عقب توالي الخسائر التي مني بها تنظيم داعش في العراق والشام، حيث شهدت البلدان اللحظات الأولى لإعلان التنظيم عن نفسه، وبات حلم الخلافة التي أعلنوا عنها يترآى في أعينهم كلما سنحت لهم الفرصة في اكستاب أرض جديدة، يحكمون سيطرتهم عليها، ويجعلون منها ولاية تابعه لدولتهم المزعومة.
غير أن الضربات المتلاحقة التي أفقدت التنظيم قدرته وقلصت من مساحة المدن التي كان يرتع فيها، جعلته يعاود التفكير في أماكن جديدة ينقل إليها نشاطه، ويحول إليها وجهته لتكون أرضا بديلة في حال خروجه من العراق ومن سوريا.
فكر التنظيم في اللجوء إلى دول شرق آسيا، وربما كانت الفلبين هي الدولة الأوفر حظا بالنسبة له، وسعت عناصر التنظيم الموالية له في الاستيلاء علي مدينة ماراوي ، ودارت معارك شرسة خلال الأشهر القليلة الماضية، بين الحكومة الفلبينية وعناصر من تنظيم «داعش» الإرهابي، خلفت المئات من الجثث في مدينة ماراوي التي تحصن فيها التنظيم، ويرغب في جعلها ولاية خاصة به بعيدا عن سلطة الدولة.
وقد استمر القتال لنحو خمسة أشهر تقريبا، وأسفر عن مصرع أكثر من ألف شخص، بينهم 163 فردا من القوات الحكومية، فضلا عن جرح أكثر من 1700 شخص آخرين، وتشرد 400 ألف آخرين.
غير أن السلطات الأمنية استطاعت تحرير المدينة وعودة مئات الآلاف من سكانها الذين غادروها أثناء قتال استمر 150 يوما ليبدأوا عملية ضخمة لرفع دمار الحرب، وذلك في ظل حراسة مشددة من قوات الجيش والشرطة في الفلبين.
من جديد عاود التنظيم في البحث عن أماكن جديدة يحط فيها رحاله، وكانت هذه المرة في القارة السوداء، الذي يتواجد فيها التنظيم على استحياء، بحثا عن ملاذ آمن يعيد فيه ترتيب جهوده ولم شعث عناصره.
تقرير للأمم المتحدة خرج ليؤكد أن جماعة متشددة موالية لتنظيم “داعش” زادت عدد أتباعها في شمال الصومال من بضع عشرات العام الماضي إلى 200 مسلح هذا العام، في حالة تخوف من قبل مسؤولين أمنيين من أنها قد تصبح ملاذا آمنا لأعضاء التنظيم الهاربين من سوريا أو العراق.
وقال التقرير الذي أعدته لجنة خبراء بالأمم المتحدة إن فصيل “داعش” الموالي للشيخ عبد القادر مؤمن، الذي أشارت تقديرات عام 2016 إلى أن أتباعه لا يتجاوز عددهم عشرات قلائل، نمت قوته كثيرا ويتألف الآن من نحو 200 مقاتل.
وصرح مصدر أمني إقليمي أن بضع مئات من المقاتلين المسلحين يمكن أن يزعزعوا المنطقة بكاملها، وأضاف أن الضربات الجوية إقرار من الولايات المتحدة بأن الموقف فيما يتعلق بـ”داعش” يزداد خطورة.
وبين المصدر الأمني أن الضربات الجوية، أخفقت في قتل مؤمن، لكن عبدالرزاق عيسى حسين مدير المخابرات ، قال إن الضربات أسفرت عن مقتل نحو 20 متشددا ومنهم مقاتل سوداني واثنان من أصول عربية.
هذا وأشار التقرير الأممي إلى أن كل أتباع عبدالقادر مؤمن تقريبا صوماليون رغم أنه يعتقد أن الخلية تضم رجلا سودانيا فرضت عليه الولايات المتحدة عقوبات.
وزاد نشاط الخلايا التابعة لعبدالقادر مؤمن خلال العام الماضي، علما بأن الجماعة المسلحة تمكنت أواخر 2016 من السيطرة على أحد المواني لمدة شهر.
وقد تعمل الحرب الأهلية الدائرة في الصومال منذ عام 1991، مع ضعف القبضة الأمنية وسيطرة الحكومة على وجود بيئه خصبة صالحة للتنظيم.
وكشفت تقارير أن قائد جماعة “داعش” في الصومال كان واعظا دينيا في العاصمة البريطانية لندن، ثم هرب إلى الصومال بعد استجوابه من الأمن البريطاني بتهمة نشر الأفكار المتطرفة لدى الشباب.
وظهر عبدالقادر ذو اللحية البرتقالية في أكتوبر/ تشرين الأول 2015 في شريط فيديو صور في شمال الصومال لفصيل مسلح جديد يعلن البيعة لزعيم التنظيم العراقي أبوبكر البغدادي، وظهر مؤمن في الشريط متقدما جماعة من المسلحين رافعا راية جماعة “داعش” الإرهابية.
وفي عام 2010، شارك مؤمن في مؤتمر صحفي إلى جانب سجين جوانتانامو السابق معظم بيج مؤسس منظمة (كيج ـ سجناء الأقفاص) الخيرية، حيث أصدر المؤتمر بيانا يدين الإجراءات الغربية في مكافحة الإرهاب في شرق أفريقيا.
ثم عاود مؤمن الظهور مرة أخرى في الأراضي التي يسيطر عليها تنظيم القاعدة المتحالفة مع حركة الشباب في الصومال، حيث حرق جواز سفره البريطاني علانية أمام حشد من أنصاره في مسجد معلناً تكريس حياته للجهاد.
وكان عبدالقادر مؤمن خلع بيعته لتنظيم “القاعدة” وأعلن ولاءه لتنظيم “داعش”.
من ناحية أخرى تنشط في الصومال حركة شباب المجاهدين التابعة لتنظيم القاعدة، غير أنها تلقت عددا من الصدمات منها انشقاق بعض القيادات عنها على رأسهم أبومنصور.
ومن ثم قد تفكر الحكومة الصومالية للاستفادة من القيادى السابق والمنشق عن حركة الشباب الصومالية مختار روبو الملقب بـ”أبو منصور” بشكل كبير لاسيما وأنه تولى مناصب عليا في الحركة، ومن ثم يساهم في كبح جماح الحركة سواء على المستوى العسكري والاستخباراتي نظرا لخبرته ومعرفته بقيادتها وأذرعها الأمنية .
وأعلن أبو منصور والذي يعد من أهم مؤسسي الحركة، في مؤتمر صحفي بالعاصمة الصومالية مقديشو، انشقاقه رسميًا عن الحركة، بعد يومين من تسليم نفسه للحكومة إثر مفاوضات جرت بين الجانبين، خصوصاً وأنه صاحب فكرة تأسيس الحركة بعد عودته من أفغانستان إلى الصومال.
وقبل تسليم أبو منصور نفسه للحكومة، وقعت اشتبكات بين أبو منصور وعناصر تابعة له، مع مسلحين من الحركة والتي سعت لاغتياله أو القضاء عليه قبل انضمامه إلى الحكومة، ومن ثم يصبح انشقاق أبو منصور، بحسب بما يرى الخبراء أنه سيؤدي إلي مزيد من الانشقاقات داخل الحركة، و قد تطال بعض القيادات.
