الطائرة «بيرقدار».. سلاح يعيد رسم خارطة السياسة التركية

على ما يبدو فإن تركيا فهمت أن السياسة الخارجية لا يمكن أن تقوي نفوذها في المنطقة وحول العالم إلا بوجود سلاح عسكري مؤثر فكانت طائرات بيرقدار “TB2” سلاح أنقرةالفتاك، وفق ما تصف مجلة فورين أفيرز الأمريكية.

وفي الـ “14” من أبريل الجاري، أذهلت القوات الأوكرانية العالم عندما أغرقت السفينة الروسية “موسكفا” في البحر الأسود، حيث تم تنسيق الضربة بواسطة المسيرات التركية، بحسب مسئولين أوكرانيين.

ووفق تقارير عسكرية، استخدمت بيرقدار “TB2” في أكثر من 60 هجومًا أوكرانيا على الدبابات وقطع المدفعية والمركبات الروسية وحتى قطارات الإمداد، لكن حرب الطائرات بدون طيار في أوكرانيا أثارت تساؤلات حول قدرة تركيا على الحفاظ على علاقاتها مع موسكو، وكذلك التزاماتها تجاه كييف.
وفي السنوات الأخيرة، سوقت تركيا لطائراتها بدون طيار منخفضة التكلفة لما يقرب من 20 دولة، لتتمكن أنقرة من بسط نفوذها الجيوسياسي والتموضع في صراعات إقليمية ودولية.
وأدى توسع مشاركة المسيرات التركية في نزاعات مثل ليبيا إلى التحفز ضدها، لتتشكل تحالفات فضفاضة جديدة تهدف إلى تقييد القوة التركية.
كذلك أعرب الجمهوريون والديمقراطيون في الكونجرس الأمريكي عن قلقهم من انتشار طائرة بيرقدار التركية، خاصة بعد تأثيرها في نزاع ناغورنو كاراباخ عام 2020 .
وعلى الرغم من جلب هذه الطائرات المزيد من الخصوم لأنقرة، بل وأفسدت تحالفاتها مع الولايات المتحدة وأوروبا، إلا أنها مكنت الحكومة التركية من تغيير صورتها الدولية،
إذ أعطت لأنقرة نفوذاً متجدداً في حلف شمال الأطلسي، ومكنتها من إعادة رسم سياستها الخارجية والتعامل بفاعلية من الصراعات والأزمات الكبرى في العالم.

صفات الطائرة

تجدر الإشارة إلى أن طائرة بيرقدار “TB2” تم إنتاجها وتطويرها من قبل شركة “بايكار” التي يملكها شقيقان وتأسست في عام 1984، وتم تسليمها إلى 16 بلدا وتعد بولندا أول عضو في الناتو يعلن اقتناء 24 طائرة من هذا النوع، وزادت صادرات شركة “بايكار” 7  أضعاف من عام 2006 إلى عام 2021.

واستخدمت لأكثر من 420 ألف ساعة طيران في مهمات بالعراق وسوريا وناجورنو كاراباخ وليبيا ومناطق أخرى، وطول الطائرة 6.5 متر ويبلغ مدى انبساط الجناحين 12 مترا، ويمكن أن تبقى في الهواء لأكثر من 24 ساعة وتصل سرعتها القصوى إلى حوالي 220 كيلومترا في الساعة.

سلعة رابحة

قال طه أوغلو، الباحث في العلاقات الدولية، إن الطائرة بيرقدار التركية تحولت لسلعة رابحة خلال السنوات الأخيرة، مؤكدا أنها لعبت دورا في ليبيا وأذربيجان وأرمينيا وضد روسيا في سوريا.

وأضاف أوغلو خلال مشاركته في برنامج “مدار الغد” أن الطائرات الأمريكية بدون طيار تفوق التركية بكثير من ناحية السرعة وحمولة الأسلحة، لكنها باهظة الثمن، لذلك فإن تركيا كانت بحاجة ماسة لامتلاك وصنع أخرى مماثلة محلية.

وأكد أوغلو أن تركيا استطاعت أن تحجز لها مكانا بين الدول الإقليمية بسبب هذه الطائرات، مشيرا إلى أن أنقرة دخلت أفريقيا من خلال الاقتصاد لكننا لاحظنا بيع الطائرة لنيجيريا وإثيوبيا والمغرب.

رواية كاذبة

فيما يرى سيرجي شاشكوف، العقيد السابق في هيئة أركان الجيش الروسي، أن أوكرانيا تكذب عندما تقول إن “الطراد موسكفا” الروسي أسقطت بواسطة مسيرات تركية، مؤكدا أنها غرقت بسبب حريق نسب على سطح السفينة الروسية.

وأوضح شاشكوف أن الجيش الروسي أسقط 4 طائرات تركية، موضحا أن الطائرات المسيرة لا يوجد بها أي شئ تركي سوى الهيكل.

كما أشار شاشكوف إلى أن التعاقد على الطائرات المسيرة مع أوكرانيا تم في عهد الرئيس الأوكراني السابق بوروشينكو عام 2018، وهو ما يعني أنها صفقة قديمة أي قبل بدء العملية العسكرية الروسية على أوكرانيا.

ازدياد النفوذ التركي

وأكد مايكل باتريك مولروي، المسؤول السابق في وزارة الدفاع الأمريكية، أن العديد من الدول تحاول اقتناء هذه الطائرة بدون طيار، موضحا أن أوكرانيا تعتبرها ذات قيمة عالية في مواجهة الجيش الروسي.

وأشار إلى أن هناك سيناريوهات عديدة حول أسباب غرق الطراد الروسي، لكن الطائرة المسيرة “بيرقدار” زادت بالفعل من نفوذ تركيا في حلف شمال الأطلسي.

وتابع:”الهدف من صناعة الطائرات بيرقدار هو استعادة الإمبراطورية العثمانية، ولكننا ننرى ان هذا نفوذ متنامي ومساعدة من تركيا لأوكرانيا في مواجهة روسيا”.