هل تنسحب إيران من مباحثات “فيينا 3” المقرر عقدها الأسبوع المقبل، لمناقشة سبل الحل السياسي للأزمة السورية؟ التساؤل فرضته تصريحات نائب وزير الخارجية الإيراني، حسين أمير عبد اللهيان، بأن إيران ستنسحب من محادثات السلام بشأن سوريا إذا تبين أنها غير بناءة، مؤكدا لوكالة الأنباء الإيرانية “الطلبة” اليوم الإثنين، أنه “في الجولة الأولى من المحادثات لعبت بعض الدول وخاصة السعودية دورا سلبيا وغير بناء، ولذلك فإن إيران لن تشارك في محادثات السلام إن لم تكن مثمرة”.
محللون سياسيون يعتقدون أن تصريحات “اللهيان” مجرد تهديد غير جدي بالانسحاب من مباحثات حول الأزمة السورية خاصة وأن النظام السوري بحاجة لتواجد الحليف الإيراني داخل جلسات المباحثات، حيث يمثل الموقف الإيراني رافدا لموقف النظام السوري وداعما له.
ورغم التشكيك في الانسحاب الإيراني، إلا أن الترحيب السعودي كان متسارعا، ويؤكد المحلل السياسي السعودي، الدكتور سلمان الدويسري، أن وحود إيران ضمن الدول المشاركة في مباحثات فيينا كان غير مرحبا به من جانب الخارجية السعودية، وبالطبع لن تعلن عن موقفها من التصريحات التي نشرتها اليوم وكالة أنباء إيرانية على لسان “اللهيان” ومن المؤكد أن هناك ترحيبا سعوديا لو تم تنفيذ التهديد الإيراني وانسحبت من مباحثات “فيينا 3”.
وقال “الدويسري” لوكالة أنباء الأناضول، إن ما حرص عليه نائب وزير الخارجية الإيراني هو توجيه اتهامات للمملكة السعودية، في حين أن الموقف السعودي متوافق مع موقف الدول الكبرى والدول الإقليمية بشأن رحيل “الأسد” وإقرار أسس ديمقراطية تحقق الأمن والاستقرار للشعب السوري، وهو ضد التوجه الإيراني الداعم عسكريا وماديا وسياسيا لنظام الأسد.
كانت جلسة مباحثات “فينا 2″، شهدت تجاذبات حادة بين وزيري خارجية إيران والسعودية، واستعراض لمواقف كل دولة تجاه قضايا المنطقة، وحسب تصريح عبد اللهيان للقناة الثانية في التلفزيون الإيراني، فإن الوفد الإيراني سعى في اجتماع فيينا لعدم الدخول في تحدٍ مع السعودية وركز على طريق الحل السياسي للقضية السورية، إلا أن وزير الخارجية السعودي عادل الجبير، أدلى بتصريحات غير متزنة ولا أساس لها، وأبدى سلوكا لا يليق بوزير خارجية دولة، ما حدا بالوزير “ظريف” للرد عليه بحدة،حسب تعبيره.
ووصف تقرير لوكالة الأنباء “فارس” الإيرانية، الموقف السعودي، بأنه كان يريدمن مباحثات فيينا إقرار جدول زمني قصير لتنحي الرئيس الأسد عن السلطة ولم يسع أساسا من أجل مفاهيم كحق وإرادة الشعب السوري لتقرير مصيره، وأوضح التقرير الإيراني أن مشاركة ايران في اجتماع فيينا أدت إلى أن يحظى بالاهتمام ما كنا نسعى إليه في إطار استراتيجيتنا خلال الأعوام الخمسة الماضية وأن نصل عبر حوارات ومداولات صعبة استمرت 7 ساعات إلى حصيلة تم على ضوئها إدراج قضايا مهمة في البيان الختامي.
ويستبعد السفير الدكتور نعمان جلال، مساعد وزير الخارجية المصري السابق للتخطيط السياسي، انسحاب إيران من مباحثات فيينا بسبب الموقف العدائي مع المملكة السعودية، لأن مصلحة مستقبل النظام السوري كما تراه إيران، يفرض وجود فاعل ومؤثر لإيران في المباحثات، ولذلك فإن تصريح نائب وزير خارجية إيران مجرد “تهديد” عابر، القصد منه الإساءة للموقف السعودي.
ويتفق مع هذه الرؤية أستاذ العلاقات الدولية، الدكتور سالم هدهود، معتبرًا أن مجرد اجتماع أطراف لها مواقف شديدة التباين حول طاولة المفاوضات يعتبر بمثابة تقدم، وفي نفس الوقت فإن مشاركة إيران حليفة نظام دمشق في محادثات فيينا، يشكل مؤشراً إضافياً إلى عودة طهران لصفوف الأسرة الدولية بعد بضعة أشهر على توقيع اتفاق حول برنامجها النووي، ويؤكد “هدهود” أن الانسحاب الإيراني سوف يكون مرحبا به من السعودية، وهذا الترحيب سيكون من أهم أسباب حرص إيران على المشاركة وعدم الانسحاب.
