«الطلاق الأكثر تعقيدا في العالم».. هكذا تصدرت العناوين بعض الصحف البريطانية، في إشارة إلى نتائج الاستفتاء التاريخي، التي أعلنت في الساعات الأولى من صباح اليوم، الجمعة، خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بعد ليلة عصيبة من الانقسامات ما بين البقاء والانسحاب.
وتوالت ردود الأفعال الدولية على انسحاب بريطانيا من الاتحاد الأوروبي، خاصة بعد تصاعد الموقف إعلان رئيس الوزراء البريطاني، ديفيد كاميرون، أشد المعارضين لما عرف بـ«البريكست»، استقالته بحلول الخريف المقبل، قائلا: «سأنتظر حتى استقرار السفينة، إلا أني لا أعتقد أن أكون الكابتن الأقدر على الوصول بالبلاد إلى الناحية الأخرى»، معربا عن فخره أنه كان رئيسا لوزراء بريطانيا لمدة 6 سنوات، ومؤكدا أنه تحدث مع ملكة بريطانيا في هذا الشأن لوضع خطط واضحة.
وصوّت 51,9% من البريطانيين أمس، الخميس، لصالح خروج المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، مقابل 48,1% عبروا عن تأييدهم للبقاء فيه، حسب النتائج النهائية التي أعلنتها اللجنة الانتخابية اليوم الجمعة.
وصوت 17,4 مليون شخص لصالح الخروج من الاتحاد مقابل 16,1 مليون مع البقاء فيه.
وعلى المستوى الأوروبي، تستضيف المفوضية الأوروبية، اليوم الجمعة، محادثات لتحديد ما يتعين القيام به بعد الانسحاب البريطاني، ومن المقرر أن تتفق الأطراف المشاركة في المحادثات على موقف الاتحاد من نتائج الاستفتاء، الذى يقضي بخروج دولة عضو من هذا التكتل لأول مرة منذ تأسيسه، وقبل قمة مقررة لقادة الاتحاد تنطلق الثلاثاء في بروكسل.
وفي أمريكا، نقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسؤول بالبيت الأبيض، أن الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، يعتزم الحديث إلى كاميرون بشأن نتائج الاستفتاء، الذي كان أوباما من أشد المعارضين له.
وكان أوباما قد كتب مقالا في أحد الصحف البريطانية، تزامنا مع زيارة أجراها إلى لندن قبل شهر، أوصى فيه البريطانيون بالتصويت لصالح البقاء في الاستفتاء، ما أثار العديد من الانتقادات للرئيس الأمريكي، الذي تدخل بشكل مباشر وصريح في الشؤون الداخلية البريطانية.
ويبدو أن الأثر الاقتصادي، الذي طالما تم التحذير بشأنه، قد بدأت بوادره فور الإعلان عن نتائج الاستفتاء بالخروج من الاتحاد الأوروبي، حيث هبطت أسعار النفط أكثر من 6% اليوم الجمعة، تزامنا مع حالة من الغموض الشديدة التي سادت سوق النفط.
وفي اليابان، تكبدت الأسهم اليابانية أكبر خسائرها اليومية في أكثر من 5 سنوات اليوم الجمعة، حيث هوى مؤشر نيكي القياسي 7.9% ليغلق عند 14952.02 نقطة بعدما نزل إلى 14864.01 نقطة أثناء الجلسة ليسجل أدنى مستوى له منذ أكتوبر 2014.
وفي أول رد لرئيس المجلس الأوروبي، قال دونالد توسك، في تدوينة له على صفحته الرسمية بتويتر، إن «نيابة عن الأعضاء الـ 27 في الاتحاد الأوروبي، نحن عازمون على المحافظة على وحدتنا».
فيما أعرب السياسي الألماني، عضو الاتحاد الأوروبي مانفرد ويبر عن أسفه لخروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي بما سيسبب «دمار كبير لكلا الطرفين».
خروج بريطانيا لن يحدث بين ليلة وضحاها، كما قالت صحيفة الإندبندنت البريطانية، فقد يستغرق خروجها حتى عام 2020، إلا أن المفاوضات حول ذلك قد لا تكون سهلة، وهو ما أشار إليه ويبر بأن «لن يكون هناك معاملة خاصة في المفاوضات بشأن خروج بريطانيا، الانسحاب يعني الانسحاب، المفاوضات لا بد ألا تستغرق أكثر من سنتين».
وفي بريطانيا، أكد بنك إنجلترا في تدوينة على تويتر، أنه أجرى محادثات مع كافة السلطات البريطانية لوضع الخطط المستقبلية.
وفي بيان له، قال البنك، إنه سيكون هناك فترة من عدم التأكد والتكيف نتيجة للتصويت بالانسحاب، إلا أنه لن يكون هناك تغييرات حالية في سبل تنقل الأفراد والبضائع حتى تقيم بريطانيا علاقات جديدة مع دول أوروبا، مشيرا إلى أنه بالتعاون مع الخزانة تم الإعداد لخطط طارئة لهذه الفترة.