وجرد من الالقاب التي حصل عليها ومنع من ممارسة الملاكمة لثلاث سنوات ونصف السنة قبل أن يصبح مجددا بطل العالم في العام 1974 حسب تصنيف الجمعية العالمية والمجلس العالمي بفوزه بالضربة القاضية في الجولة الثامنة على جورج فورمان في ما أطلق عليه تسمية “معركة في الادغال” في كينشاسا بزائير التي أصبحت اليوم جمهورية الكونغو الديموقراطية.
وخسر لقبه بالنقاط امام ليون سبينكس في 15 شباط من العام 1978، ثم استعاده في 15 سبتمبر/ ايلول من السنة نفسها.واستعاد محمد علي اللقب للمرة الثالثة بفوزه على لاري هولمز في لاس فيغاس بالضربة القاضية في الجولة العاشرة يوم الثاني من تشرين الاول العام 1980. وأنهى محمد علي كلاي حياته المهنية بخسارة بالنقاط امام تريفور بيربيك في الحادي عشر من كانون الاول من العام 1981 في مركز الملكة اليزابيث الرياضي في ناساو. وفي العام 2005، مُنح وسام الحرية الرئاسي وهو أرفع وسام مدني في الولايات المتحدة.. وأصبح ظهوره علنا نادرا تدريجيا. وكان آخر تجمع عام شارك فيه في فينيكس عشاء لجمع تبرعات للأبحاث لمكافحة داء باركنسون.
طار كالفراشة ولدغ كالنحلة
وذكرت صحيفة عكاظ السعودية، أنه بالإضافة إلى تمتع “كلاي” بمواهب فريدة وبتقنية صافية ولكمات قوية، فإن التاريخ سيذكر الإنسان الذي أعطى دفعاً كبيراً لرياضة الملاكمة بفضل حديثه وميله إلى التصريحات المثيرة للجدل ومعارضته القانون القائم .. وبدأ كاسيوس كلاي وهو اسمه الأصلي قبل أن يعتنق الإسلام، والمولود في لويزفيل (ولاية كنتاكي)، ممارسة الملاكمة بعد أن حاول الثأر من ولد صغير سرق دراجته في 17 / 1 / 1942..ونال شرف تمثيل بلاده في أولمبياد روما عام 1960، وكان أصغر الملاكمين في المنتخب الأمريكي، وسبق له أن نال جائزة القفاز الذهبي عام 1958 عندما كان في السادسة عشرة من عمره..وما إن بدأ مسيرته الاحترافية حتى أطلق العنان للسانه، عندما قال قبل إحدى مبارياته: “أطير كالفراشة وألدغ كالنحلة”. وعندما بلغ الثانية والعشرين من عمره توج بطلاً للعالم على حساب مواطنه سوني ليستون.
وفي اليوم التالي أطلق على نفسه اسم كاسيوس اكس، تيمناً بزعيم المسلمين السود مالكولم اكس، وبعد أشهر اعتنق الإسلام وبات يعرف باسم محمد علي منذ ذلك الحين.
دفع ثمن السنوات الطويلة على الحلبة
وكتبت صحيفة الشرق الأوسط السعودية: خاض محمد علي 60 نزالاً فاز في 56، منها 22 على اللقب العالمي .. ودفع ثمن السنوات الطويلة التي أمضاها في عالم الملاكمة، حيث أصيب بمرض الشلل الرعاشي “باركينسون”، وإذا كان هذا المرض حد من قدرته الطبيعية فإنه لم يثنه عن القيام بجهود كبيرة في خدمة الرياضة والإسلام والأطفال، قبل أن ينال منه في النهاية. ونال محمد علي تكريماً رائعاً من قبل اللجنة المنظمة لأولمبياد اتلانتا عام 1996، عندما أوكلت إليه إيقاد الشعلة الأولمبية، فقام بذلك ويداه ترتجفان في مشهد مؤثر.
أسطورة تجاوزت حدود الرياضة
وأبرزت صحيفة الحياة اللندنية، ردود فعل فورية من عدد كبير من المشاهير، عقب رحيل “كلاي” .. وقال مرشح الرئاسة الأميركية عن «الحزب الجمهوري» دونالد ترامب: «توفي محمد علي عن 74 عاماً. كان بطلاً عظيماً فعلاً وشخصاً رائعاً. سيفتقده الجميع».وقالت مرشحة «الحزب الديموقراطي» للرئاسة الأميركية هيلاري كلينتون وزوجها الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون في بيان مشترك: «منذ اليوم الذي فاز فيه بالميدالية الذهبية في أولمبياد روما الصيفي في العام 1960 أدرك مشجعو الملاكمة حول العالم أنهم يشاهدون مزيجاً من الجمال والرشاقة والسرعة والقوة والذي ربما لا يتكرر مرة أخرى».. وكتب رئيس «رابطة دوري كرة السلة الأميركي للمحترفين» آدم سيلفر: «تجاوزت أسطورة محمد علي حدود الرياضة وذلك بفضل شخصيته العملاقة والتزامه بالدفاع عن الحقوق المدنية والدعوة إلى تحقيق العدالة الاجتماعية».. وقال داعية الحقوق المدينة القس أل شاربتون المقيم في نيويورك عبر «تويتر»: «محمد علي كان دائماً وسيظل الأعظم. بطل حقيقي داخل الحلبة وخارجها»..وغرّد القس جيسي جاكسون داعية الحقوق المدينة الأميركي: «دعونا نصلي لبطل العالم في الملاكمة ورائد الإصلاح الاجتماعي المناهض للحروب. الأعظم».
مزيج من الرشاقة والسرعة والقوة .. لن يتكرر
وتناولت الصحف العربية، نعي المؤسسات والمنظمات والجمعيات الرياضية والسياسية والحقوقية والمدنية في الولايات المتحدة، ونعت “رابطة الملاكمة العالمية” المسؤولة عن الملاكمة الأولمبية محمد علي بالقول: «تود رابطة الملاكمة العالمية الإشادة بواحد من أعظم الملاكمين عبر العصور وهو إنسان بكل ما تعنيه الكلمة قاتل بلا كلل من أجل معتقداته. كان مزيجا من الرشاقة والسرعة والقوة .. لن يتكرر ..ومن جهته قال الملاكم الشهير جورج فورمان منافس محمد علي السابق، إن «محمد علي كان واحداً من أعظم الأشخاص الذين التقيت بهم طوال حياتي. وبالتأكيد كان واحداً من أفضل الناس في عصره. من غير المنصف اعتباره ملاكماً فقط.. وكانت كلمات بيرنيس كينغ، ابنة داعية الحقوق المدنية الأميركي الراحل مارتن لوثر كينغ: ، أكثر تعبيرا : كنت بطلاً على الكثير من الأصعدة وفي العديد من المجالات. قاتلت جيداً. لتسترح في سلام.. وحملت كلمات بطل الملاكمة الشهير فلويد مايويذر، قدرا كبيرا من التقدير لأسطورة الملاكمة في رفع شأن أصحاب البشرة السوداء .. وقال «لن نرى محمد علي آخر. مجتمع السود حول العالم وكل السود حول العالم في حاجة إليه. كان صوتنا. هو صاحب الصوت الذي بسببه أتواجد في مكاني اليوم”.
