لم يكن مشهد اغتيال الكاتب الأردني ناهض حتر، والذي طالته رصاصات التعصب صباح اليوم الأحد أمام قصر العدل في العاصمة الأردنية عمان، هو الأول لمسلسل اغتيالات الرأي، فسبق اغتيال الكاتب الأردني عملية تصفية لكتاب ومفكرين عرب، سواء على يد متطرفين دينيين أو على يد الصهيونية أو الاستعمار.
ورغم تعدد سيناريوهات القتل للكتاب والأدباء وأصحاب الرأى، لكن آلة الموت تظل عاملا مشتركا في حصد الأرواح، لا لسبب سوى التعصب، وأصبحت الأفكار التي يعتنقها الكاتب عبئا ثقيلا على أكتافه، وربما تودي به إلى أن يفقد حياته نتيجة لكتابته.
قائمة الكتاب العرب الذين تم اغتيالهم بسسب آرائهم تضم الأديب المصرى يوسف السباعى، والكاتب المصري فرج فودة، والأديب الفلسطينى غسان كنفاني، ورسام الكاريكاتير الفلسطيني ناجي العلي، والجزائرى مولد فرعون، ولم يسلم أيضا الأديب العالمى نجيب محفوظ من محاولة القتل التي تعرض لها في عام 1994، لكن نجا منها بأعجوبة.
يوسف السباعى
عوقب الأديب المصرى يوسف السباعى، على أفكاره التي اعتنقها، والآراء السياسية التي ساندها بالقتل، حيث اغتيل بقبرص في 18 فبراير/ شباط عام 1978 أثناء حضوره مؤتمر آسيوي أفريقى بأحد الفنادق هناك، لتأييده لمبادرة السادات بعقد سلام مع إسرائيل، وترجح الروايات أن متشددين قوميين هم من قاموا بقتل السباعي بسسب آرائه، التي لا يعني الاختلاف معها بأي حال من الأحوال أن تكون سببا في إنهاء حياته.
ولد السباعى في الدرب الأحمر، بالقاهرة وفى يونيو/ حزيران 1917، وكان محبا للأدب ويجيد الرسم منذ الصغر وبدأ يعد مجلة يكتبها ويرسمها وتحولت المجلة إلى مجلة للمدرسة بعد أن أعجبت إدارة المدرسة بمجلة التلميذ يوسف محمد السباعى “، ونشر بها أول قصة يكتبها بعنوان (فوق الأنواء) عام 1934، وكان عمره آنذاك 17 عاما ولإعجابه بها أعاد نشرها فيما بعد في مجموعته القصصية (أطياف) 1946.
التحق السباعى بالكلية الحربية وتخرج فيها عام 1937، وفى 1940 بدأ بالتدريس لطلبة الكلية الحربية، سلاح الفرسان، وأصبح مدرسا للتاريخ العسكري بالكلية الحربية عام 1943، واختير مديرا للمتحف الحربى عام 1949، وعام 1956 عين سكرتيرا عاما للمجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب والعلوم، وله العديد من المؤلفات، أبرزها «رد قلبى» ، «بين الأطلال»، «البحث عن الجسد»، «لست وحدك» ،«العمر لحظة»، «مبكى العشاق»، وغيرها من المؤلفات التي أثرت الثقافة المصرية.
فرج فودة
اغتيل الكاتب والمفكر، فرج فودة، على أيدى اثنين من الشباب المتطرف المنتمى إلى الجماعات الإسلامية في مصر، وربما تكون عملية اغتيال الكاتب فرج فودة أكثر الوقائع تشابها مع عملية اغتيال الكاتب الأردني «ناهض حتر» التي تمت صباح اليوم الأحد، فكانت أفكار وآراؤه التي تهاجم التطرف والإرهاب السبب الرئيسى في اغتياله.
وكانت في مصر قبل عملية اغتيال فودة في يوليو/ تموز 1992، مواجهات بين اليسار والجماعات التكفيرية والإسلامية، والتي كانت السبب في عملية اغتيال«فودة».
وتعرض فودة للقتل أثناء توجهه هو وابنه وصديق ابنه لركوب سيارته، إلا أن أحد الشباب أطلق النيران صوبه وتمكن من إصابه فودة في الكبد والأمعاء، بينما أصاب ابنه وصديقه بإصابات طفيفة، وفرا الجناة هاربين.
كان فودة مفكرًا وأديبا ولد بقرية ببلدة الزرقا بمحافظة دمياط في 20 أغسطس/آب 1945 واهتم بالإصلاح، خاصة للطبقة الوسطى ومحاربة الإرهاب والتطرف الذي ظهر بفجاجه آنذاك، وظهر ذلك في العديد من مؤلفاته، أبرزها «الحقيقة الغائبة، زواج المتعة، حوارات حول الشريعة، الطائفية إلى أين؟»، «الملعوب، نكون أو لا نكون»، «الوفد والمستقبل»، «حتى لا يكون كلاما في الهواء»، وغيرها من المؤلفات.
غسان كنفاني
اغتيل الأديب والروائى الفلسطينى، غسان كنفانى، على يد مجهول في بيروت في يوليو /تموز 1972، ولكن أصابع الاتهام اتجهت للموساد الإسرائيلى، حيث وضع مواد متفجرة في سيارته، وعند أدار محرك السيارة انفجرت، وخلف الانفجار العنيف فجوة كبيرة في المكان الذي كانت تقف به السيارة، وأدى إلى تحطيم نوافذ العمارة بأكملها التي كان يقطن بها غسان مع زوجته الدنماركية “آني”.
وعثر المحققون في موقع الانفجار على قصاصة ورق عليها شعار إسرائيل «نجمة داود السداسية» مكتوب عليها عبارة «مع تحيات سفارة إسرائيل في كوبنهاجن»، والمقصود بهذه العبارة السخرية من زواج غسان من فتاة دنماركية، ويعد غسان من عمالقة الكتاب الفلسطينيين، حيث أصدر العديد من الروايات والقصص القصيرة.
مولود فرعون
قتل الأديب الجزائرى،في مارس/آذار 1962 ، في مقر عمله، ويرحج أن تكون آراؤه المناهضة للاحتلال الفرنسي السبب وراء قتله، خاصة أن الاتهامات حول مقتله كانت تشير إلى منظمة الجيش السري الفرنسية المعروفة بـ(أويس) التي مارست جرائم الاختطاف والقتل ليلا ونهاراً.
وكانت عملية مقتل «فرعون» على يد متطرفين، في وضح النهار، حيث تم اقتياده هو وخمسة من العاملين في قطاع التعليم من غرفة الاجتماعات وأمروهم بوضع أيديهم في اتجاه الحائط، وبعدها أطلق عليه النار.
يعد «فرعون» أحد أبناء المقاومة الجزائرية ضد الاحتلال الفرنسي، وله العديد من المؤلفات والروايات، أبرزها «الدروب الوعرة»، و«ابن الفقير»، والتي أعيد نشرها في مصر ضمن سلاسل الثقافة الجماهيرية، كما ألف كتاب «يوميات معركة الجزائر».
ناجي العلي
تعد عملية اغتيال الرسام الفلسطيني، ناجي العلي، من عمليات الاغتيال بسبب المواقف والآراء، إذ جلبت رسومات العلى العداء له من أطراف عديدة، كان على رأسها الموساد الإسرائيلي، وبعض الدول والنظم العربية التي كانت رسومات «العلي»تزعجها .
لذلك أحاط الغموض بعملية اغتيال ناجي العلي واتهمت عدة جهات بأنها وراء اغتياله ، والتي جاءت بعد إطلاق شاب مجهول النار على ناجي العلي في العاصمة البريطانية لندن في يوليو/ تموز عام 1987، فأصابه تحت عينه اليمنى، ومكث في غيبوبة حتى وفاته في 29 أغسطس 1987/ آب ، ودفن في لندن رغم طلبه أن يدفن في مخيم عين الحلوة بجانب والده وذلك لصعوبة تحقيق طلبه.
لم تعرف الجهة التي كانت وراء الاغتيال على وجه القطع واختلفت الآراء حول ضلوع إسرائيل أم أطراف عربية كانت تزعجهم رسومات ناجي العلي.